صدرت أول مؤشرات عن الحكومة المؤقتة في مصر وحلفاء الرئيس المعزول محمد مرسي علي الاستعداد لحل وسط وذلك تحت ضغط من مبعوثين غربيين يسعون لتفادي المزيد من سفك الدماء. وفي مواجهة خطر تعرض أنصار جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس المعزول محمد مرسي لحملة أمنية تسارعت خطى الدبلوماسية بعد مرور شهر على عزل الجيش لمرسي لتهوي البلاد في غمار الفوضى. وفي إقرار للمرة الأولى بقوة الاحتجاجات الشعبية المناهضة لحكمه الذي استمر عاما قال حلفاء مرسي، السبت 3 أغسطس، إنهم يحترمون مطالب الجماهير التي خرجت في احتجاجات حاشدة في 30 يونيو أدت إلى الإطاحة به. وقال أعضاء بالتحالف الوطني لدعم الشرعية - التي ترفض فض الاعتصامات حتى يعاد مرسي إلى منصبه - إنهم يريدون "حلا يحترم كافة الارادة الشعبية." وأضافوا لوسطاء من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي إنهم يرفضون أي دور للقائد العام للقوات المسلحة عبد الفتاح السيسي في أي حل سياسي ويريدون إعادة العمل بدستور 2012 الذي تم تعطيله. وقال المتحدث باسم التحالف الوطني لدعم الشرعية طارق الملط "أنا احترم واقدر مطالب الجماهير التي خرجت في 30 يونيو ولكن انا لن ابني علي الانقلاب العسكري". وأضاف "إذا اصر معارضو مرسي على انه يجب ألا يكون جزءا من "المعادلة السياسية، فان صمود واعتصام الملايين في الشوارع علي مدار خمسة اسابيع يقتضي عدم وجود الفريق اول عبد الفتاح السيسي في المعادلة السياسية في الفترة القادمة". وقال السيسي، لصحيفة واشنطن بوست، ردا على سؤال هل سيرشح نفسه لمنصب الرئيس، "انه لا يطمح إلى السلطة". وأضاف السيسي لمحاوره "أنت لا تصدق أن بعض الناس لا يطمحون إلى السلطة" وسئل "هل أنت منهم؟" فرد بقوله "نعم". وقالت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" إن السيسي ابلغ الولاياتالمتحدة يوم السبت أن القيادة المصرية الجديدة تعمل من اجل تحقيق مصالحة سياسية. وأدلى السيسي بهذه التصريحات خلال مكالمة هاتفية مع وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل. وعبر هاجل خلال المكالمة عن قلقه من العنف في مصر بعد الإطاحة بالرئيس مرسي. وأبدت الحكومة المؤقتة الجديدة لمصر نبرة تصالحية إذ وعدت انصار مرسي بالخروج الآمن من اعتصاماتهم وحثتهم على العودة للمشاركة في الحياة السياسية. وتصاعدت الجهود الدبلوماسية بعد مرور شهر من عزل مرسي - اول رئيس منتخب بارادة حرة وهو ينتمي إلى جماعة الاخوان المسلمين - بعد موجة ضخمة من المظاهرات في الشوارع. والتقى بيرنز وباترسون وليون بوزير الخارجية المصري نبيل فهمي في الحكومة المؤقتة قرابة ساعة صباح يوم السبت. وقال بيان لوزارة الخارجية المصرية ان فهمي اكد على التزام الحكومة المؤقتة بخارطة الطريق الانتقالية التي تنتهي بانتخابات جديدة. وقال البيان ان الحكومة الجديدة تريد تحقيق المصالحة الوطنية التي تضم كل القوى السياسية "طالما التزموا بالنهج السلمي ونبذ العنف والبعد ان كافة اعمال التحريض." واكد البيان على عدم ممانعة مصر في "استقبال الوفود الأجنبية والاستماع إلى ارائهم ووجهات نظرهم إلا أن القرار النهائي فيما يتعلق