عندما يقرر الإنسان فعل شيء فلا يعرف معني المستحيل برغم عدم وجود إمكانيات تساعده وكثرة العقبات التي تعيقه ،هنا تصبح الإرادة الإنسانية أقوي من أي شيء . ومن أبرز رموز الإرادة الإنسانية هي الأديبة الأمريكية هيلين كيلر صاحبة المقولة الشهيرة " عندما يُغلق باب السعادة، يُفتح آخر ، ولكن في كثير من الأحيان ننظر طويلا إلى الأبواب المغلقة بحيث لا نرى الأبواب التي فُتحت لنا " . هيلين كيلر أديبة وناشطة أمريكية عمياء وصماء ، استطاعت أن تتغلب على إعاقتها حتى لقبت بمعجزة الإنسانية. ولدت هيلين كيلر في يونيو 1880 في الولاياتالمتحدةالأمريكية كأي طفلة سليمة لم يكن بها إعاقة حتى أصيبت بمرض وهي تبلغ تسعة عشر شهراً أفقدها السمع والبصر ، وكانت تتواصل مع من حولها بلغة الإشارة حيث قامت بتعليمها تلك اللغة "مارتا واشنطن " ابنة طباخة العائلة ، حتى أصبح لديها 60 لغة إشارة تتواصل بها مع الآخرين في السابعة من عمرها . وعلى الرغم من إعاقتها استطاعت الحصول على شهادة في اللغة الإنجليزية ، فاصطحبها والديها إلى طبيب مختص حتى يقوم بتقديم نصيحة لهم ، فنصح والديها بالتوجه إلى معهد بركينس لفاقدي البصر وهناك بدأت هيلين التعلم طريقة الكتابة ، فبدأت معلمتها التواصل معها عن طريق كتابة الحروف في كفها وتعليمها الاحساس بالاشياء عن طريق اللمس ، فكانت تسكب الماء على يدها لتتعرف على الماء وغيرها من الأشياء وبدأت في التعرف على لعبتها أيضاً . وبعد مرور عام تعلمت هيلين تسعمائة كلمة واستطاعت أيضا دراسة الجغرافيا وعلم النبات وقراءة الأبجدية الخاصة بالمكفوفين وأصبح بإمكانها الاتصال بالآخرين عن طريقها. طلبت هيلين من مدرستها تعليمها الكلام ، فبدأت تعليمها عن طريق لمس شفاه الآخرين وحناجرهم عند الحديث وطباعة الحرف على كفها ، وفيما بعد تعلمت طريقة برايل للقراءة ، واستطاعت القراءة من خلالها بعدة لغات آخري غير الانجليزية كالألمانية واللاتينية والفرنسية واليونانية . وفي فترة لاحقة قامت مدرسة هيلين بأخذها إلى معلمة قديرة لتعلمها الكلام فبدأت معها بوضع يديها على فمها أثناء حديثها لتشعر بدقة طريقة تأليف الكلمات باللسان والشفتين ، وظلت فترة طويلة هكذا قبل أن يصبح باستطاعة أحد أن يفهم حديثها ، فبدأت هيلين جاهدة في تحسين النطق واللفظ حتى ازداد وضوحاً عام بعد عام وأتقنت أيضا الكتابة وأصبح خطها جميلاً ومرتباً . ثم التحقت هيلين بمعهد كامبردج للفتيات حتى تخرجت من الجامعة عام 1904 حاصلة على بكالوريوس علوم وفلسفة في الرابعة والعشرين من عمرها . ذاعت شهرة هيلين كيلر فراحت تنهال عليها الطلبات لإلقاء المحاضرات وكتابة المقالات في الصحف والمجلات، وعزمت هيلين على تكريس كل جهودها للعمل من أجل المكفوفين، وشاركت في التعليم وكتابة الكتب ومحاولة مساعدة هؤلاء المعاقين قدر الإمكان. وكانت في وقت فراغها تخيط وتطرز وتقرأ كثيراً ، وتعلمت أيضاً الغوص والسباحة وقيادة العربة ذات الحصانين. ثم قفزت قفزة هائلة بحصولها على شهادة الدكتوراه في العلوم والفلسفة ، فهي حقا معجزة بشرية عظيمة ، وحصلت أيضاً على درجات فخرية وأوسمة من مختلف العالم . وقامت بتأليف كتابين حتى وافتها المنية وهي تبلغ ثمانية وثمانين عام .