الوزراء: نستهدف الحفاظ على مكتسبات ذوي الهمم من إعفاءات السيارات    حركة تنقلات لرؤساء الوحدات المحلية بأشمون محافظة المنوفية    بشرى سارة.. دعم مشروعات المرأة والشباب في مطروح بتمويلات ميسرة    مصر تطالب إسرائيل بتفسير حول ما يسمى ب«إسرائيل الكبرى»    وزير الخارجية: الاعتراف الدولى بفلسطين يكشف عزلة إسرائيل    مقتل 3 أشخاص على الأقل ونزوح الآلاف جراء حرائق غابات في جنوبي أوروبا    حسام البدري: لم أطلب ضم عبد القادر لأهلي طرابلس    توتنهام يعزز تقدمه بالهدف الثاني أمام باريس سان جيرمان في السوبر الأوروبي    اتحاد جدة يدعم صفوفه بظهير الفتح    إصابة شخصين في حادث تصادم ملاكي وتوك توك بالإسماعيلية    إطلاق اسم إيهاب فهمي على الدورة الثالثة لمهرجان القاهرة الدولي للطفل العربي    «السيرة أطول من العمر».. نصائح قاسية من استشاري نفسي للفنان محمد رمضان    "ملف اليوم" يسلط الضوءَ على أزمة تعيينات جيش الاحتلال الإسرائيلي    ما حكم من يحث غيره على الصلاة ولا يصلي؟.. أمين الفتوى يجيب    زوجي رافض الإنجاب مني لأن لديه أبناء من زوجته الأولى.. فما الحكم؟.. وأمين الفتوى ينصح    محافظ قنا يحيل صيادلة في الوحدة الصحية بعزبة الأمير إلى التحقيق    مصر تحصد ذهبية تتابع الرجال ببطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عامًا بالإسكندرية    مدحت قريطم يدعو لاستئناف قوافل التوعوية بقواعد المرور بالمدارس والجامعات    كريم محمود عبد العزيز ينتظر عرض فيلمه طلقنى خلال الفترة المقبلة.. صورة    مصرع شاب سقط من أعلى حائط بسوهاج    رئيس الأركان الإسرائيلي: نواجه حربًا متعددة الساحات ونتبنى استراتيجية جديدة    أمين الفتوى بقناة الناس: المتوفى يشعر بالزائر ويستأنس به    السكة الحديد تُعلن مواعيد تشغيل قطارات خط القاهرة - السد العالي    محافظ المنيا ورئيس الجامعة يفتتحان وحدة العلاج الإشعاعي الجديدة بمستشفى الأورام    إخلاء سبيل 6 متهمين بالتشاجر في المعادى    جامعة الفيوم تنظم قافلة طبية بقرية اللاهون    ارتفاع مخزونات النفط الخام ونواتج التقطير في أمريكا وتراجع البنزين    خالد الجندي ل المشايخ والدعاة: لا تعقِّدوا الناس من الدين    خالد الجندي يوضح أنواع الغيب    محافظ الجيزة يعتمد تخفيض تنسيق القبول بالثانوية العامة ل220 درجة    السلطة الفلسطينية تعرب عن استعدادها لحكم قطاع غزة    الرئيس والإعلام ورهانه الرابح    رئيس اتحاد اليد بعد التأهل التاريخي: قادرين على تخطي إسبانيا    وصية محمد منير    تستعرض جمالها.. ياسمين صبري تخطف الأنظار والجمهور يعلق    بيكو مصر تخفض أسعار أجهزتها المنزلية 20%    محمود ناجي حكما لمباراة أنجولا والكونغو في أمم إفريقيا للمحليين    لتركه العمل دون إذن رسمي.. إحالة عامل ب«صحة الباجور» في المنوفية للتحقيق    الصحة تستكمل المرحلة الرابعة من تدريب العاملين بمطار القاهرة على أجهزة إزالة الرجفان القلبي (AED)    هذه الأبراج دائما مشغولة ولا تنجز شيئا ..هل أنت واحد منهم؟    