إسكان النواب: إخلاء سبيل المحبوس على ذمة مخالفة البناء حال تقديم طلب التصالح    بكام الفراخ البيضاء اليوم؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية السبت 4 مايو 2024    جيش الاحتلال ينشر قناصته على أسطح المنازل في بلدة دير الغصون شمال طولكرم    «مدرب واقعي».. سيد عبد الحفيظ يتغزل في جوميز    تفاصيل التحقيقات مع 5 متهمين بواقعة قتل «طفل شبرا الخيمة»    الداخلية توجه رسالة للأجانب المقيمين في مصر.. ما هي؟    وفاة الإذاعي الكبير أحمد أبو السعود.. شارك في حرب أكتوبر    دراسة جديدة تحذر من تربية القطط.. تؤثر على الصحة العقلية    صحيفة: ترامب وضع خطة لتسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا    رسالة من مشرعين ديمقراطيين لبايدن: أدلة على انتهاك إسرائيل للقانون الأمريكي    تستمر يومين.. الأرصاد تحذر من ظاهرة جوية تضرب مصر خلال ساعات    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال أعياد القيامة وشم النسيم    تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة الجونة    لو بتحبي رجل من برج الدلو.. اعرفي أفضل طريقة للتعامل معه    مينا مسعود أحد الأبطال.. المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    إسماعيل يوسف: «كولر يستفز كهربا علشان يعمل مشكلة»    المحكمة الجنائية الدولية تحذّر من تهديدات انتقامية ضدها    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الجديد.. سعر الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم السبت في الصاغة    مالكة عقار واقعة «طفل شبرا الخيمة»: «المتهم استأجر الشقة لمدة عامين» (مستند)    ارتفاع جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 4 مايو 2024 في المصانع والأسواق    مصطفى بكري عن اتحاد القبائل العربية: سيؤسس وفق قانون الجمعيات الأهلية    دفنوه بجوار المنزل .. زوجان ينهيان حياة ابنهما في البحيرة    جوميز يكتب نهاية شيكابالا رسميا، وإبراهيم سعيد: بداية الإصلاح والزمالك أفضل بدونه    37 قتيلا و74 مفقودا على الأقل جراء الفيضانات في جنوب البرازيل    العالم يتأهب ل«حرب كبرى».. أمريكا تحذر مواطنيها من عمليات عسكرية| عاجل    صوت النيل وكوكب الشرق الجديد، كيف استقبل الجمهور آمال ماهر في السعودية؟    رشيد مشهراوي ل منى الشاذلي: جئت للإنسان الصح في البلد الصح    معرض أبو ظبي للكتاب.. جناح مصر يعرض مسيرة إبداع يوسف القعيد    وكالة فيتش تغير نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى إيجابية    حسام موافي يوضح خطورة الإمساك وأسبابه.. وطريقة علاجه دون أدوية    برش خرطوش..إصابة 4 من أبناء العمومة بمشاجرة بسوهاج    وفاة الإذاعي أحمد أبو السعود رئيس شبكة الإذاعات الإقليمية الأسبق.. تعرف على موعد تشييع جثمانه    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    «صلت الفجر وقطعتها».. اعترافات مثيرة لقاتلة عجوز الفيوم من أجل سرقتها    هييجي امتي بقى.. موعد إجازة عيد شم النسيم 2024    حازم خميس يكشف مصير مباراة الأهلي والترجي بعد إيقاف تونس بسبب المنشطات    عرض غريب يظهر لأول مرة.. عامل أمريكي يصاب بفيروس أنفلونزا الطيور من بقرة    تقرير: 26% زيادة في أسعار الطيران السياحي خلال الصيف    وكالة فيتش ترفع نظرتها المستقبلية لمصر وتثبت تصنيفها عند -B    وكالة فيتش ترفع نظرتها المستقبلية لمصر إلى إيجابية    توفيق عكاشة: الجلاد وعيسى أصدقائي.. وهذا رأيي في أحمد موسى    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    أول تعليق من الخطيب على تتويج الأهلي بكأس السلة