يبدو ان العام الماضي كان آخر عام في حقبة تمتعت فيها اسرائيل بالهدوء ونعمت بالاستقرار الذي كانت تنشده منذ انشائها .وعلي الرغم من العواصف القليلة التي كانت تعصف بهذا الهدوء بين الحين والاخر والذي كانت تسميه اسرائيل الهجمات الارهابية من قبل الفلسطينيين علي اراضيها ، الا انها لم تكن تعلم ان مع بداية هذا العام سينتهي عصر الأمان والهدوء النسبي وتأتي عواصف متلاحقة لتهز هذا الاستقرار الهش.. فمع بدء تسونامي الثورات الذي اجتاح المنطقة العربية شعرت اسرائيل علي الفور انه بداية لعهد جديد من الوحدة والاقصاء والاغتراب خاصة بعد خلع الرئيس المصري السابق حسني مبارك علي يد جيل جديد من الشباب الذي يبدو ان مفهومه للسلام مختلف تماما عنه لدي النظام السابق. وكما يؤكد المستشار السابق لعدة وزارات خارجية امريكية بشأن قضايا منطقة الشرق الاوسط "آرون ديفيد ميللر" انه بدون مبارك في الصورة المصرية ستكون هناك حالة من اللا سلم واللاحرب ، كما سيتعودالاسرائيليون و للمرة الاولي منذ اكثر من ثلاثين عاما علي النوم بعيون نصف مغمضة لاسيما مع القلاقل في الاردن الذي تربطه بهم اتفاقية سلام ولبنان الذي ترأس حكومته نجيب ميقاتي المدعوم من حركة حزب الله حليف ايران والعدو اللدود لاسرائيل. وبعد ان بدأت اولي حلقات مسلسل انهيار الاوضاع الاسرائيلية في المنطقة بخروج مبارك وتفجير انابيب الغاز الواصلة الي اسرائيل من مصر مرتين ، جاءت الطامة الكبري عقب توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس في مفاجأة اذهلت العالم اجمع وليس اسرائيل فحسب وهي الخطوة التي اعتبرتها الدولة العبرية خطا احمر لايمكن تجاوزه. ويكاد يجمع المراقبون علي ان اكثر ما يقلق اسرائيل ويقض مضجعها ليس مجرد تغيير انظمة في المنطقة المحيطة بها بانظمة اخري بقدر ماهو الخوف من انتشار حلم الديمقراطية التي تنشدها الشعوب العربية، فسوريا وهي الاقرب لاسرائيل جغرافيا وصلتها حمي الثورات وبدأت تستفيق من سباتها وتطالب بحريتها التي فقدتها لعقود علي يد رؤساء يتميزون باساليبهم القمعية والخانقة للحريات. ومن هذا المنطلق ، قد ينجح هذا الجيل الجديد الرافض للواقع السياسي المؤلم في الحصول علي دول ديمقراطية قد تجد مصلحتها في الاقتراب من اشقائها العرب والابتعاد وحتي عداء اسرائيل لتحقيق اهدافها المشروعة، وما يحدث في سوريا يماثل مايحدث في كل من اليمن وليبيا ، فهي نفس الثورة و نفس الشباب المتعطش للحرية والذي قد يتحد يوما ما بانظمته الجديدة من اجل ضرب هذه الدولة السرطانية في مقتل ووضعها في حجمها الحقيقي. وصدمة اخري تلقتها اسرائيل في اليوم التالي لاعلان التوقيع علي اتفاقية المصالحة الفلسطينية عندما اعلن الوزير المصري نبيل العربي ان مصر تعتزم فتح معبر رفح علي الفور وبشكل دائم وهو الامر الذي اثار مخاوف اسرائيل من تسهيل عمليات تمرير نقل السلاح الي القطاع بشكل علني وبدون مراقبة. وكما يري "ايتامار رابينوفيتش" كبير المفاوضين الاسرائيليين السابق مع سوريا ان المخاوف الاسرائيلية لم تكن لتنتظر الاعلان عن اتفاق المصالحة الفلسطينية وانهيار نظام بشار الاسد المهادن لاسرائيل وذلك لانها جاءت صريحة من مصر عندما اعلنت انها ستقوم بدعم العلاقات المصرية الايرانية علي جميع المستويات وبذلك يتم القضاء علي آخر أمل في العودة الي الحلم الذي كانت تعيشه اسرائيل قبل ان تبدأ الزلازل العربية في ايقاظها من غفوتها.