تتلاحق الاحداث المؤسفة والمؤلمة التي تجتاح قلوبنا جميعا، هذا التلاحق الذي أعتبره لا محالة هو الطريق إلي الهاوية وذلك ان لم نقف جميعا وقفة صارمة وقوية ونبحث من خلالها عن الاسباب الحقيقية وراء تلك الصراعات والاحتقانات التي تهدد سلامة وامن وطننا والعمل علي علاجها بشكل قطعي، فبالرغم من انه لم يمر علي الحادثة التي وقعت بليلة عيد الميلاد الماضي بنجع حمادي سوي ايام قليلة حتي وقعت حادثة اخري مؤسفة بين مجموعة من الاقباط والمسلمين من اهالي منطقة الريفية بمطروح. وادرك جيدا بأنه لايوجد اضطهاد ضد الاقباط بمصر، لذا فدائما ما انادي بجميع المحافل واللقاءات المحلية والدولية اننا لسنا مضطهدين بل اننا نعيش اكثر العصور ايجابية عما ذي قبل ودليلنا علي ذلك تلك الفترات الاليمة التي عاشها الاقباط وسط حالة من القهر والظلم والطغيان بعصر مثل عصر الدولة الرومانية، ولكن هناك بعض التجاوزات التي تطل برأسها من وقت لآخر علي ارض الواقع والتي تمنع تحقيق المفهوم الحقيقي للمواطنة وتعطل عجلة التنمية لتقدم مجتمعنا المصري، وقد آن الأوان لنتحدث بها بكل شفافية ووضوح وان نبحث بكل الملفات التي مازالت مفتوحة حتي الان دون وضع خطوط حمراء.. ولكن مع مراعاة عدم تجريح للمشاعر وليكن كلامنا مملحا وموضوعيا، ذلك بالاضافة لوضع آليات حقيقية لتفعيل هذا المبدأ بعيدا عن المسكنات التي سئمنا منها جميعا بوضع خطط منظمة تكون قريبة ومتوسطة وبعيدة المدي، ولنبدأ بتلك المتطلبات التي يتمني كل الاقباط بمصر ان تتحقق »كقانون دور العبادة الموحدة، وقانون الاحوال الشخصية لغير المسلمين، وان تستند التعيينات بكل الادارات إلي معيار واحد الا وهو الكفاءة وليس غيره«. ومن ثم هناك بعض المقترحات التي اتمني ان تتحقق لدعم ثقافة المواطنة بين المصريين جميعا، ومنها انشاء لجان للمواطنة بجميع الوزارات تعمل علي نشر قيم التسامح والمحبة وقبول الاخر بين الشعب المصري وأسوة بما قامت به وزارة الثقافة مؤخرا بانشاء لجنة للمواطنة تابعة للمجلس الاعلي للثقافة تضم العديد من المفكرين والمثقفين يسعون من خلالها إلي وضع اليات حقيقية لتدعيم هذا المبدأ من خلال اعمال ثقافية وادبية وفنية وسينمائية.. وغيرها من الاعمال التي تهدف لتعزيز كل ما يعلو ويسمو من ثقافة وأدب المجتمع المصري. ويأتي دور وزارة التربية والتعليم بالعمل علي تنقية المناهج التعليمية والتركيز علي كل ما يدعم قيم المواطنة ووجود »مادة للأخلاقيات« تدرس لجميع المراحل التعليمية بدءا بالاطفال حتي المراحل الجامعية. وايضا دور الاعلام الذي يأتي بالتقصي السليم حول ملابسات ومسببات اية احداث قد تقع دون فرقعة اعلامية لاتتسم بالصراحة والواقعية قد تؤدي لزيادة حالات الاحتقانات، بجانب تسليط الضوء علي الواقع بين المواطنين وما به من مشاعر للتآلف والتآخي. ولا أنسي الدور الهام لكل من المنزل والمسجد والكنيسة القائمين بوضع البذرة الاولية للمعني الحقيقي للمواطنة وما يحمله هذا المفهوم من معان نبيلة. والاهم من ذلك هو العمل علي وجود خطاب ديني مستنير يبعد كل البعد عن المواضيع التي قد تبعث بنفوس المصريين جميعا اية مشاعر للكراهية والحقد، بالاضافة إلي ابراز خطورة اكيدة تتمثل في خلط السياسة بالدين. وأخيرا دراسة جميع المشكلات بشكل علمي اكاديمي للوصول إلي اسبابها والمتسببين في احداث مثل تلك المشكلات، والبت بها بحلول رادعة من خلال تطبيق عدالة ناجزة والضرب بيد من حديد علي ما تساومه نفسه علي التفريق من وحدتنا التي تآلفنا وعشنا بها الاف السنين، ولا انسي القرار الحكيم للرئيس محمد حسني مبارك عندما أمر بتحويل ملف قضية نجع حمادي إلي محكمة امن الدولة.