للسيدات    تعثر أمام هوفنهايم.. لايبزيج يفرط في انتزاع المركز الثالث بالبوندسليجا    «البيطريين» تُطلق قناة جديدة لاطلاع أعضاء النقابة على كافة المستجدات    سلوي طالبة فنون جميلة ببني سويف : أتمني تزيين شوارع وميادين بلدنا    250 مليون دولار .. انشاء أول مصنع لكمبوريسر التكييف في بني سويف    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    برلماني: تدشين اتحاد القبائل رسالة للجميع بإصطفاف المصريين خلف القيادة السياسية    أحمد ياسر يكتب: التاريخ السري لحرب المعلومات المُضللة    كندا توقف 3 أشخاص تشتبه في ضلوعهم باغتيال ناشط انفصالي من السيخ    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



5 شياطين تشعل الفتنة بين مصر والسودان
يزرعون الشر فى أرض «الأرواح الطيبة»:
نشر في الوفد يوم 27 - 12 - 2017


تحقبق مجدي سلامة: اشراف : نادية صبحى
محللون يحذرون من تداعيات رفع «أردوغان» لإشارة رابعة في الخرطوم
قطر تعزف على وتر حلايب وشلاتين
الإخوان وراء كل أزمات القاهرة - الخرطوم طوال 70 عاما
كتائب إليكترونية تشعل نار الغضب السوداني ضد المصريين
دور مشبوه لجماعات صهيونية في «أرض الأرواح»
السفير محمد عرابي وزير الخارجية الأسبق:دور مهم للدبلوماسية الشعبية في إطفاء نار الفتن
السفير سيد أبوزيد: يجب بذل الجهود لتعزيز علاقات الأخوة بين الشعبين
السوداني عثمان الباقر.. الجماعة الإرهابية معضلة العلاقات المصرية السودانية
5 شياطين تشعل نار الفتنة بين مصر والسودان..أحدهم شيطان عتيق كان وراء جميع الأزمات التي طرأت على علاقة الشقيقتين القاهرة والخرطوم طوال السبعين عاماً الأخيرة.. والشيطان الثاني دويلة صغيرة يحمل حاكمها الشاب كراهية غير طبيعية لمصر.. والشيطان الثالث دولة إقليمية يتولي رئيسها قيادة تنفيذ المخطط الصهيوني بإقامة إسرائيل الكبري الممتدة من النيل للفرات.. أما الشيطان الرابع فهو دوائر صهيونية تنفذ في السودان ألاعيب غريبة من أجل أن تدفعها دفعا للصدام مع مصر.. أما الشيطان الخامس قيتجسد في كتائب إليكترونية في السودان تم تجنيدها لترويج كل ما من شأنه تعكير علاقة السودانيين بالمصريين.. بشكل غير مبرر بين شعبين عاشا قروناً طويلة على أنهما شعب واحد.
فيسجل التاريخ أن المصريين القدماء، أطلقوا على السودان اسم «أرض الارواح»، كانوا يعتقدون أنها الجنة التي ستسكنها الأرواح الطيبة بعد الموت، ومن هنا جاءت المقولة التي ظلت تتردد لقرون طويلة، بأن نهر النيل ينبع من الجنة
و في العهد الحديث، اصطلح المصريون على وصف السودانيين بعبارة « اصحاب البشرة السوداء والقلوب البيضاء » وهي عبارة تعكس حالة حب من نوع خاص تربط المصريين بالسودانيين، وهي الحالة التي وصلت لدرجة أن السودانيين ظلوا لعقود طويلة يعتبرون مصر هي السودان الشمالية، وبالمقابل كان المصريون يعتبرون السودان هي مصر الجنوبية.
وأمام هذه الحال تبدو الجلطات التي تضرب شرايين العلاقة المصرية السودانية حاليا، أمرا غريبا تستحق البحث في أسبابها.. ومعرفة من يقف وراءها؟..وتحديد من يشعل الناربين مصر والسودان؟... ولماذا ؟
الإجابة عن تلك الأسئلة حاليا صارت حتمية، خاصة وأن تلك العلاقة تشهد حاليا حالة استهداف تصدع غير مسبوقة، وصل لدرجة أن الخرطوم تقدمت بشكوي في مجلس الأمن إتهمت فيها القاهرة بإحتلال حلايب وشلاتين!.. وفوق هذا قررت السلطات السودانية فرض تأشيرات على المصريين القادمين إلى أراضيها من سن 18 وحتى 49 عاما،، وهو ما لم يكن معمولا به بين البلدين لقرون، حيث كان بإمكان كل مصري دخول الأراضي السودانية بجوازه سفره المصري ودون الحاجة للحصول على تأشيرة مسبقة.
