صديقي العزيز يمتلك مصنعاً كبيراً لإنتاج وتجميع مستلزمات أجهزة الكمبيوتر وشبكات المعلومات المستخدمة في العديد من الشركات ذات طبيعة الإنتاج المختلفة وقف معي حائراً شارد الذهن وكأنه يفكر ملياً في أمر جلل.. تخيلت أنه ينوي بيع المصنع.. إذ كانت حيرته بادية علي وجهه أنها كبيرة تستعصي علي الحل.. وقبل أن أسأله عن سبب حيرته وسبب مشكلته، أجابني.. أعرف أن حيرتي بادية علي وجهي.. لكنني أواجه مشكلة حقيقية لا تتعلق بطبيعة منتجات مصنعي.. ولكنها تتعلق بالقائمين علي الإنتاج في المصنع.. نعم.. فالتطورات في مجالات التقنيات التي أعمل فيها متلاحقة.. تتغير مع كل يوم أو علي الأكثر كل أسبوع.. ولا تتعلق المشكلة بذلك الأمر.. لكنها تتعلق بشخص رئيس العمل.. وبالمناسبة فهذه ليست مشكلتي وحدي.. لكنها مشكلة تواجه بعض أصدقائي من أصحاب الأعمال في مجالات أخري مختلفة.. إذ يتعلق الأمر بمعايير اختيار رئيس العمل الذي يواجه التغييرات والتطورات الحادثة في مجال عمله.. تلك التطورات التي إن لم يستوعبها فلن يستطيع أن يقدم ما يحبه ويتمناه لموقع عمله.. وعليه سوف يتأخر عن ركب التطور المنشود.. إلا أن هذا الأمر لم يكن هو المشكلة التي تواجهني.. »إذن أين تكمن المشكلة الحقيقية؟« سألته فأجاب.. المشكلة تكمن في قيادة العاملين في العمل.. رئيس العمل الحالي حاصل علي درجة علمية رفيعة لكنه لا يفهم طبيعة الظروف التي يتم فيها الإنتاج ولا يتفهم مشاكل العاملين من المهندسين والإداريين والعمال.. لا يتفاهم معهم ويعتقد أنهم كلهم بلا استثناء أقل فهماً منه.. لا يحاول أن يساعدهم بل إنه يتعالي في بعض الأوقات عليهم.. ابتعد عنهم فانفضوا من حوله.. وهنا كانت المشكلة.. سألته هل تعتقد أن درجته التي حصل عليها وأصبح رئيساً للعمل تخطت من هم أكثر كفاءة أو أكبر في أقدمية العمل؟. أجاب أبداً لقد نجح من خلال إعلان نشرته في إحدي الصحف أطلب فيه رئيساً للعمل.. تقدم واختبرته ونجح والتحق بالعمل رئيساً علي كل الموجودين.. عاد إلي حيرته فلم أتردد في الإجابة عن تساؤله ما الحل الآن؟. قلت إن المشكلة تكمن في أنك أحضرت رئيساً من خارج دائرة العمل.. ولم تكلف نفسك عناء اكتشاف أحد العناصر الموجودة والتي كان من الممكن أن يكون من بينها من يصلح ليكون رئيساً للعمل كواحد من أفراد الطاقم.. لقد استوردت رئيساً.. في حين أن الرئيس كان من الممكن أن يكون موجوداً يقف في أحد الصفوف الأولي للعاملين في مصنعك.. عليك أن تعيد تقييم عامليك.. فإذا كنت تبحث عن رئيس.. فإنهم هم أيضاً يبحثون عن رئيس.. ورئيسهم الذي يختارونه سيكون ناجحاً بهم.. أما رئيسك الذي تختاره أنت فلا ضامن لنجاحه.. فقد حضر من الخارج ولم يخرج من بين الصفوف مرشحاً منهم.. ساعدهم حتي يساعدوك ودعهم يختارون رئيسهم الذي هو واحد منهم.. وذلك إن كنت تتمني أن يكون لمصنعك شأن متميز.. واعلم يا صديقي أن الناجح من إعلانك هو »رئيس« أنت تحتاجه.. لكن فريق عملك يحتاج إلي »قائد«.. وليس كل رئيس قائدا، وفي هذا الشأن موضوع آخر.