اللجنه العامة توافق على اعتراض رئيس الجمهورية على مواد الإجراءات الجنائية    زكريا أبوحرام يكتب: الملاك الذي خدعهم    أكاديمية «أخبار اليوم» في ثوبها الجديد.. وفرحة الطلاب ببدء العام الدراسي| صور وفيديو    رئيس مجلس المطارات الدولي: مصر شريك استراتيجي في صناعة الطيران بالمنطقة    نائب بريطاني يندد باعتراض إسرائيل لأسطول الصمود ويطالب بمعاقبتها ووقف تسليحها    الرئيس الكولومبي ينقض اتفاقية التجارة مع إسرائيل ويطرد دبلوماسييها    البيت الأبيض: مناقشات حساسة تجري الآن بشأن خطة غزة    تجارة الدم العابرة للقارات.. مرتزقة كولومبيا يشعلون جحيم السودان!    4 أهداف.. تعادل مثير يحسم مواجهة يوفنتوس أمام فياريال بدوري أبطال أوروبا    رياضة ½ الليل| هشام يسلف الزمالك.. إيقاف تريزيجيه.. قائمة الخطيب.. والموت يطارد هالاند    موعد مباريات اليوم الخميس 2 أكتوبر 2025.. إنفوجراف    إصابة 4 عمال في حادث تصادم نقل وميكروباص أمام كارتة ميناء شرق بورسعيد    قرار هام بشأن شخص عثر بحوزته على أقراص منشطات مجهولة المصدر بالجيزة    السيطرة على حريق شب داخل مخلفات بعين شمس    استشهاد 85 فلسطينيًا في غارات الاحتلال على قطاع غزة خلال 24 ساعة    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 للموظفين والبنوك والمدارس بعد قرار رئيس الوزراء    الزمالك يفتقد 3 لاعبين أمام غزل المحلة.. ومصير فيريرا على المحك    مصرع أمين شرطة وإصابة اثنين آخرين أثناء معاينة جثة سيدة ب "صحراوي" البحيرة    نقل الفنان السوري زيناتي قدسية إلى المستشفى بعد أزمة صحية مفاجئة    حماية العقل بين التكريم الإلهي والتقوى الحقيقية    مرض اليد والقدم والفم (HFMD): عدوى فيروسية سريعة الانتشار بين الأطفال    مدير مستشفى معهد ناصر: نستقبل نحو 2 مليون مريض مصري سنويا في مختلف التخصصات الطبية    تحذير لهؤلاء.. هل بذور الرمان تسبب مشاكل في الجهاز الهضمي؟    أكلة مصرية.. طريقة عمل محشي البصل خطوة بخطوة    الخارجية التركية: اعتداء إسرائيل على "أسطول الصمود" عمل إرهابي    جوارديولا: لدينا نقطة وسنحصل عليها    «مقتنعوش بيه».. ماجد سامي: كنت أتمنى انتقال نجم الزمالك ل الأهلي    1160 للجنيه دفعة واحدة.. ارتفاع كبير بأسعار الذهب بالصاغة وعيار 21 يسجل رقمًا تاريخيًا    سر ديناميكية هشام أبو النصر محافظ أسيوط    حل 150 مسألة بدون خطأ وتفوق على 1000 متسابق.. الطالب «أحمد» معجزة الفيوم: نفسي أشارك في مسابقات أكبر وأفرح والدي ووالدتي    مايولو: سعيد بالتسجيل أمام برشلونة.. نونو مينديش قام بعمل كبير    هيئة مستقلة للمحتوى الرقمي ورقابة بضمانات.. 4 خبراء يضعون روشتة للتعامل مع «البلوجرز» (خاص)    إخماد الحريق الثالث بمزرعة نخيل في الوادي الجديد    الجيش الإسرائيلي: إطلاق 5 صواريخ من شمال غزة واعتراض 4 منها دون إصابات    محافظ الشرقية يكرّم رعاة مهرجان الخيول العربية الأصيلة في دورته ال29.. صور    ركزوا على الإيجابيات.. والدة طفلة «خطوبة في المدرسة» تكشف تفاصيل الواقعة (فيديو)    المطبخ المصري في الواجهة.. «السياحة» ترعى فعاليات أسبوع القاهرة للطعام    انقطاع مؤقت للاتصالات قرب المتحف المصري الكبير.. فجر الخميس    ارتفاع أسعار الذهب في السعودية وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الخميس 2-10-2025    ستاندرد آند بورز: إغلاق الحكومة الأمريكية يفاقم عدم اليقين في التوقعات الاقتصادية    بعد الهجوم الإسرائيلي.. قرار عاجل من أسطول الصمود العالمي بشأن حصار غزة    السكر القاتل.. عميد القلب السابق يوجه نصيحة لأصحاب «الكروش»    مدير معهد ناصر: اختيار المعهد ليكون مدينة طبية لعدة أسباب ويتمتع بمكانة كبيرة لدى المواطنين    اعتراضات على طريقة إدارتك للأمور.. برج الجدي اليوم 2 أكتوبر    أول تعليق من رنا رئيس بعد أزمتها الصحية: «وجودكم فرق معايا أكتر مما تتخيلوا»    ماذا كشفت النيابة في واقعة سرقة الأسورة الأثرية من المتحف المصري؟    