باتت الصين بمثابة مصنع العالم لتصنيع جميع مكونات وأجهزة الكمبيوتر الأمر الذي دفع بجميع الشركات العالمية المصنعة لتلك المنتجات بالإضافة لمعدات وشبكات الاتصالات التي أقامت تحالفات استراتيجية مع الشركات الصينية سواء في مجال تطوير أو تصنيع أو توزيع وتسويق المنتجات التكنولوجية بما يؤدي إلي الحفاظ علي القوة التنافسية لتلك الشركات في الأسواق العالمية. ومؤخرا أعلنت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن الصين أصبحت أكبر مصدر في العالم للأجهزة التكنولوجية المتقدمة مثل أجهزة الكمبيوتر المحمول والكاميرات الرقمية خلال عام 2004 متفوقة بذلك علي الولاياتالمتحدةالأمريكية موضحة أن صادرات الصين من معدات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات بلغت 180 مليار دولار في حين أن صادرات الولاياتالمتحدة بلغت 149 مليار خلال عام 2004 وأكد التقرير أن الصين أصبحت تتمتع بالاكتفاء الذاتي والاعتماد علي الدول المجاورة اليابان وتايوان وكوريا الجنوبية وماليزيا بعدما كانت تعتمد علي الولاياتالمتحدة وأوروبا علي رقائق الكمبيوتر وغيرها من المكونات. وبالطبع فان المتابع لما يجري في سوق الكمبيوتر المحلي يمكنه أن يكتشف بسهولة إغراق المنتجات التكنولوجية الصينية وسيطرتها المطلقة علي السوق بما يدعو لليقين في أنه لا محالة لتغير هذا الوضع في المستقبل المنظور. وإذا كانت الحكمة تقول أن ما لا يدرك كله لا يمكن يترك كله ومع التسليم بسيطرة الشركات الصينية علي سوق تصنيع أغلب مكونات أجهزة الكمبيوتر فان الأمر يتطلب من شركات التجميع المحلي لمكونات الكمبيوتر الدخول في تحالفات استراتيجية مع الشركات الصينية بما يسمح بتطوير سوق الكمبيوتر المحلي وتقديم خدمات الدعم الفني والصيانة علي مستوي عال وذلك نظير أن تستفيد الشركات الصينية من تواجدها في سوق الكمبيوتر المحلي والعمل علي تنمية وزيادة قاعدة المستخدمين سواء أفراداً أو مؤسسات. نتصور كذلك أن تحليل واقع سوق الكمبيوتر المحلي لن تسمح بقيام شركات وطنية لتصنيع أغلب مكونات الكمبيوتر وإنما يمكن التركيز فقط علي المكونات ذات القيمة المضافة وهنا أيضا تبرز أهمية إقامة تحالفات مع الشركات الصينية للاستفادة من قدراتها الكبيرة علي التوزيع والتسويق إما داخل السوق الصيني أو خارجه دون الدخول معها في منافسة لتصنيع جميع المكونات التكنولوجية إذ يصعب منافسة المقومات التنافسية للصناعة الصينية وقدرته علي تخفيض التكلفة بدرجة كبيرة وبالتالي فانه من الأفضل أن نبحث عن نموذج للتعاون والتكامل مع صناعة التكنولوجيا الصينية وليس التنافس معها والذي لن يكون في صالحنا مطلقا. نأمل من الشركات العاملة في مجال استيراد تجميع مكونات الكمبيوتر أن يكون لديها استراتيجية مستقبلية بعيدة النظر لتطوير السوق المحلي للكمبيوتر وعدم التركيز علي الجانب التجاري فقط وزيادة المبيعات وإنما الاستفادة من الشركات الصينية لإقامة مراكز صيانة ودعم فني وتقديم خدمات ما بعد البيع تمهيدا لإقامة مراكز لتطوير تلك المنتجات بما يتناسب مع احتياجات السوق العربي. كما نطالب غرفة الحاسب الالي بالاتحاد العام للغرف التجارية بعدم الموافقة علي تسجيل أو التعامل مع أي شركة تعمل في مجال استيراد مكونات الكمبيوتر أيا كانت دون التزام تلك الشركة بإقامة مركز لصيانة وتقديم خدمات ما بعد البيع لتلك المنتجات.