يعرف معظمنا الفيلم الرائع "أرض النفاق"، الذي قام ببطولته الفنان الراحل فؤاد المهندس، و الفنانة الجميلة شويكار، و الذي أنتج عام 1968. قام الأديب يوسف السباعي في روايته أرض النفاق بفضح مظاهر الفساد الاجتماعي و السياسي الذي كان موجود حينها، وربما هذا الفساد الذي مازال مستمرا حتي وقتنا هذا، تناول الفيلم الأخلاق بشكل مختلف حيث تم تجسيدها في حبوب "صراحة، شجاعة، نفاق" للسخرية من كل المنافقين، و لكن حتى الحبوب في النهاية لم تفِ بالغرض. ووصل الأمر في نهاية الرواية بعد تعاطي جرعات من حبوب النفاق، الشجاعة، و الصراحة، و بدون الوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف، إلى الرسالة الأساسية "مغلق لعدم وجود أخلاق". و ينطبق هذا على الحياة بشكل فعلي، فالأخلاق لا تحتاج إلى حبوب بل تحتاج إلى إرادة من داخل الإنسان، و أبسط الأمور فمصر لن تنصلح برئيس فقط، و إنما بإصلاح ما فسد فينا، فالرشوة ليس الرئيس سببها بل خلق الشخص، و النفاق خلق في الشخص، و الكذب، الخيانة، و إيذاء الآخرين، والغيرة، و الأحقاد، و العنف و الكثير من الأمور كلها ليست بسبب السلطة و الحكم، و لكنها الأخلاق.. و يُرجع البعض أسباب هذا الفساد للظلم الموجود، ربما يكون هذا سبب ولكن هل يحارب الفساد بالفساد؟، هل أنتقد طاغية بأن أتحول لطاغية آخر؟، فالكثير أصبح يفكر فقط فيما يريده دون النظر إلى طريقة الوصول و مشروعيته أو النظر للآخرين وحقوقهم و مشاعرهم. و قامت بوابة أخبار اليوم بعمل جولة بين فئات مختلفة، لرصد بعض الآراء حول الأخلاق و تأثيرها، فكانت الآراء كالتالي : "فعلا مبقاش في أخلاق في أي حاجة" قالت هذا "مي"، مضيفة : الشارع كله مأساة، معاكسات تلاقي، سرقة تلاقي، شتايم تلاقي، ده حتى بين الأخوات غيرة و نفسنة ومشاكل كتير، و متهيألي السبب في الفلوس كله عاوز فلوس عشان يقدر يعيش كويس، و في نفس الوقت مافيش فلوس فممكن الشخص يضحي بأي حاجة وكل حاجة لمجرد إنه يوصل للفلوس. و اختلفت معها في الرأي "ماجدة" قائلة : الأخلاق موجودة بس تطبيقها مع ناس معندهاش أخلاق هو اللي بيعمل ده، هو اللي بيخلينا نشوف الناس مفيهاش أخلاق، بس المشكلة إن الحلو مش بيبان في وسط ناس عديمة الأخلاق، ولو كل واحد فينا حاسب نفسه هنقدر نكون حاجة في يوم من الأيام. و علق "نادر" للأسف إحنا اتعودنا إننا عشان نبقى مرتاحين لازم ننافق اللي حوالينا، يعني لو المدير اتعصب عليا لازم أتقبل ده و أقوله أوامرك و أضحك في وشه حتى لو إيه لمجرد إني مخسرش وظيفتي، و لو ليا مصلحة في أي حاجة لازم أفضل أضحك و أنافق اللي حواليا عشان يبقوا راضيين حتى لو على حساب نفسي بس عشان العلاقات تستمر، ولو معملتش كدة هبقى لوحدي، و للأسف اتعودنا يكون معندناش أخلاق بشكل أو آخر. ووصف "زياد" ما يحدث بانقلاب أخلاقي، فكل ما نراه حولنا و نتعجب منه و لا حتى نتمكن من وصفه بشكل صحيح يعود إلى ذلك فالأشخاص ظلوا يتعاملون بأخلاق لفترة ثم وجدوا أن الأخلاق لا تأتي لهم بالحياة الكريمة و أن ثوابها في الآخرة، فالشخص الضعيف يستسلم لرغباته و شهواته و يتناسى الآخرة، أما الشخص الطبيعي يصنع لنفسه حياة كريمة ولو لم يكن لديه أي مقومات مادية أو حتى نفسية بمجرد القناعة و الرضا بما هو عليه.