الإسكان عن أزمة قرية بحر أبو المير بالفيوم: تحركنا لدراسة الوضع ميدانيا    أحمد موسى يوجه رسالة للمصريين: بلدنا محاطة بالتهديدات.. ثقوا في القيادة السياسية    «التضامن الاجتماعي» بالوادي الجديد: توزيع مستلزمات مدرسية على طلاب قرى الأربعين    أولى هجمات أكتوبر.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم: أمطار رعدية تضرب منطقتين    إصابة 9 أشخاص في انقلاب ميكروباص على طريق شبرا - بنها    التجربة المصرية في الاستزراع السمكي محور برنامج تدريبي دولي بالإسماعيلية    أرسنال بالعلامة الكاملة في الإمارات ينتصر بثنائية على أولمبياكوس    تسليم 21 ألف جهاز تابلت لطلاب الصف الأول الثانوي في محافظة المنيا    تعرف على مواقيت الصلاه غدا الخميس 2 أكتوبر 2025فى محافظة المنيا    خالد الجندى: "إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً" ليست آية فى القرآن    مجلس الدولة يقرر إعادة توزيع اختصاصات دوائر محكمة القضاء الإداري    مجلس حكماء المسلمين: العناية بكبار السن وتقدير عطائهم الممتد واجب ديني ومسؤولية إنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هوهي
الشيخ الشاب‏..‏ألبرتو مورافيا
نشر في الأهرام اليومي يوم 10 - 07 - 2010

قضي طفولة عرجاء رغم سقف بيت يجمع الوالدين والإخوة الثلاثة‏,‏ فالأب المهندس اليهودي الأصل ذي الشخصية الحادة المنغلقة علي نفسها المولود عام‏1863‏ الذي يكبر أمه بالكثير‏,‏ ويكبره هو بالذات بخمسة وأربعين عاما. يعيش منصرفا عن البيت تماما‏,‏ فنهاره في المكتب ومساؤه في المقهي‏,‏ ومات في نهاية الحرب العالمية الثانية وعمر ألبرتو وقتها‏37‏ عاما لم يتذكر فيها أن هذا الوالد قد التفت لوجوده‏,‏ أو وجه إليه حديثا اللهم إلا مرات لا تعد علي أصابع اليد الواحدة‏..‏ هذا بينما الأم الشخصية المهيمنة قد وضعته في المستشفي أكثر من خمس سنوات يعاني من بداية التاسعة من العمر من سرطان العظام في إحدي ساقيه‏,‏ مما خلف لديه عاهة مستديمة تركته يعرج في مشيته حتي النهاية‏..‏ وقد عاش في طفولته حربا عالمية‏,‏ وعاش في نضجه واكتماله حربا عالمية أخري‏,‏ كما عاش فترة نمو موسوليني‏,‏ والفاشية في إيطاليا‏,‏ وعاصر قوتهما وانحلالهما معا‏,‏ وعاصر آثار الفوضي والعنف اللذين انتشرا في المجتمع الإيطالي علي يد عصابات موسوليني والطبقة الغنية التي ملأت روما بالانحلال والفساد‏,‏ وكان لها الحرية لأنها متحالفة مع موسوليني‏,‏ تدفع له كلما أراد‏,‏ وتأخذ منه كلما أرادت‏..‏ وقد جعلته علاقته المرضية بوالده اليهودي الأصل مهتما إلي حد كبير بالعلاقة ما بين اليهودية والصهيونية‏,‏ وعلاقة العرب بهما معا‏..‏ من هنا اشترك في العديد من الندوات لبحث القضية الفلسطينية منها ندوة فلسطين العالمية في الكويت‏,‏ وأجري حوارا متفردا مطولا مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات تدفعه رغبة متحمسة كما قال ليضع أسس النزاع العربي الإسرائيلي تحت أنظار الرأي العام في إيطاليا والعالم لاستكشاف النفسية الفلسطينية تبعا لرؤيته الخاصة التي تتمثل في أن شعبا بأسره تعداده أكثر من‏3‏ ملايين نسمة طرد من وطنه‏,‏ وعاد ليحارب من أجل استرجاع هذا الوطن في محاولة لفرض تسوية سلمية معقولة مع أعداء امتلأت صدورهم بشهوة العدوان والتوسع‏..‏
