الرغبة هذه المرة أكيدة : الجميع متفائلون هذه المرة بانطلاقة جديدة في العلاقات المصرية السودانية، لتضافر الإرادة السياسية مع رغبة الشعبين، في التطلع إلي المستقبل، بمشروعات كبيرة تحمل الخير للبلدين، فمصر تمتلك الخبرات والقوي البشرية، والسودان لديه الأرض و الثروات الطبيعية، وإذا اندمج الجانبان يمكن أن تنعكس النتائج علي الشعبين في وقت قريب. في القصر الرئاسي بالخرطوم لمسنا الرغبة الطيبة في كبار الاعلاميين السودانيين، والرغبة أيضا من جانبنا، علي طي صفحة الماضي، وإذابة الخلافات والعمل علي تحسين العلاقات، ونبذ كل محاولات الفتن، والوقيعة، وأن نتقارب ونتحاور، ونتبادل الزيارات، فلا وقت نضيعه في افتعال الأزمات. الماضي يوحدنا والمستقبل يحمينا : وظهرت أسباب التفاؤل وعلامات الرضا، علي وجهي الرئيسين السيسي والبشير، في المؤتمر الصحفي الذي اعقب المباحثات، مساء الخميس الماضي، فالرئيس البشير ارتجل كلمة مليئة بالحب والمشاعر الطيبة، تجاه مصر ورئيسها وشعبها، واستشهد بالنيل العظيم، الذي يجري في دماء الشعبين، فإذا كان جسم الإنسان يتكون من 75٪ مياها، فدماؤنا مشتركة ومشاعرنا واحدة. وكانت كلمة الرئيس السيسي القصيرة، جولة سريعة في ملف العلاقات الطيبة، تمتد جذورها من الماضي وتتطلع إلي المستقبل، وتحتم ان تتحد إرادة الدولتين والشعبين، في عبور كل ما يعكر صفو العلاقات والتأكيد علي أن ما يربط بين البلدين يندر أن يتكرر بين أي دولتين وشعبين علي مستوي العالم السكك الحديدية والكهرباء : بداية الانطلاقة الكبري هي الربط الكهربائي بين البلدين، والسكك الحديدية المشتركة، بعد توحيد النظام في القضبان والعربات.. وهي خطوة مهمة وضرورية، لتسهيل انتقال الشعبين، والسلع والبضائع، واحداث نقلة كبيرة في التكامل الاقتصادي، وإزالة عقبات التنقل، ووضع حرية التنقل موضع التنفيذ، كأحد أهم بنود اتفاقية »الحريات الأربع».. التنقل والعمل والتملك والإقامة. الحريات الاربع الموقعة بين البلدين عام 2004، هي المدخل الطبيعي لتحقيق تطلعات الشعبين، في علاقات طيبة وممتدة، بعيدا عن الاختلافات السياسية وتمثل في نفس الوقت سياجاً آمنا، يحمي الدولتين والشعبين من أي اسباب للخلاف في المستقبل. الإعلام وإطفاء الحرائق : يجب أن نعترف أن الاعلام هو الذي اشعل الخلافات في السنوات الماضية، وخرجت بعض الاقلام تثير الفتن وتدق الاسافين، وأخذت الوقيعة شكل الفعل، ورد الفعل والتصعيد المتبادل، احيانا بحسن نية، واحيانا بسوء القصد والنوايا. الإعلام هو الذي لعب دور البطل الشرير، وأن الآوان وضع منظومة إعلامية منضبطة، تعلي المصالح القومية العليا فوق أي اعتبارات، وان تختفي الاراء الحاقدة والكتابات المسيئة، فليس من الحكمة ان تكون العلاقات رهنا لما يكتب هنا وهناك من أراء لا تعبر عن القيادتين والشعبين. في رقبة الاعلاميين في البلدين أمانة كبري، هي رعاية مصالح الشعبين، فأعداد السودانيين في مصر وكذلك المصريين في السودان كبيرة، وليس دور الإعلام أن يفسد الاجواء، وإنما التهدئة وتحسين الأجواء.