في عصر الديمقراطية، تكثر الشكاوي ويزيد الاحتجاج، لكن في عصر الديكتاتورية تقل الاضرابات وتخفت الأصوات. فمن يعترض يعتبر خارجا عن الشرعية، وبالتالي هو خائن ومتآمر. منذ قيام ثورة 52 يناير، نسمع نقدا لا ينقطع لأداء المجلس العسكري والحكومة. نسمع ايضا كل مرؤوس يشكو من رئيسه: يشك في تصرفاته، ويشكك في ذمته. فالذين يحتجون اليوم لم يجرؤ واحد منهم علي الشكوي أمس. كان يمكن أن يفصل من وظيفته، وقد يلقي في السجن. بعد سنوات طويلة من الديكتاتورية وحكم الفرد، لم نعد نثق بالمسئولين في مؤسسات الدولة. اصبحنا نرتاب في كل حركاتهم وسكناتهم! لاننا عشنا سنوات طويلة، نري الكبار يحتكرون كل خير البلد لأنفسهم، فتحول منا الشجاع إلي خائف والمناضل إلي متفرج والمواطن الذي كان يزرع كل ما يأكله، إلي مستورد لأغلب قوت يومه. نتمني أن نسترجع الثقة المفقودة بيننا وبين المسئولين: صغارهم وكبارهم، وهذا لن يحدث إلا لو تم الغاء الصناديق الخفية لأصحاب النفوذ.. وتيقن كل مسئول أن واجبه الاساسي ان يصدق القول وألا يخدع المواطن ويضلله. المصري ذكي، يجب أن تتم مواجهته بالحقائق، مع تقديم حلول محددة للأزمات التي يعيشها، ليحاسب من يحكمه، علي كل كلمة تخرج من فمه. انتهينا من عصر الأكاذيب وبدأنا عصر الصدق الرسمي!