يسأل مورافيا زعيم الفدائيين ياسر عرفات في‏7‏ يونيو‏1972‏ العديد من الأسئلة التي منها‏:‏
‏*‏ ما هي الصهيونية في رأيكم؟
‏-‏ عرفات‏:‏ الصهيونية‏,‏ حركة سياسية عنصرية‏,‏ نمت وراء واجهة الدين اليهودي‏,‏ والحقيقة أنها أيديولوجية استعمارية‏,‏ لا تختلف عن تلك التي أدت في القرن الثامن عشر إلي امتلاك جانب كبير من إفريقيا وآسيا‏,‏ من قبل الدول الأوروبية‏.‏
‏*‏ مورافيا‏:‏ إن الاستعمار في القرن الثامن عشر استهدف استعباد الشعوب في الأراضي المحتلة‏,‏ وسخرها في العمل لصالحه‏,‏ وأثري بذلك علي حسابها‏..‏ في حين أن الصهيونية عملت علي استبدال جزئي لشعب هو الشعب الفلسطيني بشعب آخر‏,‏ هو الشعب اليهودي‏,‏ ولهذا فقد يكون من الأجدر التحدث عن توطين بدلا من استعمار علي طراز القرن الثامن عشر‏.‏
‏-‏ عرفات‏:‏ إن الحركة الصهيونية قد استغلت الملايين من اليهود الأوروبيين ضحايا الاضطهاد النازي المعادي للسامية في ألمانيا‏,‏ ومن قبل ذلك في روسيا‏..‏ وقد أسهمت النازية إلي حد كبير في حمل اليهود علي قبول الأيديولوجية الصهيونية‏.‏
‏*‏ مورافيا‏:‏ تميزون بين الصهيونية واليهودية‏..‏ ما الفرق؟
‏-‏ عرفات‏:‏ إذا نظرنا إلي تاريخ الصهيونية‏,‏ فلابد أن نستنتج أنها حركة سياسية‏,‏ تستهدف السيطرة الاستعمارية‏..‏ في حين أن اليهودية دين شأنها شأن المسيحية‏,‏ والإسلام‏..‏الخ‏..‏ ولهذا فإن الفرق‏,‏ بل الهوة‏,‏ بين الصهيونية واليهودية جد سحيقة‏..‏ ولا يمكن سدها‏..‏ حتي وإن كانت الصهيونية استخدمت اليهودية كمخلب قط لتحقيق أهدافها‏.‏ ونحن العرب عندما نناضل ضد الصهيونية‏,‏ فإننا نميز دائما بين الحركة السياسية الصهيونية والدين اليهودي‏.‏
‏*‏ مورافيا‏:‏ هل تعتقدون أن في إسرائيل حزبا يؤيد تسوية عادلة ومقبولة للمشكلة الفلسطينية؟
‏-‏ عرفات‏:‏ لا‏..‏ لا يوجد مثل هذا الحزب في الوقت الحالي‏,‏ فالصهيونية أرضية مشتركة نشأت عليها الأحزاب المختلفة في إسرائيل‏,‏ غير أن هناك أفرادا وجماعات صغيرة تقبل التسوية التي تقدمها فتح التي تنادي بإنشاء دولة فلسطينية ديمقراطية علمانية الحوار عام‏1972‏ يعيش فيها اليهود والمسيحيون والمسلمون في سلام‏,‏ بدون أية تفرقة عنصرية أو دينية‏!!‏
‏*‏ مورافيا‏:‏ وهل ترون أن في إسرائيل حزبا يعمل من أجل التوسع المطرد علي الدوام لحدود الدولة الإسرائيلية؟
‏-‏ عرفات‏:‏ لابد أن تفكر معظم الأحزاب الصهيونية بمنطق التوسع نظرا لأنها ولدت من عقيدة العدوان والتمييز‏,‏ والفكرة الكامنة هي أنه من المقرر أن تمتد إسرائيل من النيل للفرات لقيام إسرائيل الكبري في الوقت نفسه من المقرر سيطرة الدولة الإسرائيلية اقتصاديا علي الشرق الأوسط‏.‏
‏*‏ مورافيا‏:‏ هل صحيح أن المستوي الاجتماعي والثقافي لأبناء الشعب الفلسطيني أعلي من المستويات المماثلة في الدول الأوروبية؟
‏-‏ عرفات‏:‏ تدل الإحصائيات فيما يتعلق بالتعليم والثقافة أن مستوي الفلسطينيين أعلي من المستوي في بعض الدول العربية‏,‏ ولدينا‏50‏ ألفا من الحاصلين علي الشهادات الجامعية في المواد العلمية والأدبية المختلفة‏,‏ وهي نسبة أكبر من أي دولة عربية‏,‏ فشعبنا وإن كان يعيش في الكهوف أو في الخيام إلا أنه لجأ لمنابع المعارف ينهل منها‏,‏ للتغلب علي محنته القاسية‏.‏
