سيدتي.. أنا في حيرة من أمري، أعيش بين الجنة والنار، ولا أعرف هل أتحمل ألم النار من أجل الجنة؟ أم أضحي بالجنة حتي أتجنب الاحتراق؟ عشت قصة حب ملتهبة مع شاب رائع، عرفت خلالها كيف يكون العشق والحنان، وسعي كل منا بقوة حتي يكون حبنا محمياً بمظلة الشرعية، وبالفعل تقدم لخطبتي ووافق أهلي عليه ليس لأنني موافقة فقط، لكن لأنهم وجدوا به إنساناً ممتازاً ومتديناً وعلي خلق. دخل بيتنا مع أسرته، وبدأت علاقتنا تتوطد أكثر وأكثر، واتخذت الشكل الرسمي، وهو ما أعطاني شعوراً رائعاً بالسعادة والاطمئنان من ناحيته، فقد ربطتنا الاتفاقات بين الأهالي ولم نعد مثلما كنا سابقاً، مجرد حبيبين، لكننا الآن أصبحنا مخطوبين وعلي وشك الزواج. عشت معه أجمل أيام حياتي، وتذوقت معني الفرح علي يده، كانت نظرته لي تكفيني وتزيل عني الهموم وتنسيني مشاكلي وأحزاني، وأنا أيضاً كنت كذلك بالنسبة له، كنت القلب الحنون الذي يرتكن إليه ويشكو حاله، ويمسح علي عتبته دموعه ويداوي جراحه. لكن بالصدفة البحتة عرفت أن والد خطيبي ووالدته منفصلان، ستقولين لي سيدتي: وما دخلك أنت بأمر كهذا؟ نعم، سؤالك منطقي جداً، فأنا ليس لي علاقة بهذه النقطة، لكن إذا عرفت وجهة نظري قد تفهمينني أكثر. أولاً: هذه نقطة جوهرية في أسرة خطيبي، وكان عليه أن يخبرني بأمر كهذا ولا يتركني أكتشفه بالصدفة. ثانياً: أخشي أن يكون هذا التفكك تسبب في خصال نفسية أثرت علي شخصية خطيبي، وأفقدته العطف والحنان، وفاقد الشيء لا يعطيه. ثالثاً: أنا سأقيم في شقة بنفس البيت الذي يعيش به خطيبي، والاحتكاك مع أسرته سيكون يومياً، وقد تنفجر المشاكل مجدداً في هذا البيت وأنا لا ذنب لي في هذا. سيدتي.. هل أنا محقة في ظنوني؟ بالله عليك أجيبيني.. الحائرة »ك. ك« الكاتبة: الآنسة »ك«. لا أعرف لماذا أشعر من سطور رسالتك بالتردد، والحيرة، كما أنني لا أجد في السبب الذي ذكرته مبرراً كافياً للخوف من الإقدام علي تلك التجربة. يبدو عزيزتي أن هناك أسباباً أخري جعلتك تتراجعين، وتترددين في الإقدام علي الزواج من حبيبك. وهذه هي الحكمة من فترة »الخطوبة«، فهي الفترة التي تتقربين خلالها من الإنسان الذي من المفترض أن يصبح زوجك، وشريك أحلامك، ومن الطبيعي أن تظهر ملامح شخصية كلا الطرفين، كل أمام الآخر خلال تلك الفترة. لذلك لا أظن أن المشكلة الحقيقية هي موضوع انفصال والديه، أو عدم إخبارك بهذا الأمر. فالكثير من الأسر المصرية الآن تعيش أشكال الانفصال المختلفة، وهذا شيء يجب ألا يخيفك، أو يجعلك تتراجعين عن قرارك بالزواج منه. فليس معني انفصال الوالدين أن هناك خللاً ما أو نقصاً في شخصيته، صحيح ان صدمة الطلاق تهز كيان الطفل أو الشاب في البداية، لكنه يتوازن فترة إذا كانت بنيته النفسية قوية، وينجح في أن يصمد في وجه أولي صدمات الحياة. كما أنه يجب ألا نأخذ الإنسان بذنب أبيه أو أمه، هذا إذا كان هناك أصلاً ذنباً. فالطلاق لا يعني بالضرورة أن هناك مخطئ، أو مذنب.. إنه أبغض الحلال