ما حدث ويحدث مشروع كارثة تجارية بكل المقاييس. كارثة تهدد صادرات مصر لدول الاتحاد الاوروبي وبالطبع تهدد سمعتها علي مستوي كل اسواق العالم! انها »حرب الاي كولاي« أو حرب تكسير العظام بين مصر والاتحاد الاوروبي .. كل منها »راكب دماغه« وكل طرف رأسه والف سيف بانه علي حق! والحكاية أو الكارثة علي وجه الدقة بدأت بقرار للاتحاد الاوروبي يحمل رقم 0005 يحظر استيراد البذور المصرية وبعض الخضراوات البقولية بشكل مؤقت بداية من يوم 6 يوليو الحالي حتي نهاية اكتوبر القادم.. القرار جاء علي خلفية حالات الاصابة ببكتيريا تسمي »إي كولاي« واسفرت حتي الآن عن موت مائة اوروبي واصابة اكثر من 4 آلاف اخرين وكأن مصر ناقصة مشاكل! قرار الاتحاد الاوروبي اشار إلي ان شحنة من بذور الحلبة المستوردة من احد المصدرين المصريين هي الاكثر احتمالا كرابط مشترك بين الاصابات في المانياوفرنسا وان كان التقرير يشير إلي ان هناك شحنات اخري من نفس المصدر يمكن ان تكون مشتركة في هذا.. ونظرا لحالات الاصابة الحادة فانه يمكن اعتبار كل الشحنات المستوردة من بذور الحلبة من هذا المصدر من 9002 إلي 1102 مصدرا للاصابة. كما يشير التقرير إلي ان تلوث الحبوب »يحتمل« ان يكون قد حدث قبل شحن الحبوب من المستورد. هذا ما قاله تقرير نهائي لهيئة سلامة الغذاء الاوروبي وبناء عليه صدر قرار الاتحاد الاوروبي بحظر استيراد البذور وبعض البقوليات من مصر. وبعده قامت الدنيا ولم تقعد بعد، ما بين اجتماعات حكومية مكثفة ومراسلات مع المفوضية الاوروبية وما بين اعتصامات سلمية امام مقر المفوضية بشارع جامعة الدول العربية بالقاهرة شارك فيها مصدرون ومنتجون وفلاحون وموظفون تضرروا من القرار الاوروبي وما بين ايضا تهديد برفع دعاوي قضائية ضد الاتحاد الاوروبي في منظمة التجارة العالمية وما بين قرار مصري بحظر استيراد الطماطم والخس والخيار من دول الاتحاد، والتي من جانبها لم تسكت فتارة تطلب ارسال بعثة تقصي حقائق داخل محطات تعبئة الصادرات المصرية وتارة تضيف سلعا اخري لقرار حظر الاستيراد من مصر.. والله اعلم ماذا تخبيء الايام القادمة! بدون شروط! وتتوالي الاحداث بشكل درامي: يوم 01 يوليو الحالي يطلب الاتحاد الاوروبي قيام بعثة من مكتب الغذاء الاوروبي بزيارة مصر في الفترة من 71 إلي 12 يوليو لبحث مشكلة الاي كولاي علي الطبيعة.. وفي نفس اليوم -01 يوليو - يوجه د.علي سليمان رئيس الحجر الزراعي بوزارة الزراعة رسالة شديدة اللهجة إلي اندرو رادو مسئول التجارة بوفد الاتحاد الاوروبي بالقاهرة قال فيها ان مصر توافق علي استقبال البعثة ولكن بعد ايقاف قرار المفوضية الاوروبية بشأن حظر استيراد البذور والبقوليات من مصر!.. واضاف: يجب اتخاذ القرار السليم بعد تقييم نتائج زيارة البعثة وانهاء التحريات الاوروبية في دول الاتحاد!.. وعقب هذا الخطاب بيومين فقط - يوم 21 يوليو - يوجه د.