بالشأن الداخلي هو بطبيعة الحال في أيدي الحكومة المصرية وحدها وتتخذه وفقا لإرادة الشعب المصري." وقال البيان إن المبعوثين الدوليين تحدثوا عن الحاجة إلى انهاء العنف والمصالحة في البلاد واعادة العملية السياسية الشاملة. وقال فهمي للصحفيين بعد الاجتماع ان اتصالات جرت مع الإخوان المسلمين. وأضاف فهمي انه لا يريد ان يستخدم كلمة "مفاوضات" لكن اتصالات جرت مع بعض الشخصيات الإخوانية. وقال انه ليست هناك رغبة في استخدام القوة ما دام هناك مجال لنجاح أي أسلوب آخر. وأضاف أن هذه الأساليب لم تستنفد بعد لكنه قال في الوقت نفسه انه لم ير اي تقدم حقيقي. وفي الوقت نفسه ظهر المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء هاني عبد اللطيف على التلفزيون ووعد أنصار مرسي بالخروج الآمن من اعتصاماتهم. وقال إنهم ضحايا لعملية "خطف ذهني" من قادة جماعة الإخوان المسلمين. وأضاف عبد اللطيف، الذي ارتدى الزي الصيفي الأبيض للشرطة، أن الاعتصام ليست له فائدة قانونية او سياسية ووعدهم بإعادة دمجهم في الحياة السياسية. وقالت وزارة الداخلية الجمعة انها لن تقتحم الاعتصامات لكنها قد تغلق الطرق المؤدية اليها. وقال عبد اللطيف موجها كلامه للمعتصمين إن خروجهم الآمن من الاعتصامات سيسمح للجماعة لعودة دورها في العملية السياسية الديمقراطية. لكن عبد اللطيف قال في تصريحات اقل تصالحا إن الكثير من الناس يريدون الخروج من الاعتصامات لكنهم يواجهون التهديدات من القادة. وقال ان اي شخص شارك في جرائم - بما في ذلك الخطف والتعذيب والقتل - سوف يواجه المحاكمة. وأضاف موجها حديثه للمعتصمين انهم تعرضوا لغسل الدماغ والتلاعب النفسي وانهم يستخدمون كوسيلة للتفاوض. وتولى مرسي الحكم بعد الإطاحة بحسني مبارك في فبراير شباط 2011. لكن غضب المصريين تصاعد على فشله في حل المشكلات الاجتماعية والسياسية. وحصلت الحكومة الجديدة على مباركة الولاياتالمتحدة يوم الخميس عندما قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ان الجيش كان "يستعيد الديمقراطية" عندما اطاح بمرسي. وكانت مصر في ظل حكم مبارك حصنا للسياسة الامريكية في الشرق الأوسط على الأقل لأنها مرتبطة بمعاهدة سلام مع اسرائيل. وهددت الإطاحة بمرسي المساعدات العسكرية التي تحصل عليها مصر من الولاياتالمتحدة بقيمة 1.3 مليار دولار سنويا. وقال محللون إن مدنيين في الحكومة الجديدة يحاولون الدفع بامكانية الحل السياسي للأزمة على الرغم من مقاومة الأجهزة الامنية التي تريد حملة امنية صارمة على الإخوان بدعم من التفويض الشعبي الكبير. ووضعت الحكومة الجديدة خارطة طريق تتضمن اجراء انتخابات برلمانية تبدأ بعد حوالي ستة اشهر. لكن جماعة الاخوان المسلمين تقول انها لا تريد المشاركة في خارطة الطريق. وتعتبر الجماعة عزل مرسي انقلابا عسكريا على حاكم منتخب شرعيا. وتهدد احتجاجات الإخوان الاستقرار الذي تحتاجه الحكومة لاستعادة عافية الاقتصاد المصري الذي يمر بأزمة عميقة. والقت السلطات القبض على عدد من قادة جماعة الإخوان بتهمة التحريض على العنف مما اثار المخاوف الدولية من احتمال وجود خطة لإقصاء الجماعة التي تعرضت للقمع لعقود حتى اطيح بمبارك.