لكنه حلالاً أباحه الله للرحمة بعباده عندما تتعقد الأمور، ويستحيل استمرار الحياة بين الزوجين. وهناك أسباب عديدة للطلاق، لكنها في معظمها لا تعبر عن خطأ جسيم من أي طرف من الطرفين. قد يكون السبب سوء الاختيار من البداية، أو عدم التوفيق في الحياة نتيجة الاختلاف الحاد في الطباع والأفكار، وعدم التوافق النفسي والروحي والإنساني والعقلي بين الزوجين. إذن.. يجب ألا نصدر أحكاماً قاسية علي الذين ساقتهم الأقدار إلي هذا المصير. وهو اتخاذ القرار بالطلاق وإنهاء الحياة المشتركة بينهما. أعود إليك.. وأجيب علي تساؤلك: هل الإقدام علي هذا الموضوع يشبه الارتماء في نيران الجحيم، وهل وجودك في بيت العائلة.. حيث توجد شقتك في هذا المنزل سوف يسبب لك المشاكل والخلافات؟ هذا أمر متروك لك.. فالخلافات بين أي زوجين عاقلين، يجب ألا تخرج من إطارهما هما الاثنين فقط، أما أن يتحول الخلاف إلي ساحة للنقاش، يدخل فيها أطراف كثيرة، لكل منهم آراؤه، ومعتقداته، وأفكاره.. هنا يتحول الخلاف الزوجي البسيط إلي نار مشتعلة غير قابلة لأن تخمد! احسمي أمرك عزيزتي.. غوصي في أعماق نفسك، واسأليها ماذا تريد. لا تتسرعي في الرد علي هذا السؤال، امنحي نفسك فرصة للتفكير العميق بعيداً عن أي مؤثرات. وتذكري أنه قرار مصيري لا يجوز أن نتعجل في اتخاذه، ولا أن نكذب علي أنفسنا بشأنه. خذي وقتك.. حاولي أن تأخذي إجازة عاطفية منه بلا مقابلات أو مكالمات تليفونية. إجازة تختبرين خلالها نفسك.. مشاعرك الحقيقية. وعندها سوف تضعين يدك علي الحل.. وسوف تقدرين وتكتشفين السبب أو الأسباب الحقيقية لترددك وقلقك من الارتباط به. قد تكون مخاوف طبيعية تحدث لكل فتاة وشاب قبل الزواج.. حيث تكون أو يكون قلقاً من دخول حياة جديدة لم يجربها من قبل. وهنا فالأمر بسيط ويمكن تجاوزه بالتغلب علي تلك المشاعر السلبية التي تنتمي إلي الوهم أكثر منها إلي الحقيقة والواقع. أما إذا اكتشفت أثناء تلك الخلوة مع النفس أن هناك أسباباً حقيقية تجعلك مترددة، وغير مرتاحة للارتباط به، فهنا يجب أن تتخذي قرارك الحاسم بكتابة كلمة النهاية لهذه العلاقة المقلقة. فكري بهدوء.. خذي وقتك. إنها حياتك التي يجب أن تحافظي عليها، وتعيشيها بكل سعادة واقتناع. ردود سريعة ن. م: اتركها لحياتها فأين عبارات الحب التي كانت، ولماذا كل هذا التحول الآن؟ إنها تعبث بمشاعرك فلا تستسلم لهذا النوع من النساء. ن. ع: الحظ لا معني له من دون اجتهاد والاعتماد علي الله فهو هبة ربانية.. يمنحها الله لعبده المجتهد الصبور.. فكن مجتهداً أولاً وسيأتيك الحظ طواعية. ر. س: لابد أن يكون لديك الشجاعة في مواجهة قراراتك مهما كانت صعبة ومهما كانت نتائجها.. ولا تلق اللوم علي أحد.. لأنها حياتك أنت.. وأنت من عليك أن تسأل نفسك لماذا تعيشها وتقرر كيف تعيشها؟ أ. ح: التسامح والغفران قيم لا يملكها غير أصحاب النفوس البيضاء، جربي فرصة أخري لكن اجعليها معاهدة بالأحرف الأولي فقط.. حتي تتأكدي من تغيره.