على مدي التاريخ كانت العلاقات المصرية السودانية متميزة بشكل كبير، حتى أن الدولتين اندمجتا في دولة واحدة لعقود طويلة، سواء في زمن الفراعنة..و في العصر الحديث، وتحديدا منذ عصر محمد علي - مطلع القرن فبل الماضي، كانت السودان عبارة عن عدة ممالك منقسمة ولكن الجيش المصري وحد هذه الممالك جميعا في دولة واحدة، وهي السودان، وظلت السودان تابعة لحكم محمد على الذي صار حاكم مصر والسودان.
ولكن بعد أن احتل الإنجليز مصر عام 1882 أجبرت بريطانيا الحكومة المصرية في يناير1899على توقيع اتفاقية الحكم الثنائي في السودان ، وبموجب تلك الاتفاقية، كان السودان خاضعا لحكم بريطاني مصري من الناحية القانونية ولحكم بريطاني منفرد من الناحية الواقعية، ومن هنا بدأت الألاعيب الاستعمارية لفصل السودان عن مصر وهو ما رفضته الأحزاب الوطنية المصرية، وعلى رأسها الوفد، ويحفظ التاريخ للزعيم الوفدي مصطفي النحاس مقولته الشهيرة « تُقطع يدي ولا تفصل السودان عن مصر »، حيث كانت العقيدة الوطنية للمصريين تؤمن بأنه لا يمكن لمصر أن تنفصل عن السودان، حيث تجمعهما أهداف واحدة، ومصير واحد، ومصالح واحدة ..
ويسجل التاريخ أيضا للأمير عمر طوسون أنه رد على قول البعض بأن اتحاد مصر والسودان نوع من أنواع الاستعمار قائلاً «فلتستعمرنا السودان إن لم نستعمرها»
هكذا كان المصريون ينظرون للسودان قبل ثورة يوليو 1952، وعندما اندلعت الثورة في مصر، ايدها السودانيون بشكل كبير، خاصة وأن قائد تلك الثورة (اللواء محمد نجيب) كان السودانيون يعتبرونه سودانيا بحكم مولده ونشأته ومسيرته الدراسية في مدارس وادي حلفا ثم في كلية غوردون بالخرطوم وعلاقاته القديمة الوثيقة بأهل السودان وكانت وجهة نظر محمد نجيب في قضية السودان تختلف تماما عن وجهة نظر الاحزاب المصرية في مفاوضاتها طيلة70 عاما مع بريطانيا، فبينما كان المفاوضون المصريون يتمسكون دائما بأن يكون لملك مصر حق السيادة علي السودان كان محمد نجيب يعتنق مبدأ حق السودانيين في تقرير مصيرهم.
ولهذا كان طبيعيا أن توقع مصر وبريطانيا في فبراير 1953اتفاقية تمنح السودان حكما ذاتيا، ووقتها تطلع الشعبان المصري والسوداني إلى إعلان الاتحاد بين الدولتين، ولكن حدثا في مصر حول هذا الحلم إلى سراب.
وهذا الحدث هو محاولة اغتيال جمال عبدالناصر رئيس وزراء مصر وقتها في ميدان المنشية بالاسكندرية يوم26 أكتوبر، وبعده شهدت مصر تداعيات كثيرة، كان على رأسها الإطاحة بمحمد نجيب من رئاسة مصر وهو ما أغضب السودانيين الذين كانوا يعتبرونه رمز الاتحاد بين البلدين
وبعدها ظهرت على السطح موجة من الهجوم المتبادل في وسائل الاعلام بين رئيس وزراء السودان وبين صلاح سالم المسئول المصري عن شئون السودان
وفي أول يناير1956 عقد البرلمان السوداني جلسته الشهيرة التي أعلن خلالها رئيس الوزراء اسماعيل الازهري استقلال السودان ثم أخطر اعضاء البرلمان انه قد تلقي اعترافا بهذا الاستقلال من جمال عبدالناصر رئيس وزراء مصر وسلوين لويد وزير خارجية بريطانيا
ويتفق المؤرخون على أن العلاقة بين مصر والسودان شهدت طوال حكم عبدالناصر لمصر مدا وجزرا ففي الفترة من عام 1956 إلى 1958تميزت العلاقات بالتوتر وظهر ذلك في الطريقة التي تعاملت بها حكومة عبد الله خليل مع أزمة حلايب حينما قام عبد الناصر بإرسال قوات إلى المنطقة.