أتالانتا يقدم عرضًا ب40 مليون يورو لضم رودريجو مونيز من فولهام    التنمية المحلية: مسار العائلة المقدسة من أهم المشروعات التراثية والدينية    رئيس الوزراء يؤدي صلاة الجنازة على الدكتور علي المصيلحي بمسجد الشرطة    قناديل البحر تعطل أحد أكبر المفاعلات النووية في فرنسا    مفتي القدس: مصر تسعى جاهدة لتوحيد الصفوف وخدمة القضية الفلسطينية والوصول بها إلى برِّ الأمان    رئيس الوزراء يوجه الوزراء المعنيين بتكثيف الجهود لتنفيذ الوثائق التي تم توقيعها بين مصر والأردن وترجمتها إلى خطط وبرامج على الأرض سعياً لتوطيد أطر التعاون بين البلدين    رغم انخفاض الأمطار وسد النهضة.. خبير يزف بشرى بأن مياه السد العالي    وزارة الرياضة: نسعى لمنظومة خالية من المنشطات.. ونراقب عقوبات الجماهير وعقود اللاعبين    شروط تقليل الاغتراب لأبناء مطروح الناجحين فى الثانوية العامة    حبس وغرامة 2 مليون جنيه.. عقوبة الخطأ الطبي الجسيم وفق "المسؤولية الطبية"    "قيد الإعداد".. الخارجية الأمريكية تقترب من تصنيف الاخوان منظمة إرهابية    وزير التعليم يكرم الطلاب أوائل مدارس النيل المصرية الدولية    مدبولى يشهد توقيع عقد إنشاء مصنع مجموعة سايلون الصينية للإطارات    الصحة: حريق محدود دون إصابات بمستشفى حلوان العام    البيضاء تواصل التراجع، أسعار الدواجن اليوم الأربعاء 13-8-2028 بالفيوم    غدًا آخر فرصة لحجز شقق الإسكان الأخضر 2025 ضمن الطرح الثاني ل«سكن لكل المصريين 7» (تفاصيل)    أرباح تصل إلى 50 ألف دولار للحفلة.. تفاصيل من ملف قضية سارة خليفة (نص الاعترافات)    كسر خط صرف صحي أثناء أعمال إنشاء مترو الإسكندرية | صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اعجبني هؤلاء
مع » ألبرتومورافيا« صاحب فتاة روما
نشر في أخبار اليوم يوم 23 - 12 - 2011

أحببت هذا الرجل. إنه ألبرتو مورافيا.. أديب يهودي. غير اسمه. وطلب من اليهود أن يغيروا أسماءهم الحقيقية وكان لا بد أن يفعل ذلك في عصر موسوليني.. وأول ما قرأت له كانت رواية »فتاة من روما« أو »فتاة روما«.. وحينما التقيته في القاهرة سألته هل كنت عميلا للمخابرات البريطانية.
جاء إلي القاهرة.. ذهبت إليه. وجدته هو وزوجته الأديبة إلزا مورانتي. وجدته جالسا وحده. أما السيدة فقد أخفت وجهها بيديها! ثم أخفت رأسها بالمنديل. كثيرة الحركة. بعيدة، ولكنها تري كل ما يفعله مورافيا. قدمها لي: زوجتي.. قلت أهلا وسهلا في بلدنا مصر. لقد قرأت لك »فتاة روما«.
- رأيك فيها إيه؟
- بديعة..
وقرأت له »المراهقات« و»القبعات« و»زمن اللامبالاة«.. وعشرين قصة قصيرة ترجمتها إلي العربية. وقد رشحت الهيئات الأدبية مورافيا لجائزة نوبل. وقابلته مرة أخري في برلين ثم التقيته في هافانا عاصمة كوبا.. ولا تكاد تراه حتي يضحك ويقول: مرة ثانية.
فأقول: أنا محظوظ يا أستاذ.
وفي برلين كانت معه فتاة أجمل.. وهي زوجته الثانية الجديدة. بولندية الأصل واسمها داشا ماريناي.. ومرة ثالثة قابلته في مصر مع زوجته الثالثة. والثالثة لا هي أديبة، ولا هي كاتبة، وإنما هي تعمل مخرجة في التليفزيون الإيطالي.
قلت له: قرأت مقالك الجميل في »الصنداي تايمز« الإنجليزية، وهو الحديث الذي أجري مع الممثلة الإيطالية - التونسية كلوديا كاردينالي.. ما هذا الجمال؟
- أما ما هذا فهو شيء مختلف فعلا.. لاحظت ماذا بيني وبين كلوديا كاردينالي. أجريت حوارا مع حبيبها.. عن كل شيء، وعندي استعداد أن أسأل عن أشياء أكثر وأعمق.
لماذا سألتها عن جسمها؟ فقال: كل واحد له ملامح خاصة، أما الباقي فمشترك عند كل الناس.. إنها محاولة لتصوير الأشياء والأشخاص..
- دراسة جميلة يا أستاذ..
- أنت شيوعي؟
- لا.
- أنت إيه.. وجودي؟
- أنا أحيانا..
