بالأمس القريب ودعت الصحافة المصرية والعربية لؤلؤة من خيرة أبناء »أخبار اليوم« تاركا في قلوب كل من عرفوه غصة كبيرة، ليكون برحيل بدر الدين أدهم قد زاد العقد انفراطا، فقد سبقه من جيلنا رحيل مجدي مهنا وفؤاد فواز رحمة الله علي الجميع. إنا لله وإنا إليه راجعون، هاهي الدنيا تغرب عمن سكنوا قلوب الناس، وكأنها تعظمهم بموت يحمل أرواحهم إلي جوار بارئهم، إكراما لهم، وإعزازا لقدرهم، تاركين الدنيا بما رحبت، فمهما كانت ستظل هي الأدني، وسيظل كبدها هو الأشقي، وياله من كبد. رحل بدر عن دنيا عزف كبده أن يزيده ألما، لقد أشفق خالقه عليه من علة ألمت به، منذ زمن قصير، اجتهد المجتهدون من حوله لتخفيف آلامه، وأبدي واحد من فلذات كبده استعداده للتبرع بجزء من كبده لأبيه الحنون، وما أدراك من حنان أب مثل بدر أدهم، وما أن تمت الإجراءات الطبية والفحوص المعملية للدم والأنسجة، وسبحان الله، فقد كشفت عن تطابق يعطي أملا كبيرا في نجاح عملية الزراعة، هكذا كان تأكيد الفريق الجراحي للدكتور أحمد عبد السلام مدير الإدارة الطبية لأخبار اليوم، الذي بدوره حمل إلينا تفاؤلا بقرب تجاوز الأخ بدر للأزمة الصحية، وهو ما أسعد الجميع، وقد أشهد الدكتور أحمد الحضور مؤكدا عظمة زوجة الأخ بدر وقوة إيمانها وشجاعتها كأم تبارك إقدام الابن في التبرع بجزء من كبده لأبيه، دون خشية من شيء، ولكن القدر لم يمهل الجميع ليكون غير ما أراد الله، لينفذ أمر الله، ولو كشف الله لنا عن حقيقة ما انطوي عليه قلب بدر، ولو خير بين تركه للحياة الدنيا واقتطاع جزء من جسد ابنه لإنقاذ حياته، لاختار الأولي، وهو ما أكرمه الله بها، إنها عظمة الأبوة التي احتواها بدر، وعظمة البنوة التي زرعها في قلوب أبنائه، وعظمة الزوجة التي قدرت حسن العشرة فكانت نعم العون في السراء والضراء.. رحم الله بدر، وأبدله دنيا خيرا من دنيانا، وبارك له في ذريته وحفظهم أبناء أبرارا يدعون له، وأكرمه في زوجته خيرا وبارك الله لها عما صنعت من أجله. لقد رحل بدر أدهم ليزيد عقد أبناء كلية الإعلام انفراطا، فقد كان لؤلؤة من جيل السبعينيات الذي وصل نهضة الصحافة المصرية والعربية، ماقبله من أجيال الأساتذة بما بعده من أجيال المستقبل، حيث تحمل هذا الجيل العبء الأكبر بواقع الشهود ليؤكد أنه الأفضل، خاصة أن أستاذه جلال الحمامصي دفع الجيل بأكمله ليكون شعلة التطوير وصناعة المستقبل.. رحم الله بدر الدين أدهم، جزاء ما صنع في حياته لإسعاد من حوله، وما قدمه من عون لكل من قصده، وإنا لله وإنا إليه راجعون، فأنتم السابقون ونحن اللاحقون.