بعد هزيمة يونيو 1967، تحسنت العلاقات المصرية السودانية بعد قرار السودان بقطع علاقتها مع بريطانيا والولايات المتحدة، وأعلن محمد أحمد محجوب رئيس الحكومة السودانية وقوفه بجانب مصر وتلبية احتياجاتها الحربية، وقطع علاقة السودان بل من يساعد إسرائيل، وساندت السودان بقوة الرئيس المصري جمال عبد الناصر في طلبه الاتصال بالملوك والرؤساء العرب لتمويل احتياجات مصر بالسلاح.
وصعدت العلاقات إلى ذروتها بعدما استضافت السودان قمة الخرطوم (قمة جامعة الدول العربية) والتي تم التأكيد فيها على وحدة الصف العربي وتصفية الخلافات.
شهدت العلاقات تحسنا كبيرا في فترة السادات– جعفر النميري، على الرغم من بعض التوترات والخلافات التي أصابت العلاقات قبل عقد اتفاقية التكامل في 1974، حيث تقاربت السودان مع واشنطن، وأعادت العلاقات معها بعد انقلاب هاشم العطا في 1971 (محاولة انقلاب من الحزب الشيوعي على النميري)، وبعد الرعاية الأمريكية لاتفاقية أديس أبابا 1972 بين الحكومة وبين حركة تحرير السودان الجنوبية.
ولكن زالت هذه الخلافات في عام 1973، وتم توقيع اتفاق للتكامل الاقتصادي بين البلدين في فبراير 1974، وذلك بعد التقاء السياسة الخارجية للبلدين على مرافئ واشنطن حينما حوّل السادات وجهته نحو الولايات المتحدة.
ومع مطلع الألفية الجديدة بدأت العلاقات المصرية السودانية في التحسن، بعد الانشقاق الذي وقع في صفوف نظام الإنقاذ وخروج حسن الترابي ( عضو التنظيم العالمي للإخوان ) من الحكم، وبعد تجاوز الأزمة التي أثارها توقيع اتفاق ماشاكوس عام 2002 الذي وافقت فيه الحكومة السودانية على منح الجنوب حق تقرير المصير عبر استفتاء، بدون التنسيق مع القاهرة.
في عام 2004، تم توقيع «اتفاق الحريات الأربع» الذي نص على: حرية التنقل، وحرية الإقامة،
وحرية العمل، وحرية التملك بين البلدين. واعتبرت أوساط سياسية وإعلامية حينها أن تلك الاتفاقية دشنت عهدًا جديدًا من العلاقات بين البلدين، وطوت معها صفحة الماضي وأزماته.
وبعد ثورة 2011 حظيت العلاقات المصرية السودانية باهتمام رسمي وشعبي أملا في إحداث تحول معتبر في العلاقة بين البلدين، وقد بدا ذلك عبر سلسلة من الزيارات الرسمية المتبادلة، والتصريحات والبيانات المعبرة عن الرغبة في الوصول إلى مرحلة الشراكة الإستراتيجية الكاملة.
بدأ ذلك في فترة المجلس العسكري بزيارة عصام شرف للسودان. وفي فترة حكم الإخواني محمد مرسي لمصر، قام البشير بزيارة القاهرة، أعقبتها زيارة هشام قنديل للخرطوم وكل تلك الاجتماعات والزيارات تركزت في مواضيع الحريات الأربع السابق توقيعها عام 2004، إضافة إلى التعاون الزراعي والاستثماري، والتبادل التجاري، والمشروعات المشتركة في مجال الطرق، وتنسيق المواقف بشأن قضية سد النهضة.
ووقتها قال الرئيس السوداني عمر البشير إن « محمد مرسي» تعهد بمنح حلايب وشلاتين للسودان، ولم يعلق « مرسي» على ماقاله الرئيس السوداني!
