قد تكون مصر في أزمة اقتصادية ومالية خانقة بالفعل، ولا يستطيع أحد أن ينكر ذلك، ولكن مصر حرة وطوال تاريخها كم ضحت وكَدت وشقيت وناضلت، ولم تفكر يوما في التنازل عن حريتها، وقد عملت دائماً بالمثل الشعبي المصري الاصيل »تجوع الحرة....« ولذلك فوجئت بذلك الحوار الذي انطلق فجأة عقب الحكم بالافراج عن سوزان ثابت حرم رئيس الجمهورية المخلوع حسني مبارك، بعد أن تنازلت للدولة عن 42 مليون جنيه وفيللا تملكها بمنطقة مصر الجديدة.. وتساءل البعض: وماذا لو تنازل زوجها ونجلاها وكل رموز الفساد في عهد الظلم والطغيان عن املاكهم وأموالهم، هل يمكن أن يعد ذلك بمثابة مصالحة، وأن يحصلوا علي العفو؟.. وبعيدا عن ان ذلك غير قانوني، ويحتاج تفعيله إلي سن قانون جديد.. فقد أسعدني أن رأيت ذلك الرفض الشعبي لمجرد طرح الفكرة، فالشعب المصري ليس بهذه السذاجة التي قد يتصورها البعض، وهو لا يمكن ابداً ان يتنازل عن كرامته حتي لو جاع - معاذ الله - ثم ان موقف سوزان ثابت يختلف أشد الاختلاف عن موقف مبارك ونجليه وهؤلاء الذين مصوا دماء المصريين، وأكلوا قوتهم ومارسوا ضدهم كل أنواع القهر، و مع ذلك لم يركع هذاالشعب العظيم، وعندما جاءت اللحظة الحاسمة، ثار في الخامس والعشرين من يناير، ولم يتوقف إلا عندما حقق الانتصار وغربت الوجوه الكالحة. إن الشعب حتما سوف يسترد حقه، ولكنه لن يسمح علي الاطلاق لأحد ان يستهين بكرامته أو بذكائه، وأن يتيح لمن أجرم في حقه أن ينجو بجريمته.. ثم أن دماء الشهداء والضحايا اغلي من كل أموال الدنيا، ولن ترحم أرواحهم الطاهرة من يقدم علي مجرد التفكير في المصالحة.. نصالح من؟.. من سرقونا ونهبونا وأرادوا إذلالنا.. من باعوا ضمائرهم ووطنهم.. من أهانونا واساءوا لسمعة مصر وشعبها؟.. أبداً لن نصالح..وقضاء مصر الشامخ حريص علي كرامتها وعزتها.. و»تجوع الحرة«.