أعرفه من مقالاته في مجلة »الرسالة« وأعرف أنني أظل منتظرا هذا المقال لكي أقرأ المقال علي مهل. أحيانا لا أفهم ما يقول. ولابد أنه كلام فلسفي صعب. ولكن لابد أنه مقال رائع للذين يفهمون. ولكن المقالات التي أفهمها تعجبني. كيف يرتب أفكاره، ثم كيف يهتدي الي نتيجة لا أعرف كيف اهتدي إليها. إنه ساحر يضع البيضة في جيبه وتخرج كتكوتا. كيف؟ وإنه وحده الذي يفعل ذلك. ومن الغريب أنني لا أقرأ إلا هذا المقال. ولم أحاول أن أقرأ لأحد غيره. ولم أحاول. ولا أعرف كيف نسمي هذا الذي يكتبه العقاد. ليس الذي يكتبه ولكن الذي يرتبه ثم ينتهي الي نتيجة، وغلبني حب الاستطلاع فقرأت مقالا لغيره. إنه مختلف تماما. ولكن ما هذا الاختلاف وما اسمه. لا أظن أنني في هذه السن الصغيرة أستطيع أن أجد له اسما. وكنت أقرأ مقالات العقاد سرا. بمعني أنني لا أقول ذلك. إنما حرصت علي أن أنفرد وحدي بما يكتبه العقاد. إما خوفا من أن يقال لي إن هناك من هو أحسن. ولم أسأل أحدا إن كان قد قرأ العقاد. وعندي إحساس أنه اكتشاف. كنز اكتشفته. ولا أريد أن يعرفه أحد غيري ولاحظت أن احدا من زملائي لا يقرأ مجلة »الرسالة«. إنهم يقرأون الكتب. وأغلبهم يقرأون بلغاتهم المختلفة وأنا صاحب فكرة أن كل واحد منا يلخص الكتاب الذي قرأه هذا الاسبوع، وكان الخواجات يقرأون أحسن وأسرع. وفي موضوعات مختلفة. زميلنا الألماني كان غارقا في الأدب الالماني والموسيقي وعندما يلخص الكتب فإنها موضوعات أدبية. لم اجد فيها متعة. ولا أذكر اسما واحدا للمؤلفين. ولكن لابد ان لهم قيمة لا أعرفها. وربما كان التخليص ليس كافيا. فقط زميلنا اليوناني هو الذي يستعين بأبيه. وكان كثير الحديث عن سقراط وأفلاطون.. وما قاله أحسن كثيرا من الذي تعلمناه بعد ذلك في المدرسة. لقد عرفت اسم سقراط وأفلاطون وأرسطو قبل أن أدرس الفلسفة. وقرأتها في مقالات العقاد. أحيانا يذكرها ويستخدمها حجة مقنعة. وفي جلسة في بيت أحد أصدقاء والدي جاء اسم أفلاطون وكان المتحدث يطرب كثيرا ويقول إن الأستاذ العقاد متأثر بسقراط وأفلاطون. ولم اعرف كيف. خفت أن أسأل. وكان أبي كثير الحديث عن المذاهب الصوفية. ولأول مرة أسمع اسم محيي الدين بن عربي والغزالي والشاذلي. والعقاد. وأمير الشعراء شوقي. كل هذه الاسماء في ليلة واحدة. ولم انم حتي الصباح. إن هناك علوما كثيرة لا أعرفها. ولا أعرف ما الذي يقرأونه لكي يحصلوا علي هذه المعلومات هناك كثير جدا لا أعرفه. وليس في (المكتبة الفاروقية) كتب بهذه الاسماء. أنا قرأت كل مافي المكتبة الا هذه الموضوعات.. والا كتابا واحدا للعقاد. لا أذكر الآن من الذي قال لي أن نزور معا العقاد. كانت الدعوة مفاجأة. العقاد وفي بيته. العقاد نراه ونحدثه ونسمعه. ووصف لي مجالس العقاد التي حضرها. أي واحد يستطيع أن يذهب للأستاذ العقاد. ويسعده ذلك. وقال لا تكاد تدخل حتي يجيء عصير الليمون