أخذت الأم تتأمل أطفالها الثلاثة أثناء نومهم بينما تسيل الدموع علي وجنتيها ورأسها مثقلة بالتساؤلات عن مصير فلذات كبدها بعدما قام الأب بتطليقها وتركها تخاطب وحدتها حتى كادت أن يغشى عليها من شدة البكاء والمصاحب للنواح بصوت مبحوح. خشية أن يستيقظوا من نومهم. واستلقت الأم فوق السرير محتضنة رضيعها الصغير ذو الوجه الملائكي ليشير بأصبعه إلي ثديها رغبة منه للحصول على وجبة دسمة تبعث بداخله الدفء والحنان، لتنهار الأم في البكاء وتتساقط قطرات الدموع لتغرق وجهه. لتنتفض وتعد له وجبة غذائية سريعة في محاولة لعدم بكائه وبحنان الأم نجحت في أن يعود إلى نومه الهادئ، لتفيق في الصباح بعد أن اتخذت القرار، توجهت إلي نيابة الضاهر ليستقبلها وكيل أول النيابة مصطفى ماهر، والذي هدأ من روعها وطالبها بأن تروي له مأساتها مع الطبيبة التي مات قلبها وتحجرت مشاعرها حيث قضت على أنوثتها ودمرت حياة أسرة بسيطة لا يعنيها من الدنيا شيء سوى قدوم عائلها نهاية كل يوم لتأنس به ويأنس بها. "حسبي الله ونعم الوكيل" بهذه الكلمات بدأت الأم حديثها بعد أن علت الدهشة وجه وكيل النائب العام ليس من الكلمات لكن بعدما همس الحرس الخاص به بحضور الطبيبة، والتي تطالبه بسرعة الدخول نظرا لارتباطها بإجراء جراحات بالمستشفى التي تعمل به، سمح لها بالدخول وما أن شاهدتها الأم انهمرت في بكاء شديد، وتستطرد قائلة: لقد دمرتي حياتي وقضيت على مستقبلي وقتلتي كل مشاعر الأنوثة بداخلي لتعلو وجه الطبيبة علامات الاندهاش أيضا محاولة استعادة الثقة بالنفس. وبصوت مبحوح قالت: لقد أحسست ببعض الآلام بصدري منذ فترة ونصحتني إحدى صديقاتي بالذهاب إلي المستشفي التي تعمل به الطبيبة وبعد أن قامت بإجراء الكشف الطبي والاستشارات المتتالية واستنزاف أموالي مابين تحاليل وأدوية، فاجأتني بأنني مصابة بورم خبيث في صدري ويجب إجراء جراحة فورية لاستئصال ثديي. وتابعت الأم قائلة: امتثلت للأمر الواقع وما أن بدأت أن أتماثل للشفاء فوجئت بزوجي بعد أن هنأني بسلامة العودة يرسل لي ورقة طلاقي تاركا لي ثلاثة أطفال أبرياء أصغرهم رضيع، خيم الحزن على المنزل ومرت الحياة أمام عيني في لحظة، وبعد عدة أيام شعرت بألم بسيط في صدري توجهت إلى أحد الأطباء وبعد أن قام بالاطلاع علي الإشاعات والتحاليل الطبية جحظت عيناه وبكلمات المواساة التي جعلت قلبي ينزف دما أكد لي بأنني غير مصابة بهذا المرض اللعين وانهمرت في البكاء مرة أخرى. وأنكرت الطبيبة الاتهام الموجه إليها وتحدثت بلغة العالم الفقيه، حتى فاجئها وكيل النائب العام بتقرير الطب الشرعي الذي أفاد أن الإصابة التي لحقت بالزوجة ما هي إلا تشويه وليس عاهة مستديمة. وعدم إصابة الزوجة بأورام الثدي..لتختفي كل المعاني والمشاعر من على وجه الطبيبة، والتي ازدادت ضربات قلبها في انتظار قرار وكيل النائب. وقرر وكيل النيابة إخلاء سبيل الطبيبة على ذمة التحقيقات، لتنذرف دموع الزوجة علي وجنتيها وأخذت تهذي بكلمات غير مفهومة وبلسان حال تدعو الله أن ينتقم من أي طبيب يخل بشرف المهنة بحثا عن المال أنى كان وكيف يكون .