الفيلسوف سارتر هو من أعظم الأدباء. إنه قد مهد الطريق أمامي لأكون وجوديا شيوعيا أحيانا.. إنه يفعل ذلك بصورة فذة وموهبة عظيمة.
فريدريش دورينمات
يا طالع الشجرة هات لي معاك بقرة!
اجتاحت مصر في الستينيات كل الألوان المسرحية.. أطلت ثم توارت لتظهر مرة أخري تحت اسم »أدب العبث« أو » أدب اللامعقول«.
وبادر توفيق الحكيم فكتب مسرحية »يا طالع الشجرة«.. وهو مطلع أغنية شعبية تقول: »يا طالع الشجرة.. هات لي معاك بقرة.. تحلب وتسقيني.. بالمعلقة الصيني« - تطل بقرة من فوق الشجرة.. وهل هذا الكلام معقول؟ ليس معقولا ولكنه واقع..
وظهر اسم الأديب دورينمات. وقالوا: إنه لا معقول.. أي أنه عبثي. والعبث هو اللامعني.. اللامنطق.. أي أن الوجود اللامنطقي حتمي. أي منطقي. أن يكون معقولا.. أي أننا عقلناه. ولما عقلناه اكتشفنا أنه لا معقول.
ولم يكن دورينمات لا معقولا ولا عبثيا بل مؤلفا دراميا من الدرجة الأولي.. ثم إنه ساخر أيضا. وتجيء السخرية علي أفكاره قبل كلماته أو مواقفه.
وظهرت علي المسرح مسرحية »علماء الطبيعة« من ترجمة د. عبد الرحمن بدوي. وهي من أروع أعمال فريدريش دورينمات.
وظهرت من ترجمتي أنا مسرحية »رومولوس العظيم«.. وكانت حدثا فنيا لما فيها من تصوير للواقع الأوروبي. فقد قالوا إن الإمبراطور رومولوس ليس الجنرال ديجول الذي يريد أن يتخلص من الإمبراطورية ومن الجيش ومن الإمبراطور نفسه.
وقالوا بل رومولوس العظيم هو جمال عبد الناصر الذي انهزم وتحطم هو وشعبه. وهو يريد أن يغسل عار الهزيمة. وليست هذه المسرحية إلا مشروعا لذلك..
ثم ترجمت له مسرحية »هبط الملاك في بابل« وظهرت عشرين مرة علي المسارح.. وفي العام الماضي سبع مرات علي مسارح الجامعات.
وترجمت أيضا مسرحية »الزيارة« التي صارت فيلما ممتازا.
وترجمت له »هي وعشاقها«..
وأخيرا ترجمت له »الشهاب« التي ظهرت مرتين علي المسرح.. وكان صداها جميلا..
قدمني دورينمات نفسه إلي ماكس فريش.. وقدمني إلي زوجته التي كانت ممثلة.
وهو رجل مستدير.. ممتلئ.. دماغه كبير في حجم البطيخة وكرشه أيضا وشفتاه غليظتان كمنظاره وحاجبيه.. ولكن وجهه ساخر..
وابتسامته لا هي ابتسامة فولتير أو طه حسين ولا هي ابتسامة العقاد ولا الحكيم.. وإنما إشارة صوتية إلي أن هذا الرجل من الممكن أن يقول فيكتب في أي وقت.
مشعل النيران في الأدب الألماني!
وفي بيته وعلي مسافة بعيدة عن فيلا دورينمات كان يسكن ماكس فريش.. بيته أصغر.. وليس فيه إلا هو وصديقته. أول ما قال: إن موقع هذا البيت مناسب لي تماما.. وهذا لا يرهقني وإنما ينعشني وأنا في صحة جيدة جدا لا أشكو من أي مرض.. أهلا وسهلا!
قلت: أستاذ أنا قابلت دورينمات قبل أن أجيء لك.. هم قالوا لي ذلك.
- من هم؟
- المشتغلون بالأدب في سويسرا.
- ولكن لماذا؟
- لأنه لا انفصال بينكما.. إذا ذكرت دورينمات ذكروا فريش.. متلازمان مختلفان وهما مصدر نهضة وانتعاش الأدب الألماني بعد الحرب العالمية الثانية.. فلم يظهر في ألمانيا أدباء.
- لا.. لا.. بل في ألمانيا أدباء عظماء بعضهم أسرهم الأميركان.. ثم عادوا إلي ألمانيا كلهم وليس واحدا.. إنما عشرات.
قلت: قرأت لك »مشعلو النيران« وقرأت وأعجبتني روايتك »آنا مونتا«..
- ما رأيك؟
- فعلا أنتما مختلفان تماما..
- ليس تماما.. فقضايانا واحدة.. وهمومنا واحدة.