علي سليمان خطابا اخر اقل حدة من الخطاب الاول يقول فيه انه يرحب بزيارة الوفد الاوروبي من 71 إلي 12 يوليو بدون شروط! لكنه يضيف جملة اخري تحمل نفس ملامح التهديد حيث قال انه يجب قبل زيارة الوفد ان تجيب المفوضية الاوروبية عن عدد من الاسئلة وذلك حتي تتأكد سلطات الحجر الزراعي المصري ان القرارات التي اتخذها الاتحاد الاوروبي تجاه الصادرات المصرية الزراعية »عادلة« وللتأكد من ان واردات مصر من الاتحاد الاوروبي »آمنة«! وبالطبع فهم مسئولو الاتحاد الاوروبي من تلك الخطابات ان مصر لا تريد استقبال بعثة الاتحاد علي الاقل في الوقت الحالي لغرض في نفس يعقوب.. وهذا ما يفسر عدم وصول البعثة لمصر حتي الآن! ما علينا من نيات كل طرف فالمهم ما حدث خلال الايام التي شهدت المراسلات بين مصر والاتحاد الاوروبي حيث اصدر د.سمير الصياد وزير الصناعة والتجارة الخارجية السابق قرارا قبيل ترك منصبه الوزاري يقضي بحظر استيراد الخضراوات الطازجة »الطماطم والخيار والخس« الواردة من الدول الاوروبية وذلك لمدة 3 شهور. وما بين هذا وذاك كانت اروقة وزارة التجارة والصناعة تشهد اجتماعات مكثفة يرأسها عبدالرحمن فوزي رئيس قطاع الاتفاقيات الدولية بالوزارة وكانت التحركات لا تهدأ ولعل ابرزها ما حدث ظهر الثلاثاء الماضي حيث التقي عبدالرحمن فوزي مع مجموعة من كبار المسئولين والمصدرين شملت كلا من سيد ابوالقمصان مستشار وزير التجارة والصناعة والمهندس علي عيسي رئيس الشعبة العامة للمصدرين باتحاد الغرف التجارية ومحمد عبدالجواد علام عضو مجموعة العمل الخاصة بالتعامل مع مشكلة الاي كو لاي بجانب عدد كبير من المسئولين عن الشركات والهيئات التي تتعامل في قطاع التصدير والاستيراد.. وفي نفس الوقت تقريبا كانت هناك وقفة احتجاجية من المصدرين امام مكتب المفوضية الاوروبية بالقاهرة تعترض علي قرار حظر الاستيراد من مصر حيث اعربوا خلال هذه الوقفة عن شعورهم بالظلم وقالوا انهم تضرروا بشدة من ذلك القرار الجائر علي حد تعبيرهم. من الألف إلي الياء وهنا يشير المهندس علي عيسي رئيس شعبة المصدرين إلي مجموعة من الامور تتعلق بقرار الاتحاد الاوروبي الذي صدر بناء علي تقرير لهيئة سلامة الغذاء الاوروبي فقال ان التقرير يشير إلي ان التحاليل التي اجريت علي بذور الحلبة اثبتت جميعها »في فرنساوالمانيا« ان البذور المختبرة خالية من البكتيريا ولم يأخذ التقرير ذلك في الحسبان. واضاف قائلا ان هذه الحبوب مستوردة عام 9002 لحساب شركة في المانيا وهذه الشركة قامت بتوزيعها خلال تلك الفترة علي موزعين صغار في المانيا وعلي شركة تعبئة في انجلترا »والتي قامت بارسال بعضها إلي فرنسا« ومن الممكن ان يكون التلوث قد اصابها خلال تلك الحلقات من التوزيع لاسباب عديدة مثل سوء التخزين في مخازن اي من هذه الشركات، أو الخلط بين بذور الحلبة المصرية وبذور اخري من نفس النوع مستوردة من دول اخري ومخزنة في نفس المخازن. كما انه من الممكن حدوث التلوث عند ملامسة البذور لاحد الاشخاص المصابين بالبكتيريا.. وقد ثبت بالتحاليل ان هناك بعض الاشخاص العاملين في هذا المجال مصابين بها.. وليس من المعروف هل هم سبب الاصابة ام ان تعرضهم لبذور مصابة هو السبب! قرار متعسف واضاف علي عيسي مشيرا إلي ان الاتحاد الاوروبي لم يقم بمتابعة بحثه عن كل العناصر في مصر وفي محطات اعادة التعبئة في اوروبا بشأن المصدر القاطع لهذه البكتيريا. كما لم يقم بمتابعة البحث عن باقي المناشيء المستورد منها حبوب الحلبة. وقال انه من المعروف ان بكتيريا الاي كولاي