تجمعت العائلتين وسط الموسيقي الصاخبة والزغاريد وتبادل التهنئة بليلة الحنة بينما تجلس العروس ويعلو وجهها الفرحة والسعادة حيث تتسابق الفتيات ويقرصن ركبتيها امتثالا للمثل الشعبي المصري والدارج " نقرصها في ركبتها عشان نحصلها في جمعتها" ومتمنيات أن يلحقن بها. حملت الفتيات الصينية المملوءة بالحنة والشموع التي أضاءت واخترقت ظلمة الشارع في بهجة وسرور وهن يطوفن الشوارع المجاورة وتسبقهن الزغاؤيد الرنانة إعلانا عن الزفاف في اليوم التالي، ليقترب شقيق العريس وتبدو على وجهه علامات القلق والخوف فشقيقه لم يحضر منذ الصباح الباكر، وما أن همس في أذن الأم والتي وقعت مغشيا عليها فور علمها بوفاة ابنها أثناء الاحتفال بليلة حنته. وأمام محمود حسن مدير نيابة الإسماعيلية وقفت العروس مرتدية الملابس السوداء وبدموع تنهمر على وجنتيها وبصوت متحشرج مبحوح أخذت تهذي بكلمات غير مفهومة، هدأ وكيل النائب العام من روعها والذي بدت على وجهه أيضا علامات الدهشة والحيرة لتقديم العزاء فالموقف محزن بكل المقاييس. حيث بدأت حديثها قائلة: لقد أحببته من كل قلبي كان بمثابة الزوج والحبيب والشقيق والأب فالجميع يعرفه حيث كان دمث الخلق ولا يتوانى عن مساعدة أي شخص سواء كان يمر بمحنة أو مشكلة، كان قلبه ينبض بالحب والخير لكل الناس، حسدني الجميع على الفوز بقلبه وزواجه مني، فوفاته أصبحت لغزاً محيراً خاصة يوم الحنة. فالمشهد الذي عايشته مع الأهل والأصدقاء كان أكبر من تحملنا، وانهمرت في البكاء واستطردت قائلة: حيث شاهدنا جسده النحيف وهو يتدلى أسفل سقف برج الحمام الذي تجمع فوق كتفيه وكأنه يواسيه في يوم عرسه بإحدى المزارع المجاورة حيث كاد الحبل أن يفصل رقبته عن جسده، فليس له أية عداوة مع أحد، وأرجو أن يوفقك الله ياسعادة وكيل النائب العام لمعرفة سبب هذه الفجيعة التي قتلت الفرحة في قلبي وقلب كل من أحبه. وتطلب السماح لها بالانصراف حيث بدت عليها حالة من الإعياء الشديد. وعلى الفور قرر وكيل النائب العام عرض جثة العريس الشاب على الطب الشرعي وسرعة تحريات المباحث حول الواقعة.