وبعد عزل المصريين للإخواني محمد مرسي في 2013، سعت مصر لتحسين علاقتها بالنظام السوداني بزيارات قياسية متتالية لم تحدث في تاريخ البلدين..والتقى الرئيسان السيسي والبشير7 مرات، ومنح الرئيس السيسي الرئيس السوداني نجمة الشرف العسكري، والمفاجأة أن هذا كله لم يصفي الأجواء بين القاهرة والخرطوم، ووصل لدرجة أن السودان شكت مصر لمجلس الأمن باعتبارها محتلة لحلايب وشلاتين..
ومن هنا نعود نطرح السؤال مجددا : من يشعل النار بين مصر والسودان ؟..الناشط والمفكر السوداني عثمان الباقر له رأي خاص في اسباب توتر العلاقات بين مصر والسودان، فمع تأكيده على أن العلاقات السودانية المصرية علاقات تاريخية وازلية ويجب ان تكون كذلك الا ان المعضلة - في رأيه- تكمن في الحركة الاسلامية العالمية وجماعة الاخوان.. ويقول « الحركة والإخوان يشرعان في تقديم السودان علي انه دولة الميثاق ويصورون توجهات الرأي العالمي بان السودان هو الدولة الوحيدة الرعاية لمشروعهم الاسلامي».
ويضيف «المؤكد ان الموقف الرسمي المصري يدعم ويساند السودان إيمانا بالمصير المشترك للبلدين وقد اكد بعض ممن لهم وضع في السياسة السودانية ان الخطاب الرسمي المصري منصف للسودان الا ان الخطاب الدبلوماسي السوداني غير متخصص ويعتمد علي ما ينشره الاعلام المصري ولم يواكب الخط الدبلوماسي المصري والمحير في الامر أن الخارجية السودانية ترد على الإعلام المصري متجاوزة الرأي الرسمي للدولة».
ويواصل «والمؤكد ان قطر داعمة لخط الاخوان ، وبالتالي فهي ضد النظام الحاكم في مصر حاليا، وتسعي إلى كل ما من شأنه أن يشتت انتباهه ويدخله في صدامات، وبالتالي فإن تقاربه مع السودان يخلق أزمة ثقة بين الجانبين، وتسبب في ازمة ثقة تدار باسلوب الحرب الباردة إلا أن العلاقات السودانية المصرية دخلت في مربع يمكن أن يوصف بأنه مربع الفتور والغموض» وهكذا يشير الباقر إلى أن الإخوان وقطر وراء دق الاسافين في طريق العلاقات المصرية السودانية، وربما يكون هناك أكثر من دليل على أن قطر وراء محاولات تعكيرصفو العلاقات المصرية السودانية، وهذا الدليل هو أنه يعقب كل زيارة لمسئول قطري للسودان خروج تصريحات سودانية تهاجم مصر!
وما يؤكد تورط قطر في إشعال نار الفتنة بين مصر والسودان هو أن قناة الجزيرة القطرية خصصت حلقة كاملة مطلع هذا الشهر، عن مثلث حلايب وأطلقت عليه المثلث الاصفر ( أي الغني بالذهب) والحلقة مليئة بالمغالطات والإيحاءات التي تصب كلها في خانة أن مثلث حلايب وشلاتين سوداني وأنه تحت الاختلال المصري، والغريب أنهم أرادوا التدليل على سودانية المثلث بالقول إن هذا المثلث لا يبعد عن الخرطوم سوي 950 كيلو مترا بينما يبعد عن القاهرة ب 1200 كيلو متر!
أمر آخر كشفته شخصيات سودانية ومسئولو مراكز أبحاث ووسائل إعلام سودانية، هو وجود كتائب إليكترونية مكثفة في السودان ليست متفرغة تماما لإشعال نار الفتنة بين الشعبين المصري والسوداني، وهذه الكتائب الإليكترونية لا تتوقف عن ترديد أن المصريين يسخرون من السودان، وان المصريين يتمنون احتلال السودان ويعتبرونها ارضا مستباحة، وللاسف يجد هؤلاء ما يساعدهم على ترويج تلك الرسالة المغلوطة مستغلين تصريحات غير مسئولة يطلقها بعض الإعلاميين المصريين، فيتم تحريفها وتضخيمها، ونشرها بشكل كبير في السودان، وهو ما يزيد حالة الاختفاء ويرددون دوما بأن الإعلام المصري يستخف بالسودان والسودانيين!
