المشهد الثوري الذي تفتحت عليه عيوننا مع انطلاق صحوة الامة يوم 52 يناير الماضي افرزت ينابيعه مفردات الحرية والعدالة والكرامة والعزة التي اشتقنا إليها كثيرا بعد سنوات طويلة من الحرمان افقدتنا الامل في ميلاد فجر جديد يشعر فيه كل المصريين ان وطنهم ملكا لهم واننا جميعا شركاء في ثروات هذا الوطن ولسنا غرباء عن طين الارض الطيبة التي حاولت شلة من اللصوص نهب خيراتها علي مدي السنوات الماضية. ووسط حالة التوهج التي ازدان بها المشهد الثوري خرج من رحم المعاناة فنانون وشعراء عبروا عن ضمير امتهم بكل الصدق والوعي والفهم وكان من بين هؤلاء شعراء توقفت طويلا امام اشعارهم التي زلزلت كياني وسكنت عقلي وقلبي واعادتني لذكريات زمن فات كان الشعراء فيه هم زهرة الامة واحد اهم اضلاع مثلث الابداع علي ارضنا الطيبة فمن منا ينسي اشعار محمود سامي البارودي واحمد علي الجارم ومحمود حسن اسماعيل ومرورا بالمبدعين بيرم التونسي وفؤاد حداد وعبدالرحمن الابنودي وصلاح جاهين وصلاح عبدالصبور واحمد فؤاد نجم وامل دنقل واحمد عبدالمعطي حجازي وسيد حجاب وفاروق جويدة وجمال بخيت ووصولا إلي الاجيال الجديدة التي ظهر فيها وبقوة مجموعة من النجوم البارزة علي ساحة دولة الشعر حملت اشعارهم رائحة تراب هذا الوطن في الساعات الحلوة والمرة التي لم تخلوا منها ايامنا وليالينا طوال 03 سنة مضت إلي غير رجعة. وكل شعراء الثورة الذين ظهروا مؤخرا مهمومين بقضايا الناس البسطاء الذين يذوبون عشقا في مصر مثلهم مثل غيرهم من الملايين الذين وقفوا وقفة رجل واحد لاحداث رياح التغيير في لحظة فارقة من عمر الوطن فراحوا يكتبون عن الثوار وامالهم المشروعة في الثورة والتحرر وتحطيم القيود فجاءت كلماتهم تعبيرا صادقا عنهم بكل افكارهم وطموحاتهم وميولهم السياسية المختلفة فهي شعاع نور ظهر وسط ظلام دامس يشد من عزم كل بني ادم قام ووقف ضد الطغاة يطلب منهم الرحيل عن وطننا الغالي. ويا عزيزي القاريء دعني اقول لك انك عندما تفعل مثلي وتعيش وسط هؤلاء الشعراء وقصائدهم الشهيرة لابد ان يسيطر عليك الشعور بكل انواع الزهو والفخار تجاه شعراء يمتلكون قدرة غير عادية علي جذب الناس إلي ما تقوله قصائدهم من مفردات تدغدغ المشاعر والاحاسيس وتغوص داخل الوجدان وتعيد تشكيله من جديد وتدفعه إلي اليقظة والثورة والتحرر من كل قيد يحد من انطلاقهم إلي العبور لمستقبل افضل يسترد فيه الانسان ادميته التي استباحها كل من اراد فرض سطوته علي شعبنا العظيم متصورا أو متوهما انه قد اصبح بلا ارادة بعد ان فاض به الكيل وعجز عن تحريك المياه الراكدة. اننا نتمني ان تهتم اجهزة الاعلام المرئي والمسموع والمقرؤ بتبني الاجيال الجديدة من الفنانين والشعراء الذين افرزتهم ثورة 52 يناير المجيدة واصبح لهم دور فعال ومؤثر وحيوي علي الساحة السياسية في بلادنا فهم يعيشون وسط الناس ليل نهار ويمثلون تيارا مميزا عن غيره من بقية التيارات الفنية الاخري حيث تحاول كل الافكار ان ترسم صورة مصر الجديدة بالكلمة والخط واللون والكاميرا بعيدا عن كل العراقيل التي كان النظام السابق يضعها في طريق المبدعين ولا يسمح لهم إلا بالقدر الضئيل الذي لا يشبع ولا يغني عن جوع كما يقول مثلنا الشعبي الشهير وهو ما تخلصنا منه الآن وإلي ان يرث الله الارض ومن عليها وبقي علينا ان نهدأ قليلا لاعادة بناء بلادنا علي اسس سليمة لا تعرف الغل أو الحقد والكراهية وليكن شعارنا جميعا مصر فوق الجميع.