‏*‏ مورافيا‏:‏ هل كان لتباين الأيديولوجيات الاجتماعية والسياسية للبلدان العربية تأثير علي علاقتكم بالدول العربية؟ وهل يرجع الخلاف بين الأنظمة والمنظمات المتعددة وجماعات المقاومة الفلسطينية إلي هذا التباين؟
‏-‏ عرفات‏:‏ نعم كان لهذا التباين تأثير كبير علي علاقاتنا بالدول العربية‏,‏ إلي جانب الاختلاف والخلاف بين جماعات المقاومة الفلسطينية العديدة‏,‏ وكذلك التشتت الجغرافي للشعب الفلسطيني‏,‏ ومشاركة أبنائه في السياسة الداخلية لبعض الدول العربية‏,‏ وقد أدت هذه المشاركة بدورها إلي تشكيل جماعات للمقاومة لها أساليب وأهداف متباينة‏,‏ ومع ذلك تبذل جهود جبارة لتوحيد الصفوف في جبهة عريضة موحدة‏!‏
‏*‏ مورافيا‏:‏ وهل هناك مشروع عربي رسمي لحل المشكلة؟
‏-‏ عرفات‏:‏ ليس من حق أحد أن يتحدث باسم الشعب الفلسطيني أو أن يدعي أنه يمثله‏,‏ ومن حق الثورة الفلسطينية وحدها أن تفعل ذلك‏,‏ وقد أعلنت الثورة منذ مدة طويلة أن الحل الوحيد للمشكلة الفلسطينية هو أن يحصل شعبنا علي حق تقرير مصيره في أرضه‏!.‏
ويتعرف بعدها الروائي الإيطالي ألبرتو مورافيا علي الشهيد الفلسطيني وائل زعيتر من خلال مناظرات ومناقشات طويلة ليقول‏:‏ بدأت من خلال الفدائي وائل أشعر بالقضية الفلسطينية كقضية محورية عالمية‏,‏ وأحس بمدي معاناة الشعب الفلسطيني‏,‏ وكان انعطافي نحو القضية يعود أيضا لمعرفتي بالشهيد عزالدين القلق الذي ربطتني به صداقة متينة أخذني خلالها في زيارة إلي الكويت وبيروت للالتقاء بعدد من قادة المقاومة الفلسطينية‏,‏ وقد خسرت باستشهاد وائل صديقا ودودا حاول أن يفتح أمامي منافذ جديدة للرؤية‏,‏ وكنت أتمني لو أنني قمت بجولة في المخيمات الفلسطينية لأعرف كيف تقاوم هذه المخيمات كل الهجمات الشرسة ضدها‏,‏ فهي تحارب من جميع الأطراف وتتعرض لمجازر عديدة علي أيدي فئات مختلفة يفترض في بعضها أن تكون في صف الفلسطينيين لا ضدهم‏..‏ وكان مورافيا يري أن حال العرب هذه الأيام شبيه بحال أوروبا في العصور الوسطي حيث يباهون بماضيهم العتيد‏,‏ وهم لا يعرفون عنه سوي قشوره‏,‏ ومن هنا يقعون في أخطاء هذا الماضي‏..‏ فالعرب كما يقول مورافيا لا يعرفون الكنز الحضاري الذي يعيشون فوقه‏,‏ ولا يعرفون أن القرآن الكريم فيه الحياة بأكملها‏,‏ كذلك لا يعرفون الأفكار العظيمة لتراثهم فيما يتعلق بالسياسة والاقتصاد والاجتماع وغيرها من الفروع الأخري‏,‏ وينتقدون سلفهم‏,‏ ويقعون في أخطاء أكثر خطورة من أخطاء السلف‏,‏ ويضيف مورافيا أن هذا هو واقع الأمم المهزومة ذات الإرث الحضاري العظيم‏,‏ وأن العرب غير مؤهلين للدفاع عن قضاياهم‏,‏ بل إنهم يعطون المبررات للأعداء للاستمرار في مخططاتهم ضدهم‏,‏ كما يعطون الأصدقاء فرصة المراوغة والمناورة‏..‏
و‏..‏ قتل عرفات مسموما بعد سقوطه بالطائرة وضربه بالقنابل‏,‏ ومات مورافيا عريسا تجاوز التسعين لعروس الصبا والجمال‏..‏ ولم تزل القضية الفلسطينية قيد البحث في المحافل الدولية‏.‏