وبعده القهوة لأي واحد. والعقاد يتكلم ويضحك بصوت عال ويحتفي بضيوفه ويحدثهم ويسألهم ويسألونه ايضا ويجيب. ياه أري الاستاذ العقاد العظيم. أراه وهو يفكر أراه وهو يرتب أفكاره. هو شخصيا.. وارتديت ملابس جديدة. وذهبت مبكرا. قال لي أنا ذاهب اليه في الساعة العاشرة. فذهبت في الثامنة صباحا.. ورأيت البيت. البيت رقم 31 والشقة رقم 31 كما كتب العقاد. وأنه لا ينزعج من هذا الرقم. وأنه يضع علي مكتبه تمثالا للبومة التي يتشاءم منها الناس. إنها البومة رقم 31. وصف السلالم التي يصعدها العقاد كل يوم والتي كتب عنها يقول: صعدتها ثلاثا ثلاثا وصعدتها اثنتين اثنتين. واليوم أصعدها واحدة واحدة. كنت أصعدها وبياض شعري يتواري في سواده واليوم أصعدها وسواد شعري يتواري في بياضه. وأنظر الي سلالم البيت كأنها مشتركة في عظمة العقاد. ولكنها سلالم غير نظيفة وكئيبة، ولكن لأنها تؤدي الي شقة الاستاذ لها دلالة ومعني آخر. ووجدت باب الشقة مغلقا. هل أضرب الجرس وأوقظ الاستاذ. هل أظل واقفا امام الشقة حتي أسمع صوتا داخلها فأدق الباب. هل انتظر حتي يجيء أول زائر. هل أنزل وأقف في الشارع. لقد ذهبت مبكرا. ولكن لا تطاوعني نفسي ان أقف تحت أو فوق. ماذا لو انفتح الباب.. هل يغضب الاستاذ. أريد أن أراه غاضبا ماذا يفعل بواحد من معجبيه، واحد يضع العقاد فوق رأسه.. بل في رأسه في قلبه في حياته. العقاد إنه أعظم ما قرأت. العقاد شخصيا. كيف يكون هذا الرجل. قلبي يدق. أسندت ظهري للحائط حتي لا اقع. نزل رجل من الدور الاعلي قال: صباح الخير رددت عليه قال: دق الباب إنهم أيقاظ. دق الباب. ودققت الباب، وانفتح وكان السفرجي وأشار أن أدخل. ودخلت وجلست في صالون العقاد. ودارت بي الارض. لم أر أي شيء لا في الصالون ولا في البيت. الآن مر ربع ساعة من الانتظار. استطيع أن أري الاستاذ بوضوح يوجد تمثال للأستاذ وتوجد لوحة غريبة. المقاعد دون المتوسط. الغرفة صغيرة جدا. وفجأة جاء الاستاذ مادا يده أهلا وسهلا. يا خبر الاستاذ العقاد شخصيا مادا يده مرحبا. ويسألني من أين وماذا أفعل وماذا أدرس قلت: في قسم الفلسفة يا أستاذ. قال أعرف كل أساتذتك بعضهم يجئ هنا. الدكتور الاهواني والدكتور زكي نجيب محمود. أحسنهما زكي نجيب محمود.. وإن كان الافضل أن أقول أحسنهم جميعا. وعرفت بعد ان العقاد كان علي حق. وتمنيت أن يجئ أحد ينقذني من مواجهة العقاد وحدي. ولم تطل أمنيتي. جاء أحد تلامذة العقاد. نهض الاستاذ واقفا: أهلا يامولانا.. أين أنت؟ كيف حالك الآن؟ وبدأ الزميل يحكي. ورحت أنظر الي العقاد. رأسه بديع وملامحه كأنه أحد آلهة الاغريق. والعقاد يسمع باهتمام شديد إذا تحدث. الآن أراه بوضوح فهو يتكلم ويتراجع وصوته خفيض. صوت هادئ كأنه اذا تكلم نحس ان افكارا هي التي لها صوت. وهو يحرك يديه. ويهز كتفيه. وإذا فرغ من الكلام أطبق شفتيه تماما كما يفعل المطربون الأوروبيون. ويضحك الاستاذ. فإذا ضحك فتح فمه وتراجع في مقعده. وهو يضحك لما يقوله هو من نكت أو المفارقات اللغوية.. الآن أراه أكثر. إنه يرتدي بيجاما قديمة وهناك بقعة علي البنطلون. وإيه يعني. إنه بنطلون العقاد.. ثم إن الشمس نفسها فيها بقع.. وليس متزوجا فلا أحد يعتني به.. وهذا السفرجي النوبي أو الصعيدي العجوز لا يستطيع وحده أن يكنس ويمسح ويغسل ويكوي.. وللعقاد طاقية من نفس قماش البيجاما. تماما كما يظهرون في الافلام الكوميدية.. ولاحظت ان العقاد يضع يده دائما علي الجانب الايسر من البطن.. إنه المصران الغليظ كما كتب في الرسالة. مسكين يا أستاذ. تخففت من الانبهار. ولكن بقي الاعجاب الشديد بالاستاذ. ولحسن حظي جاء الدكتور عبدالعزيز الاهواني. وهو خبير في الأدب والفلسفة الإسبانية. ووقف العقاد كما هي العادة. وقال له: أهلا يا مولانا.. أين أنت الآن؟ وجاء ثالث ورابع والاستاذ يقف تحية لضيوفه وامتلأ الصالون. وغيرت رأيي. لقد كان الصالون كبيرا واسعا شاسعا. ونحن نملأ المكان والاستاذ يجلس علي مقعد كبير. وكان لابد ان يتحدث الاستاذ في الفلسفة. وتحدث وناقش الاهواني وأبدي العقاد اعتراضه علي الذين قالوا إن الأدب الاوروبي لم يستفد من الفكر الاندلسي. وذكر العقاد أمثلة الاثر في الفلسفة وفي الأدب. ولم يعترف الدكتور الاهواني وإنما كان يقول: عظيم والله يا أستاذ.. الله يا أستاذ. انظر الي ملابس الاستاذ إنها نظيفة تماما.. وقد غير الاستاذ ملابسه.. والطاقية وضعها علي رأسه. وأحيانا يخلعها. ويمضي الاستاذ كأنه يقرأ في كتاب. وليس حديثا بين الاستاذ كأنه يقرأ في كتاب. وليس حديثا بين الاستاذ وتلامذته يقول كما يكتب كما يذيع في الراديو. ومن غير مناسبة ومن غير أية علاقة بما يقول الأستاذ تشجعت ولا أعرف إذا كنت الذي سألت أو هو انتظاري الطويل أو هو حرصي علي أن يحدثني عن الذي أعرفه من كل الموجودين في الصالون. قلت: يا أستاذنا.. أنت ليه ضد الفلسفة الوجودية؟ قال العقاد: يا مولانا هذه فلسفة منحلة.. هذه فلسفة القبور.. فلسفة عدمية. فالفلسفة التي تقول إنه لا يوجد غير الفرد وأن المجتمع لا قيمة له.. هذه الفلسفة لا قيمة لها، لأن الاساس هو احترام الفرد. وهي تتحدي الحرية.. حرية الفرد.. وكيف تكون حرية بلا مجتمع يا مولانا؟.. التحرر ممن يامولانا التحرر من ربقة المجتمع.. من أجل ماذا؟ من أجل لا شيء! وتضاءلت في مقعدي.. ولو هزني أحد لسقطت فورا.. إن فلسفتي ولا حاجة. الاستاذ يقول! أحزنني العقاد. هزمني بلا رحمة. كان قاسيا. هدم فوق دماغي كل ما بناه الوجوديون. ولكن لا أعتقد أن العقاد قد قرأ كل الكتب الوجودية. لا يمكن ان يكون قد قرأ الفيلسوف الألماني هيدجر الذي ولد معه في سنة واحدة، ولا قرأ سارتر ولا كيركجور. إنه لم يذق طعم الوجودية التي لم تقل إن الفرد يفعل أي شيء بحريته. إن الحرية عبء. لأن الحرية مسئولية. والمسئول هو الانسان الحر. ومن هموم الوجودية هموم الانسان الحر.. كل شيء امامه اختيارات وممكنات.. أمام سوبر ماركت أن يختار منه ما يعجبه. فإذا اختار اصبح مسئولا.. وأنت لا تختار الا نفسك، أي الذي يريح نفسك، أو الذي يؤكد وجودك في مواجهة الآخرين.. وكان اللقاء بعد ذلك عاصفا. أحسست تماما كأنني أقذف العقاد بالحجارة. هل هذا معقول؟ معقول.. لأنني أدافع عن رأيي في نظرية اعتنقتها وارتحت إليها.. رغم ان الوجودية كلها ليست مريحة، لأنها تجعل الانسان مليونيرا فلسفيا يختار ما يعجبه ويلتزم به. ولك أن تختار. وفي هذا اليوم تضايقت جدا. ولكن أردت أن انتقم، لا.. »أنتقم« هذه كلمة فظيعة.. كيف قفزت إلي لساني؟ بلاش أنتقم.. ضايقني وأريد أن أضايقه لأنه نسف ما نعتقده، لابد ان أضايقه. لابد أن أسمع منه ما لا يعرف عن الوجودية. ويبدو أن الاستاذ قرأ الكثير فيها وعنها، والا فكيف وصل الي هذه النهاية الشنيعة. إن العقاد ينتسب الي مدرسة فلسفية أخري وهي مدرسة الفيلسوف الانجليزي برتراند رسل. وهذه مدرسة التحليل المنطقي. كل شيء بالعقل.. بالمنطق الذي يظهر في مقالاته. قلت له: أستاذ.. أنا متابع كل ما صدر عن الوجودية. فقد ظهر منذ أيام كتاب مترجم للفيلسوف الدنماركي كيركجور. وهو واحد من آباء هذه الفلسفة. وكأنني طعنت الاستاذ في كرامته.. في كبريائه.. تغيرت ملامحه. هل غضب؟ نعم. والتفت الي الباب ونادي الخادم. وجاء الخادم. قال له: هات الكتب التي علي السرير. وكانت مفاجأة موجعة.. إنها كتب كيركجور التي ظهرت كلها.. وليس كتابا واحدا كالذي عندي.. ولم أكن قد رأيت كل هذه الكتب. وفي أعماقي قلت: »جول« يا استاذ! لم أسترح ولا أعرف كيف أواجه الاستاذ في الفلسفة التي تخصصت فيها. ومن المؤكد أنه يعرف أكثر. وكنت أول المتكلمين: يا أستاذ أنت قرأت الفلسفة الوجودية الدنمركية والفرنسية، أما الفلسفة الالمانية للفيلسوف هيدجر، وهو ابوالفلسفة الوجودية، فيقول الفيلسوف سارتر إنه قام بتبسيط الفلسفة الوجودية الألمانية، فالذي يريد أن يفهم هيدجر عليه أن يقرأ سارتر. وفي كتب استاذنا د. عبدالرحمن بدوي اشارات كثيرة الي ذلك. وعبدالرحمن بدوي تلميذ لهيدجر، وقد ظهر ذلك في رسالة الماجستير عن »الموت والعبقرية« ورسالة الدكتوراه التي كان موضوعها »الزمان الوجودي« إنني اذكر كل ذلك أمام الاستاذ، مؤكدا أنني أعرف ما لايعرف. فهو لا يعرف اللغة الالمانية ولا يدري شيئا عن المفردات الفلسفية ذات الاصول اليونانية. قلت ذلك بهدوء. أريد أن أستعرض ما أعرف. ولكن لا أشير إلي أن الاستاذ ربما لا يعرف. وسكت وانطلقت مدفعية الاستاذ التي اوجعتني وأصابتني في عزيز لدي، قال: يامولانا عبدالرحمن بدوي بتاعكم ده رجل جاهل.. وبعد هذه العبارة لا اظن أنني سمعت أي شيء مما قاله الاستاذ، لدرجة أنني سألت الحاضرين ماذا قال. لقد هاجم الفلسفة الوجودية وهاجم استاذنا الذي نراه نموذجا رفيعا للاستاذ وللفلسفة، فهو صاحب الفضل علينا في ترجمة المفردات الفلسفية عند هيدجر، ووجد لها أصولا عربية عند ابن سينا. مع أن المفردات الالمانية صعبة وتراكيبها أصعب. ولكن عبدالرحمن بدوي ببراعة ترجمها وقدمها ويسرها. هذا فضل عظيم نذكره لعبدالرحمن بدوي. وأن يقول عنه العقاد إنه جاهل فماذا يقول عنا؟ إنه لا يحترمنا ولا يحترم أساتذتنا. إنه شمشمون الجبار الذي هدم المعبد فوق أدمغتنا، فوق دماغي أنا. فأنا الوحيد الذي يدرس الفلسفة من رواد صالون العقاد، وأختار الفلسفة الوجودية مذهبا فكريا. عبدالرحمن بدوي جاهل؟ من المؤكد أن العقاد لم يقرأ له كتابا واحدا. ولكن لماذا هذا الحكم القاسي علي استاذ عظيم.. الحكم القاسي علينا ايضا بلا شفقة ولا رحمة. ولما رآني الاستاذ غاضبا وقد امتقع وجهي. قال: يا مولانا أنا سأريحك.. إن أستاذك عبدالرحمن بدوي هذا حمار.. هاها.. هاها.. ومن يضحك بعد ذلك؟! ساءلت نفسي: هل أتوقف عن التردد علي صالون العقاد لأنه شتم كل أساتذتنا ونسف كل ما نعتقده.. ثم أستاذنا الجليل الشاب الرائع عبدالرحمن بدوي يقول عليه: حمار! وهل هذا حكم؟ الرجل الذي وسع علمه الفلسفة الاغريقية والعصور الوسطي والحديثة والمنطق القديم والمنطق الرياضي والمنطق الوصفي والفلسفة الوضعية التي بشر بها د. زكي نجيب محمود. في يوم قال لي د. زكي نجيب محمود إن اثنين من أخلص تلامذة العقاد لم يكتب مقدمة لاي كتاب من كتبهما: أنا وأنت! فعلا الذي كتب مقدمة كتابي »حول العالم في 002 يوم« طه حسين وليس العقاد. وعبدالرحمن بدوي حمار؟ هذا العالم الجليل الذي يغار ويحقد عليه كل الاساتذة. ويوم ناقش طه حسين رسالة الدكتوراه لعبدالرحمن بدوي حمله الحاضرون علي الاعناق. وهو ما لم يحدث من قبل. ثم إن مناقشة عبدالرحمن بدوي كانت من طه حسين والشيخ مصطفي عبدالرازق ود. علي عبدالواحد وافي والمستشرق الالماني بأول كراوس. والموضوع ليس مفهوما الا لبعض المتخصصين. وقد ضايقه في المناقشة د. علي عبدالواحد الذي لا يطيقه اصلا. وكاد الطلبة يفسدون كل شيء.. بأن يتحرشوا بالدكتور وافي. يا تري هل سقراط حمار؟ وهل الفلاسفة، هيجل وكانت وماركس، وهم أعظم العقول التي خلقها الله، يا تري حمير ايضا؟ والموسيقار عبدالوهاب حمار؟ وضرب لنا مثلا بأغنية »يا عزيز عيني وانا بدي أروح بلدي«.. ببطء فهي أغنية حزينة وغناها الاستاذ، وبسرعة تم غناؤها فهي أغنية وطنية.. وقال هذا هو محمد عبدالوهاب.. ياخبر اسود: حتي عبدالوهاب يا أستاذ! وكان ولا يزال أملي أن تكون عبارتي سهلة سلسة مثل ألحان عبدالوهاب وهو ينتقل من طبقة الي طبقة في براعة لا نظير لها. يوم توهمت أنني مطرب لم يكن إعجابي بالصوت فقط، ولكن بالاسلوب. وإعجابي ليس بأسلوب العقاد وإنما بفكره. فأسلوبه خشن وأسلوب طه حسين سهل. وإذا كان أسلوب العقاد من حديد فأسلوب طه حسين من حرير.