ولكن الخلاف في التعبير عن ذلك.. مثلا دورينمات يهاجم بلده سويسرا هجوما عنيفا لأنها دولة محايدة.. فيري كيف يكون الإنسان محايدا أمام ويلات وعذابات الإنسانية؟ كيف لا نمد أيدينا؟ كيف لا نساعد؟ كيف أننا خزانة فلوس؟ أقول لك؛ إن دورينمات علي حق.. ولكنني لم أشاركه.. أنا ذهبت إلي أبعد من ذلك..
- أنا سويسري آخر غير دورينمات . منذ ذلك أسأل: ولماذا نحن كذلك؟ ولماذا ظللنا كما نحن؟ علي أي أساس قررنا أن نكون أو قررنا ألا يكون لنا حضور في كوارث الإنسانية وقضاياها؟ كيف نسكت علي ذلك؟ وكيف نباهي الأمم بأننا لا نهتز وأن مصائبهم من عندهم وغير قابلة للتصدير إلينا؟
- ومتي يظهر رأيك هذا؟
- ظهر في أحاديث إذاعية وتليفزيونية ومقالات نشرتها.
- من الذي تريد أن تذهب إليه وتصوره؟
- من؟!
- أنت الذي تقول.. أنت قلت إن هناك من يحتاج إلي عرض وتصوير؟!
سومرست موم
أنت عميل للمخابرات.. كيف؟!
إن الروائي الإنجليزي الكبير سومرست موم كان ينزل في فندق »سميراميس« القديم. ذهبت. سألت. ظهرت سكرتيرة حلوة، قالت: ممكن أن تقابل مستر موم بعد عشر دقائق..
- شكرا. سوف انتظر..
- من الممكن أن أجلس إليك وأسألك ما الذي تريد أن تعرفه عن مستر موم؟
- أعرفه هو شخصيا..
- ابتسمت، وقالت: طبعا وممكن. لحظة واحدة من فضلك.
ودخلت الغرفة التي ينام فيها مستر موم. وانفتح الباب عن رجل عجوز لا يقوي علي الحركة ويداه ترتجفان.. وأبديت أسفي الشديد. وأنه كان من الممكن أن نلتقي غدا أو في أي وقت آخر يراه..
فقال جادا: أنا الذي حددت الموعد. وجلسنا وانطوي بعضه علي بعض. وانتظرت ولما رفع رأسه ونظر ناحيتي كان معني ذلك أن اتكلم. قلت: مستر موم أنت تعرف قدرك في العالم وفي مصر أيضا. وقد تُرجمت لك روايتان مع دراسات مستفيضة في الأدب والنقد والرواية..
- ماذا قالوا؟
- طبعا أنت روائي عظيم. ولديك تعبيرات في غاية الجمال. وتبدو في بعض الأحيان كأنها صدفة... عندي سؤال مستر موم: فقد نشرت الصحف والمجلات الإنجليزية أنك كنت عميلا للمخابرات البريطانية. فكيف تقبل مثل هذا العمل الشائك؟
وظن أنها سخرية مني.. فقد كنت صغيرا في السنة الثانية من الصحافة.. ثم كبرت الابتسامة لتظهر معالم وجه الرجل.. وكل شيء فيه يرتعش إلا هذا الرأس. قال: نعم كنت عضوا مهما في المخابرات وتلقيت الشكر والنياشين لذلك..
ولم أفهم. وكأنه أحس بذلك. أحس بأنني أري أن عمله هذا لا يليق به.. ولكنه يري غير ذلك وأقنعني واقتنعت. فقال: نفرض أن وباء انتشر في بلد، فمن الذي تبعث به الدولة؟ الأطباء طبعا.. نفرض أن مياه الأمطار قد أغرقت بلدا، من الذي توكل إليه الدولة مهمة إنقاذ الناس من الغرق؟ لا بد أن يكونوا مهندسين زراعيين. ولما أرادت بريطانيا أن تعرف الرأي العام في أوروبا وآسيا. فإنها تبعث بمن يفهم النفس الإنسانية.. تبعث بالمفكرين وعلماء النفس. وقد أوفدتني لكي أري وأناقش وأحلل وأنقل عنها الصورة الأمينة.. والباقي علي الدولة. فهل تري في هذا عارا في تاريخ من يتعاون مع دولة ضد الأعداء أو ضد العدوان عليها أو علي البشرية. ولا أخفي عنك أن كثيرا من هذا الدمار تسعي إليه دور النشر لما فيه من فهم وتحليل وحرفية أدبية. ولكن لا استطيع أن أعيد نشرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.