الشيخ الشاب ألبرتو المولود في‏28‏ نوفمبر‏1907‏ من أين جاء باسم مورافيا وهو الذي اسمه الحقيقي بينكرليه؟‏!..‏ الإجابة أنه استقاه من عالم السياسية‏,‏ فقد اتخذ لنفسه هذا الاسم المستعار عندما كان مختبئا عن الأنظار بسبب مطاردة الفاشست له‏,‏ وكان يختفي في القري والأقاليم بطريقة تذكرنا باختفاء الأديب المصري عبدالله النديم بعد فشل الثورة العرابية‏,‏ وقد اضطر مورافيا وقتها أن يقيم مع زوجته إلزا في حظيرة حيوانات في إحدي القري وظل مختبئا فيها حتي انهار موسوليني في الحرب العالمية الثانية واندحرت الفاشية نهائيا‏,‏ وفي تلك الفترة كان يوقع ما يكتبه متنكرا باسم مورافيا حتي عرفه القراء بهذا الاسم‏,‏ وحلا له أن يستمر معروفا به حتي نهايات العمر‏,‏ وظل مورافيا خلال فترة الرعب وما بعدها بعيدا عن التورط في عالم السياسة الذي اعتبره باعثا علي الضجر رافضا دعوتين من الحزب الشيوعي الإيطالي لخوض انتخابات مجلس الشيوخ‏,‏ لكنه فجأة وقد بلغ السادسة والثمانين أي قبل وفاته بست سنوات بلغ به الخوف من وقوع كارثة نووية مداه إلي حد دفع به للتخلي عن كتاباته الأدبية والتحول إلي عالم السياسة‏,‏ حيث اكتشف أن الأوضاع الأمنية في العالم تندفع بأقصي سرعة نحو الهاوية‏,‏ وأن الحاجة ملحة إلي تحرك كل من له القدرة علي التأثير من أجل وضع حد لهذا التدهور‏..‏ ومن فوق منبر البرلمان الأوروبي الذي أصبح عضوا به‏,‏ رغم عدم انتمائه لأي حزب من الأحزاب نادي بحظر القنابل النووية التي تعرض الجنس البشري للانقراض‏,‏ ونادي بنزع السلاح‏,‏ ووقف العنف والإرهاب الذي كان بنفسه إحدي ضحاياه في عملية نسف فيها منزله بروما‏,‏ وأن غزو الفضاء يعادل بناء أهرامات مصر‏,‏ فهو يحقق للدولتين العظميين هيبة ومكانة‏,‏ ولكن علي حساب الاحتياجات الملحة للشعوب‏..‏ وبشجاعة واضحة عاد مورافيا ليقول إنه علي شبه يقين بأنه ليس للمبدع المعاصر دور مؤثر في حل مشاكل البشر‏,‏ لكنه لا يمكن إنكار أنه الشاهد الصادق علي عصره‏,‏ وأن الأدب أكثر أصالة وأهمية من السياسة‏,‏ وأن قراءة الأعمال الأدبية ليست إلي زوال بدعوي إيقاع العصر السريع‏,‏ والدليل أنه طبع من روايته الأولي التي لاقت نجاحا شديدا ألف نسخة فقط‏,‏ بينما طبعت آخر زوجاته كارمن ليبيرا الثالثة حتي الآن من أولي رواياتها جو رحيب نحو‏80‏ ألف نسخة‏,‏ وحول المرأة التي تحتل أوسع مساحة من عالمه الروائي أفصح الأديب الذي قدم للمحاكمة أربع مرات بسبب أخلاقيات نساء رواياته بأنه أمر طبيعي لأنها المرأة الهم الوحيد والحقيقي للأدب‏!!‏ ويعلق مورافيا علي محاكماته الأربع‏:‏ في إيطاليا من الممكن لأي شخص أن يقدم شكوي ضد كاتب بحجة أنه ألف كتابا منافيا للأخلاق‏,‏ وهذا ما حدث لي علي مدي أربع روايات‏,‏ ودائما كنت أحصل علي البراءة‏,‏ فالقانون في الواقع لا يدين الكتب العلمية مثل أبحاث الطب الشرعي والدراسات الجنائية‏,‏ أو الكتب الفنية التي يستطيع مؤلفوها أن يبرهنوا أن هدفهم لم يكن إثارة القارئ‏,‏ ولي نظرية بسيطة للغاية في مسألة الجنس كموضوع فني وهي أني؟‏.‏ أسأل نفسي دائما‏:‏ هل وجود الجنس في الرواية له ضرورة فنية أم لا؟‏..‏ فإذا ما كان فلا شيء يحول عن ذكره‏,‏ أما انعدام الضرورة فهذا هو الابتذال والإسفاف‏,‏ والواقع أن الجمهور أصبحت نظرته أكثر واقعية وعلمية مما كانت عليه منذ قرن‏..‏ ويسألون مورافيا‏:‏ ألا تؤمن بالإخلاص في الحب‏..‏؟ قال‏:‏ إنني علي العكس أعتقد أن الرجولة الحقة يتم لها التكامل عندما يصل المرء إلي اللحظة التي يستطيع فيها أن يستبعد جميع النساء ما عدا واحدة‏,‏ والفتي في شرخ الشباب يحس بدافع إلي أن يقذف بنفسه إلي بحور النساء‏,‏ وشيئا فشيئا يوفق إلي تهذيب اختياره‏,‏ فيجد نفسه مثلا وقد أصبح لا يهوي غير الشقراوات‏,‏ ثم يجد نفسه بعدها لا يهوي من بين الشقراوات إلا بعضهن‏,‏ وقمة الرجولة تكون عندما لا يصبح في وسع الإنسان إلا أن يحب امرأة واحدة‏..‏ ودون جوان حين يظل دون جوان حتي سن الأربعين يصبح كائنا فاسدا‏..‏ ويضرب مورافيا مثلا أعلي للإخلاص العاطفي بالشاعر العظيم بترارك الذي كان يمثل الحالة القصوي للإخلاص‏,‏ فهو لم يكن يستطيع إلا أن يكون مخلصا لحبيبته لورا‏,‏ وكان يري أن المسألة بالنسبة إليه هي‏:‏ إما لورا وإما لا شيء‏..‏ ورغم إعجاب مورافيا بشاعره المخلص بترارك فإنه كان من أشد المعجبين بالرحالة العربي ابن بطوطة الذي كانت له زوجة في كل ميناء‏!‏
