الآلام لا تجد علاجا يداويها، مع تصاعد واشتعال أزمة نقص الأدوية، والتي قد تكون مصيرية لحياة كثيرين من المرضي، فبخلاف ارتفاع أسعار الدواء في ظل غلاء المعيشة وضعف الموارد المالية لغالبية الأسر المصرية، يتضاعف الوجع، لدي المرضي الذين لا يجدون الدواء خاصة أصحاب الأمراض المزمنة. ولم تتوقف أزمات نقص الأدوية عند هذا الحد بل وصلت لاختفاء بنج علاج الأسنان، وهو الأمر الذي أدي إلي رواج تجارته في السوق السوداء، وينذر بكارثة حقيقية مالم يتم التدخل من الجهات المسئولة. خلال جولة ميدانية، رصدت »أخبار اليوم» معاناة المرضي وأبرز الأدوية غير المتواجدة في السوق المحلي، وكان أكثرها خطورة تلك الخاصة بعلاج أمراض الأورام والسرطان والقلب، إضافة إلي النقص الحاد في أدوية تنظيم الأسرة، والبنج الموضعي الذي يستخدمه أطباء الأسنان. من داخل إحدي صيدليات الشكاوي التابعة للشركة المصرية لتجارة الأدوية، تحدث د.سامح اللبان مسئول الصيدلية، عن نقص أكثر من 10 أنواع من الأدوية الحيوية والتي لا يوجد لها بديل، وأهمها: أدوية الضغط المنخفض، وزرع النخاع، وحقن الأشعة بالصبغة والموجودة فقط بمراكز الأشعة الخاصة التي تستغل الأزمة وتبيعها بأسعار مرتفعة- وأدوية الحقن المجهري، والضغط المرتفع للحوامل، وشلل الرعاش، وبعض الأمصال التي تستخدم في علاج نقص المناعة وبعض أدوية القلب وأدوية أخري للسرطان والأورام، وقطرات ومراهم للعين، بخلاف أدوية منع الحمل وتنظيم الأسرة المستوردة كلها. لم يختلف المشهد داخل الصيدليات الخاصة عن الحكومية، حيث تؤكد د.ياسمين محمد، مسئولة إحدي الصيدليات في منطقة المقطم بالقاهرة، أن نقص الأدوية تضاعف خلال الفترة الأخيرة بصورة غير مسبوقة، مشيرة إلي أن بعض أدوية العمليات الجراحية والمحاليل مثل: »رينجر» وهو محلول وريدي يستخدم في العناية المركزة، »بيديامينت» محلول للأطفال، »جليسين» محلول يستخدم في العمليات الجراحية، »ريهيدران» محلول لعلاج الجفاف عند الأطفال. وأضافت ياسمين، أن النقص يشمل عددا من المضادات السرطانية والمسكنات بالإضافة إلي بعض حقن تستخدم في التخدير أثناء العمليات، وأدوية أمراض القلب والجلطات. وأشارت، إلي نقص أدوية منع الحمل والهرمونات، والمراهم والقطرات المعالجة لعدد من الأمراض وتابعت: هناك نقص في حقن وأقراص تستخدم لعلاج أمراض مختلفة،. من جانبه، قال د.محمد عبدالحي، استشاري طب الأسنان، أن لديهم أزمة ممتدة منذ أكثر من 3 أشهر متمثلة في عدم وجود البنج المستورد نهائيا، بخلاف أن البنج المحلي شحيح ولا يصلح للاستخدام لأنه منتهي الصلاحية، لافتا إلي أن علاقته الجيدة مع بائعي المستلزمات الطبية جعلتهم يخبرونه بأن تاريخ الصلاحية المدونة علي العبوات المحلية غير صحيحة وتم تعديلها لتنتهي في يناير المقبل بدلا من يونيو الماضي،لذلك يرفض التعامل بها لانتهاء صلاحيتها ولأنها أيضا غير فاعلة كالمستورد، ويستقدم عبوات بنج من الخارج عن طريق أصدقاء قادمين من السعودية والإمارات، هذا بالإضافة إلي مادة حشو الأسنان التي لم يعد منها مستورد والموجود منها محلي رديء. ومن جانبه أكد محمود فؤاد، رئيس المركز المصري للحق في الدواء، وجود نقص ما يقرب من 1400 صنف دوائي منذ أكثر من عام، الأمر الذي فتح الباب أمام السوق السوداء لاستغلال حاجة المرضي والتلاعب بأسعار الأدوية في ظل غياب الرقابة، لافتا إلي أن الفترة الأخيرة شهدت اختفاء حقن البنسلين من الصيدليات، الأمر الذي استغله البعض ببيع العبوة بأسعار تصل إلي 200 جنيه، رغم أن سعرها الرسمي 7 جنيهات. وأرجع فؤاد، سبب استمرار الأزمة إلي تحرير سعر صرف الدولار وما ترتب عليه من عدم استيراد للمواد الخام، وكذلك امتناع بعض الشركات عن الانتاج، معربا عن تشجيعه لبعض الحلول العملية كالاتجاهات التي ظهرت داخل البرلمان بإلغاء القرار الوزاري الخاص بتأسيس نظام لصناديق الدواء لكل صنف »البوكسات» والذي حدد لكل صنف 10 مستحضرات محلية - وهو نظام لا يعمل به في مختلف دول العالم -. وقال إن نظام »البوكسات» وقف وراء 75٪ من مشاكل نقص الأدوية، وأتاح الفرصة لظهور السوق السوداء في مجال صناعة الأدوية بفضل بعض الممارسات الاحتكارية لمجموعة من الشركات التي كانت تمتلك حق تصنيع المستحضر وتتوقف عن انتاجه للضغط علي الدولة من أجل زيادة الأسعار، مبينا أن إلغاء هذا النظام يصب في صالح المريض، ويؤدي لمعاقبة الشركات التي تتعمد التوقف عن تصنيع الأدوية، ويخرجها من السوق، لاستبدالها بشركات أخري جادة. ومن جانبه وجه د.أحمد عماد الدين راضي، وزير الصحة والسكان، بتدشين نظام جديد للتنبؤ المبكر لنواقص الأدوية، من خلال الإدارة المركزية للشئون الصيدلية، حرصا علي توافر جميع الأدوية للمرضي ولعدم حدوث نقص مفاجئ في أي صنف دوائي. وأوضحت رشا زيادة رئيس إدارة شئون الصيدلة، أن هذا النظام سيقضي علي ظاهرة النقص المفاجئ في أي صنف دوائي، وذلك من خلال نظام ترصد ومتابعة دورية لكميات وأرصدة الأدوية في الصيدليات والشركات، ووضع حلول سريعة قبل حدوث النقص سواء من خلال زيادة إنتاج الشركات المتنافسة في السوق من المثائل أو البدائل. أو استيراد كميات من شركات الدواء المملوكة للدولة لتوفيرها قبل حدوث أي نقص، مشيرة إلي أن عدد النواقص بلغ 9 أدوية فقط من الأدوية التي ليس لديها مثائل، وتم تخصيص خط ساخن برقم (25354150) لتلقي شكاوي المواطنين حول نقص الدواء.