خلال اجازة العيد قررت الهروب إلي مسقط رأسي جنوبالأقصر المكان الذي اعتبره أجمل بقاع الأرض ليس بسبب سحر جمال الطبيعة فقط ولكن العامل الأهم هو نقاء قلوب سكانه ، الذين يعملون أشبه ما يكونوا بخلايا النحل رغم تجاهل الحكومات لمطالبهم وكأنهم مواطنون ليسوا من سكان مصر المحروسة، علماً بأن نصف الخضروات التى تصل إلى القاهرة من عرق وجهد أبناء الجنوب. وأكثر من 50% من عائد السياحة بسبب الآثار الموجودة فى الجنوب . بعد دقائق قليلة من وصولى إلى مطار الأقصر لم أرى الفرحة في وجوه من التقيت بهم ، رغم انني سابقاً منذ عدة سنوات كنت أجد وجوههم ضاحكة تصدر ابتسامات ، كنت أضحك عندما اسمعهم يتكلمون أكثر من ضحكى علي أفلام نجوم الكوميديا فى الزمن الحالى. لاحظت أن عيون أهل الجنوب أصبحت مغلفة بحزن عميق لتردى الأوضاع وانتشار جرائم الترويع وخطف السيارات وهى جرائم لم يعرفها جنوب مصر من زمن المماليك ولكنها ظهرت فى أعقاب الثورة فى فترة الانفلات الأمنى. الحزن الذى رأيته في عيون سكان قرى جنوبالأقصر جعلنى استقصى عن أسبابه وحاولت أن أعرف الاجابات منهم فكانت المعلومات الصادمة التى أقدمها لحكومة الدكتور الببلاوى الذى عليه أن يتذكر أن هناك رعايا له فى جنوب مصر ويركز في مطالبهم. واحد من أصحاب العيون الحزينة قال لى أنه بلا عمل منذ عدة شهور حيث كان يعمل على متن باخرة سياحية لكن بعد تدهور الاوضاع من وجهة نظر العالم كان قرار الاستنغاء عنه إلى حين انتظام حركة السياحة وكانت اجابة آخر بأنه له سيارة ملاكى تعمل لنقل ركاب مطار الأقصر لو خرج بتوصيلة واحدة كل 3 أيام يشكر الله ، أما سابقاً كان ينجز باليوم الواحد 4 توصيلات . وعليه أقساط متراكمة للبنك من 8 شهور ولم تختلف الاجابات فكلها تصب حول ضيق الرزق وقلة فرص العمل ، البطالة هناك تفوق التوقعات فمعظم الشباب كان يجد فرصته فى السياحة إلى حين ظهور وظيفه تناسب مؤهله. والملاحظة الطريفة ان جنوبالاقصر بها اكبر نسبة تعليم عالي وبها قرى المطاعنه التى توصف بأنها سوربون الصعيد بسبب ارتفاع أعداد طلبة كليات القمة فى الجامعات الحكومية والخاصة ولكن ليس لهم حظ مع الحكومات لأن الوظائف تمنح لغيرهم من أقارب أهل السلطة والنفوذ. العشرات من خريجي هندسة اسيوط وقنا وأسوان في طابور البطالة وفرص وظائف الكهرباء حصل عليها خريجو التجارة والآداب والزراعه. واحد من خريجى الهندسة قال لى أنه وعد والده بأنه سوف يحقق حلمه وبالفعل نجح فى الثانوية العامة بنسبة 98 % والتحق بكلية الهندسة وحصل علي تقدير عام جيد جدا ولكنه كلما يتقدم إلى مسابقة تكون محجوزة لأبناء العاملين ، الأمر الذى جعله يفقد انتماءه لوطن لم يراع اجتهاده. وما شعرت به أن أهالى الجنوب داخل قلوبهم حزن وألم من الحكومة الحالية والسابقة وقبل السابقة فهم يريدون أن تكون هناك خطط لمشروعات عملاقة تستوعب البطالة التى ممكن ان تحول ضعاف النفوس إلى أشخاص غير أسوياء وربما تدفع بعضهم إلى أن يتحول إلى شخصيات مدمرة لأى نجاح فى المجتمع . أتمنى من مسئولى الحكومة النظر فى أحزان سكان جنوب الصعيد بإقامة مشروعات حقيقية وليست إعلامية ،كثيراً ما نسمع عن مشروعات بالجملة لتنمية الصعيد ولكن مع الأسف تكون على صفحات الصحف فقط وأتمنى أن نتعلم من أخطاء الماضى، فى ثمانينات القرن الماضى تجاهلت الحكومة مطالب وسط الصعيد فاستغلت أيادى الارهاب القذرة النفوس الضعيفة وكانت العمليات الارهابية التى ابكتنا والحمد الله تخلصنا منها ولانريد شبحها مرة أخرى. ارحموا سكان الصعيد لأن بعضهم أعلنها صريحة أنه لن يشكو لبشر من ضيق الحال ولكن سوف تكون شكواهم إلى الله رب العالمين ربهم ورب الوزراء فى حكومة د.الببلاوى. حفظ الله مصر .