وتعالوا ندخل حرم القلم عند صاحب القلم لنأخذ درسا في عبقرية القلم عند تزاوجه بالحياة‏:‏ الرواية عندي تبدأ بالصوت‏,‏ أي أنني أقوم بضبط الأصوات في كل رواية مثل الآلات الموسيقية عندما تعزف السيمفونية‏..‏ إنني أبحث عن أصداء الزمن المفقود‏,‏ والصوت في روايتي ليس صوت الكاتب إنما صوت خاص بهذه الرواية أو تلك‏,‏ ومقومات الرواية عندي هي‏:‏ البناء‏,‏ ثم الشخصيات‏,‏ ثم الإيقاع‏,‏ ثم أشياء أخري كثيرة‏..‏ الرواية ليست مسألة أسلوب أدبي‏,‏ إنما بناء فني لذلك يمكن ترجمتها‏,‏ أما القصيدة فعسيرة ترجمتها‏..‏ الرواية الملتزمة سياسيا رواية سيئة‏,‏ ودعاية سيئة أيضا‏,‏ والكاتب يستلهم السياسة التي في روايته ويضمنها فيها بطريقة غائرة عميقة وليس بطريقة مباشرة كي لا تكون أقرب للدعاية‏..‏ وأنا لا أحب كتبي ولاأطالعها بعد النشر‏,‏ إنما الآخرون هم الذين يحبونها‏.‏
الكاتب حزب له قاعدة جماهيرية أكبر أحيانا من بعض الأحزاب‏,‏ وقائد أكبر أحيانا من بعض القادة السياسيين‏,‏ والقائد الحقيقي هو الذي يؤثر في الآخرين‏,‏ وأظن أنني برواياتي العشرين والأكثر من مائة قصة قصيرة التي كتبتها إلي جانب الأفلام التي أخرجتها السينما عن أعمالي أمارس تأثيرا معقولا في بضعة ملايين من البشر‏..‏ الرواية تعرض الأشياء‏,‏ ولا تقدم الأجوبة سواء فلسفية أو دينية‏,‏ ولا يمكن أن يطالب الكاتب بأن يمنح أجوبة كرجل السياسة أو رجل الدين والكاتب يعرض وعلي الآخرين أن يستخلصوا بعض النتائج إذا استطاعوا‏..‏ معظم رواياتي أروي أحداثها علي لساني فأقول‏:‏ رأيت وذهبت‏,‏ وذلك لأنني أريد أن أكون تحت جلد البطل‏,‏ وأن يجري الكلام كله علي لساني وبلهجتي‏,‏ لهجة الطبقة المتوسطة‏,‏ لكني أعدل ذلك عند الكتابة عن الأحياء الشعبية‏,‏ فأكون حريصا علي ترك مسافة بيني وبين الأشخاص مستعينا بالألفاظ العامية‏,‏ لأجعل القارئ يشعر بالأجواء لكي أعطيه جواز المرور إلي عالم آخر مختلف‏..‏ يعتقدون أن إهمال المظهر دليل علي الانشغال بالثقافة‏,‏ وليس عبثا أنني بعد الثمانين مازلت أحرص علي أناقتي‏,‏ خاصة لون الكرافتة‏,‏ فلونها له بعد سيكولوجي ثقافي مهم‏.‏
لقد عشت دائما في الحاضر‏,‏ وكنت دائما رجلا نشيطا وحيويا‏,‏ ولذلك لم ألحظ تقدمي في السن‏,‏ ولم أشعر مطلقا بالشيخوخة‏,‏ وأعمل اليوم أكثر مما مضي‏,‏ وكنت في العشرين أقع من التعب بعد نصف ساعة عمل‏,‏ أما الآن وقد تجاوزت الثمانين فلا أتعب قبل مضي ثلاث ساعات‏..‏ مسألة الإلهام لا وجود لها‏,‏ فالمسألة هي مسألة سرعة فقط‏,‏ وما تعتقده إلهاما ما هو في الحقيقة غير سلسلة من العمليات العقلانية التي تتم بسرعة هائلة تجعلنا نتخيل أنها قد خرجت من حيز مراقبتنا‏,‏ تماما كما نري مروحة سريعة الدوران فنظن أنها كتلة واحدة بدون ريشات‏,‏ ولا أعتقد مطلقا أنني أتخلي عن وعيي عندما أكتب وإنما أعرف أن هذا الوعي تتجاوز سرعته في بعض الأحيان قدرة إدراكي‏..‏ وأعتقد أنني لن أحظي أبدا بشرف جائزة نوبل للأدب فجماعة نوبل لم يجدوا في رواياتي إلا أنها كتب جنسية‏,‏ وهذه مشكلتهم وليست مشكلتي‏.‏