سجلت في المانيا عام 1002 ولم تسجل اطلاقا قبل ذلك في مصر. كما ان منظمة النامرو الامريكية قامت بفحص 763 حالة مصابة باعراض مختلفة من هذا المرض ووجدت جميعها سلبية. واشار علي عيسي إلي ان الاتحاد الاوروبي بدلا من قراره المتعسف كان من المفترض ان يقوم بايقاف تداول حبوب الحلبة الموجودة في دول الاتحاد وتحليل عينات مكثفة منها وفي حالة ثبوت خلوها من البكتريا يسمح باعادة استخدامها. وكان عليه ان يطلب شهادة تحليل معتمدة من مصر لكل الشحنات التي يتم شحنها من تاريخ القرار وان يقوم بفحص وتحليل هذه الشحنات عند وصولها للتأكد من خلوها من البكتيريا. وكان يجب ان تقوم بعثة فنية من الاتحاد بزيارة مصر للوقوف علي مراحل انتاج الشحنات الموجودة باوروبا وكذلك مراحل الانتاج المتبعة في مصر، وان يتتبع مسار الشحنات الموجودة من لحظة دخولها إلي وجودها بمخازن المستوردين ونقلها إلي مخازن المستخدمين النهائيين ومدي امكانية خلطها خلال هذه المراحل. الخلاصة كما قال علي عيسي لقد تم تدمير سمعة المنتجات المصرية من المحاصيل الزراعية في كل دول العالم ولم يقتصر هذا علي البذور ولكن علي جميع انواع الخضر والفاكهة. كما حذت بعض الدول الاخري مثل اوكرانيا وروسيا وسويسرا حذو الاتحاد الاوروبي والمتوقع زيادة عدد هذه الدول تباعا! وبالطبع فانه من المتوقع حال استمرار هذا الحظر ان تتصاعد الخسائر يوميا مع زيادة الدعاية السلبية الخاصة بهذا الموضوع في كل الدول. والحل؟ يقول علي عيسي: الطلب الفوري لالغاء قرار الاتحاد الاوروبي لعدم استناده علي اي ادلة علمية. واحتياطيا يجب المطالبة الفورية علي الاقل برفع البقوليات الطازجة والمجمدة من القرار حيث انها لا تتسق حتي مع هذا القرار المتعسف. كما طالب علي عيسي باقامة دعوي قضائية ضد الاتحاد الاوروبي في منظمة التجارة العالمية. وكذا ضد باقي الدول التي حذت حذو الاتحاد. وطالب كذلك بحظر استيراد المنتجات الاوروبية حيث ان هناك تخوفا من وجود بكتريا الايكولاي في هذه الدول. وطالب ايضا بالتعويض المناسب حيث ان القرار يتأثر به صغار المزارعين المتعاقدين مع الشركات المصدرة وايضا العاملون في محطات التعبئة والتغليف والثلاجات ومالكو وسائقو الشاحنات العاملة في هذا القطاع وكذا مصانع الكرتون ومواد التغليف وبعض اصحاب التوكيلات الملاحية والشحن الجوي.. وبالطبع المصدرون. هذا ما قاله علي عيسي.. ومن جانبه بدأ المجلس التصديري للحاصلات الزراعية اتخاذ عدة اجراءات ضد قرار الاتحاد الاوروبي.. بدءا بالوقفة الاحتجاجية ظهر الثلاثاء الماضي امام مقر المفوضية الاوروبية بالقاهرة مرورا بالتواصل مع محامين مختصين لرفع دعاوي قضائية امام منظمة التجارة العالمية ضد الاتحاد الاوروبي. وسوف يقوم المجلس التصديري بتمويل اتعاب هذه الاجراءات القضائية.. وانتهاء بما تحمله الايام القادمة! الايام أو الساعات القادمة تحتاج إلي هدوء في التعامل مع الموقف أو الكارثة علي وجه الدقة! خاصة ان الاتحاد الاوروبي قرر اخيرا ضم »الفلفل« المصري إلي قائمة السلع المحظور استيرادها.. وخاصة ايضا ان رفع قضية ضد الاتحاد امام منظمة التجارة العالمية يستغرق البت فيها شهورا طويلة وتتكلف الملايين! مصر مش ناقصة!