ويلمح بعض السودانيين إلى أن تركيا تقوم بدور أيضا في اشعال نار الفتنة بين مصر والسودان، بهدف قطع العلاقات بينهما وهو ما يسهل نقل الإرهابيين من ليبيا إلى سيناء عبر الأراضي السودانية، وهو ما يصب في النهاية في صالح المخطط الصهيوني بتفتيت الدول العربية وإقامة إسرائيل الكبري من النيل للفرات، ففي فيديو نشرته جريدة الزمان التركية قبل أيام قال أردوغان بالحرف الواحد إن دوره الرئيسي هو تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير الأمريكي، وهو المشروع الذي يؤدي بدوره إلى إعلان إسرائيل الكبري.
وتتوقع كثير من الدوائر السياسية أن يزداد التصعيد السوداني ضد مصر، خلال الفترة القادمة في أعقاب الزيارة التي قام بها الرئيس التركي أردوغان للخرطوم مؤخرا، وهي الزيارة التي تنازلت فيها السودان عن أهم جزره سواكن ( أهم الجزر السودانية في البحر الأحمر) لتركيا لكي تستعمرها وتنميها!..
ويراهن المحللون على أن أردوغان الذي رفع إشارة رابعة أثناء زيارة للسودان، لابد وأنه وضع خطة تصعيد للسودان ضد مصر،إلا أن السفير محمد العرابي وزير خارجية مصر الأسبق يرفض التسرع في الحكم علي تأثيرات زيارة أردوغان للسودان على العلاقات المصرية السودانية.. وقال « عرابي» ل «الوفد» يجب أن ننتظر لكي نري الآثار الناجمة عن الزيارة، فالحكم علي الزيارة وتداعياتها الآن مبكر جدا ».
وأضاف: «السودان دولة ذات سيادة ومن حقها أن توثق علاقاتها بمن تشاء من الدول، بشرط ألا تؤدي تلك العلاقة إلى الإضرار بالأمن القومي المصري، وأيا كان الأمر فمصر قادرة على مواجهة أية خروقات تهدد أمنها القومي «وشدد وزير خارجية مصر الأسبق» على أن العلاقات السودانية المصرية علاقات أبدية، وهي الباقية والدائمة أما علاقة السودان مع تركيا أو أي دولة أخري فهي علاقة لها طابع استراتيجي وتعتمد في الأساس على الأحلام التركية في المنطقة. وقال « للأسف هناك من يعبث في العلاقات المصرية السودانية، ويجب على البرلمان والدبلوماسية الشعبية في البلدين أن تواجه هذا العبث وأن تتواصل معا من أجل أن تظل العلاقة بين البلدين علاقة إخاء كما كانت طوال قرون طويلة »
وأضاف « من المهم أن يحدث توافق إستراتيجي مصري سوداني، على القضايا الرئيسية بين البلدين، وأن يقطعا الطريق على من يشعلون نار الفتنة بين البلدين الشقيقين صاحبا العلاقات الأبدية والدائمة بين شعبيهما».
وليس خافيا أن اسرائيل تلعب أدوارا مريبة في الداخل السوداني، ووصلت لتحسين غير مسبوق في العلاقات السودانية الإسرائيلية، لدرجة أن تل أبيب في الفترة الأخيرة بذلت جهودا مكثفة لدي أمريكا وأوربا لتحسين علاقاتها مع السودان وتقديم مبادرات حسن نية تجاهه، وهو ما دفع أمريكا إلى رفع عقوبتها عن السودان قبل اسابيع قليلة.. وهذا التحسن المريب بين السودان وإسرائيل يعكس مدي تغلغل الصهاينة في الخرطوم، وحينما يتواجد الصهاينة لا تتوقف مؤامراتهم ضد مصر.
ورغم كل ذلك يشدد السفير سيد أبوزيد مساعد وزير الخارجية لشئون الشرق الأوسط سابقا على ضرورة أن تبذل القاهرة والخرطوم أقصي ما يمكن من جهود لتبقي العلاقات بين الشعبين علاقات أخوة وأشقاء.. ويقول «العلاقة بين الشعبين هي علاقة تاريخية ومتجذرة، ويجب أن تظل كذلك وأن يتم إطفاء كل فتنة تشعلها من لايريد خيرا بالشقيقتين السودان ومصر».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.