في عالم الأدب تزوجت من ثلاث كاتبات إلزا مورانت‏,‏ وداشا ماريني‏,‏ وكارمن لبيرا‏,‏ فالكاتبات نساء حقيقيات وكائنات مذهلات‏,‏ ولست أحب المرأة الجاهلة سواء كانت فلاحة أو وزيرة‏,‏ فلا أطيق امرأة خاملة الوعي والحواس‏..‏ أحب المرأة التي تكافئ الرجل‏,‏ ولذلك أقع في هوي المرأة الذكية الخلاقة مثلي‏,‏ نعم مثلي وليس عيبا الزواج ثلاث مرات‏,‏ أو الزواج من سيدة تكبرني أو تصغرني‏,‏ المهم التكافؤ والندية والحياة الطبيعية التي لا يصحبها قمع جسدي ولا عقلي لا من طرف المرأة أو الرجل‏.‏ وأنا بكل بساطة أعتبر نفسي خبيرا بالنساء‏,‏ فقد مرت عشرات بل مئات من النساء في حياتي لأتزوج منهن ثلاثا‏:‏ الأولي عشت في حرب معها‏25‏ عاما ثم تركتها‏,‏ وتزوجت الثانية وغادرتها بعد حرب دامت أكثر من‏10‏ سنوات‏,‏ والزوجة الثالثة الحالية التي تصغرني ب‏35‏عاما لم أطلقها لأنني لم أنته من الحرب معها بعد‏..‏ والمرأة ليست روحانية محض ولا حسية محض‏,‏ بل هي خليط معقد ورهيب من الاثنين معا‏,‏ وهنا سر المرأة‏..‏ هنا اللغز التاريخي الذي طالما عذب البشرية ولايزال‏,‏ وبالنسبة لي أنا لا أستطيع إلا أن أعلن حربا دائمة علي تلك الألغاز النساء لكنني في الوقت نفسه لا أستطيع أن أحيا إلا في داخل عرينهن‏..‏
وإذا ما كانت عروس مورافيا الثالثة والأخيرة كارمن لبيرا التي يصغر والدها زوجها بالكثير قد قالت عنه إنه مفعم بالحيوية أكثر منها حتي إنها تشعر بالتعب قبله إلا أنها قد لخصت عيوبه في العنف الذي قال عنه بنفسه‏:‏ أنا أعيش في الغضب أكثر مما أعيش في الألم‏,‏ وعندما أبلغ قمة ألمي غضبي أغلق نوافذ وأبواب غرفتي وأنفجر بالصراخ وحدي كمتنفس يفرغ هياجي المكمون ويعيد لي بعضا من توازني‏..‏ من منطلق هذا العنف الصامت ليس غريبا ما قام به مورافيا تجاه زوجته الأولي الكاتبة الروائية المرموقة إلزا مورانت التي قدمت أشهر الروايات في الأدب الإيطالي المعاصر ومنها اللعبة الخفية والشال الأندلسي‏,‏ وكان قد التقيا عام‏1939‏ في قصة حب عنيفة دامت عامين‏,‏ وبعد عشرين عاما انفصلا دون طلاق رسمي ليدوم الانفصال خمسة وعشرين عاما نسي مورافيا خلالها أنها لم تزل زوجته‏,‏ ولم يحاول مساندتها بكلمة أو ليرة واحدة‏,‏ وحتي عندما ماتت لم يكترث‏,‏ لكنه عندما اكتشف بعد رحيلها أنها تركت من خلفها ثروة طائلة مخبأة رفع دعوي قضائية مطالبا بحقه في نصف ميراثها باعتباره زوجها‏..‏ ويعود سبب وفاتها إلي محاولتها الانتحار في سبتمبر‏1985‏ عندما ضاقت بحياة الوحدة والجحود فأغلقت عليها النوافذ وفتحت أنبوبة الغاز‏,‏ لكن الجيران قاموا بإسعافها ونقلها إلي المستشفي شبه منتهية لتظل في غيبوبة كاملة عدة أشهر‏,‏ فقد أتلف الغاز المتسرب الرئتين والكليتين والمخ وأجريت لها العديد من الجراحات علي مدي‏8‏ أشهر لتمكث في غرفة العناية المركزة‏,‏ حيث خرجت الصحافة عن صمتها لتعلق بكثير من المرارة عن أديب أدبائها مورافيا الذي لم يكلف نفسه عناء الذهاب إلي المستشفي مرة واحدة لمواساة المرأة التي شاركته الحلوة والمرة‏..‏ وارتفعت فاتورة حسابات المستشفي بشكل مخيف حيث بلغت تكاليف علاج اليوم الواحد ما يوازي‏3‏ آلاف دولار‏..‏ وفجأة تحرك مورافيا وذهب إلي المستشفي ليلقي نظرة عابرة علي الغائبة في أغوار غيبوبتها‏,‏ ثم توجه إلي حسابات المستشفي ليسأل عن الفاتورة‏,‏ فكان الرقم المخيف قد بلغ نصف المليون دولار‏.‏
ولكن‏..‏ وعلي ضخامة المبلغ فإنه لا يعد شيئا بالنسبة لرجل في قامة البرتو مورافيا يكسب من مبيعات كتبه ما يزيد علي العشرة ملايين دولار سنويا‏,‏ إلي جانب الملايين المكدسة في حساباته المصرفية‏,‏ لكن وللعجب‏,‏ لم يقدم مورافيا علي الخطوة الحميدة التي يسحب فيها دفتر الشيكات ليدفع ثمن علاج إلزا زوجته‏,‏ بل توجه إلي مقر الاتحاد العام للكتاب الإيطاليين للقاء المسئولين فيه لاستدرار عطفهم‏:‏ إن إلزا عضو في الاتحاد وليس لائقا التخلي عنها هكذا‏,‏ وخرج مورافيا من مقر الاتحاد حاملا شيكا قدره مائتا ألف دولار بصفة تبرع للمساهمة في فاتورة العلاج‏,‏ وحرص مورافيا في التشديد علي رئيس الاتحاد بضرورة إبقاء مسألة التبرع في طي الكتمان‏,‏ وبعدها قام مورافيا بجولة واسعة النطاق لجمع تبرعات سرية أخري شملت‏10‏ شخصيات من كبار أثرياء إيطاليا من أصحاب المصانع والمؤسسات الاقتصادية الكبري إلي جانب كبار رجال المافيا‏,‏ بل لقد ذهب بنفسه إلي القصر الرئاسي وحصل من رئيس الجمهورية نفسه ساندرو برتين علي تبرع قيمته‏300‏ ألف دولار‏,‏ وكان حريصا في جميع تحركاته وتحصيلاته علي إقناع الجميع أن تظل المسألة سرية‏,‏ وقد تبين فيما بعد أن قيمة التبرعات التي جمعها مورافيا بحجة المساهمة في تغطية تكاليف علاج إلزا قد تجاوزت العشرة ملايين دولار‏..‏ في السر‏!!‏
وفي‏6‏ أبريل‏1986‏ لفظت إلزا أنفاسها الأخيرة داخل المستشفي ليتبين أنها كانت تحتفظ سرا في أحد المصارف السويسرية بسبائك ذهبية ومجوهرات قدرت قيمتها بسبعة ملايين دولار‏,‏ ووسط دهشة الجميع تقدم مورافيا بدعوي قضائية مطالبا بحقه في نصف المبلغ تبعا للقانون الإيطالي لأنه لم يزل زوجا لها‏,‏ وهنا ثار الجميع في وجه الأديب الكبير الذي نسي مسألة الارتباط الشرعي علي مدي ربع قرن كامل ولم يقدم لزوجته أية مساعدة مادية‏,‏ بينما يعود الآن مطالبا بحقه في‏3‏ ملايين ونصف من إرثها‏..‏ و‏..‏كانت المفاجأة أن مورافيا لم يدفع شيئا من العشرة ملايين دولار التي جمعها باسم الزوجة المريضة كتبرعات‏,‏ وتبين أن جميع مصاريف العلاج قامت بدفعها السيدة إيدا اينودي ابنة صاحب دار النشر المتعهدة كتب إلزا‏..‏ و‏..‏بسؤال مورافيا عن مصير ملايين التبرعات قال إنه بدوره قد أرسلها للجمعيات الخيرية الإنسانية سرا وبدون الإفصاح عن اسمه‏,‏ وبلوم الصحافة له علي مطالبته بحصته من إرث إلزا بعدما كان ينكرها طوال ربع القرن قال‏:‏ لست طامعا بالإرث في حد ذاته‏,‏ ولكني أعرف إن إلزا كانت علي غير وفاق مع عائلتها‏,‏ وبالتأكيد لو كانت حية لما قبلت أن ترث هذه العائلة أي شيئا منها‏,‏ ولهذا فإنني سوف آخذه كي لا أسبب لها ألما في قبرها‏,‏ ولكي أنفقه في مشروع خيري تخليدا لذكراها‏,‏ مما ليس واردا في تفكير عائلتها‏..‏ وتبرئ المحكمة مورافيا تماما وتعطيه الحق في نصيبه من التركة‏..‏ مورافيا الذي قال‏:‏ هناك نوعان من الناس‏:‏ نوع يحب الراحة ويكره أن يصاب بذرة من الألم ولو كان ذلك في سبيل مائة خطوة إلي الأمام‏,‏ ونوع آخر لا يتردد في أن يخطو خطوة واحدة إلي الأمام ولو كان في مقابلها آلام الدنيا كلها‏..‏ ومورافيا من النوع الأخير‏..‏ يحب أن يتقدم دائما ويتغير دائما‏,‏ ويدخل المعارك من أجل آرائه‏,‏ وأفكاره‏,‏ ومخططاته‏,‏ وبهذه الروح دخل مورافيا المحكمة أكثر من مرة وخرج منتصرا فأبدا لن تستطيع إيطاليا أن تعطي ظهرها لكاتب امرأتان أو السأم أو حسناء روما‏,‏ ذلك أن أدب مورافيا يبقي رغم إلزا وكل شيء متجذرا في وجدان إيطاليا حتي العظم‏!‏
[email protected]
المزيد من مقالات سناء البيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.