أثار قرار الخفض التدريجي في استيراد أجهزة الكمبيوتر المستعملة قلقا كبيرا بين أوساط المستوردين, فبينما تقرر البدء بوقف استيراد الأجهزة التي مضي علي انتاجها5 سنوات يليها في مرحلة ثانية التي مضي3 سنوات علي انتاجها وفي المرحلة الثالثة والأخيرة التي مضت سنة واحدة علي انتاجها فقد استندت قرارات الخفض إلي الضرر البيئي والصحي لهذه الأجهزة وملحقاتها علي البيئة والمستخدمين, كما اعتبرتها وزارة البيئة نوعا من النفايات الالكترونية الخطرة التي يجب منع استيرادها, علي الجانب الآخر أكد المستوردون أن هذا القرار سيؤثر سلبا علي المستهلك المصري متوسط الدخل الذي لايمكنه تدبير آلاف الجنيهات لشراء جهاز حديث. وجهة نظر المستوردين وأسباب إصرار المسئولين علي تنفيذ القرار نرصدها في هذا التحقيق:
في البداية يقول محمد عبدالعليم نواره مستورد: ان تجارة الكمبيوتر المستعمل في العالم تجارة رائجة, فهي تمثل نسبة كبيرة من مبيعات الكمبيوتر, وهذا أمر طبيعي لأن كبري الشركات العالمية تقوم بتغيير شبكات الكمبيوتر الخاصة بها كل ثلاث سنوات, مما أوجد كميات هائلة من أجهزة الكمبيوتر والشاشات المستعملة للبيع في السوق مرة أخري. وفي الفترة الأخيرة لاقي استيراد الكمبيوتر المستعمل في مصر رواجا هائلا لأنه يوفر للمستهلك المصري صاحب الدخل البسيط امكانية اقتناء الكمبيوتر واستخدام الانترنت بأقل الأسعار, وقال ان زيادة المنافسة بين المستوردين ساهمت في زيادة الجودة وتخفيض الأسعار, وأصبح الكمبيوتر المستعمل يباع للمستهلك بضمان يصل إلي عام مثل الكمبيوتر الجديد. وأضاف أن استيراد الكمبيوتر المستعمل يواجه حاليا حملة شرسة لايقافه أو الحد منه بحجة أن هذه الأجهزة والشاشات مضرة بالبيئة علي اعتبار أنها نفايات من الغرب ومضرة للمستخدم وأنها ذات جودة منخفضة, حيث أصدرت وزارة التجارة بناء علي توصية من وزارة البيئة قرارا ينص علي انه لايجوز السماح بدخول أي أجهزة للكمبيوتر المستعمل ومستلزماته بتاريخ انتاج أقدم من5 سنوات ثم تنخفض إلي3 سنوات كمرحلة أولي يتم العمل بها لمدة ثلاث سنوات ثم تنخفض إلي سنة واحدة كمرحلة ثانية, ويتم العمل بها لمدة سنتين, يلغي بعدها استيراد أجهزة الكمبيوتر المستعمل.
ويضيف نوارة أن هذا القرار يصنف أجهزة الكمبيوتر المستعملة علي أنها نفايات وهذا غير صحيح لأن النفايات الالكترونية هي مثل التليفزيون, الراديو, لعب الأطفال, والتي انتهي عمرها الافتراضي وغير صالحة مطلقا للاستهلاك لكن استيراد الكمبيوتر المستعمل بتاريخ انتاج أقدم من5 سنوات هو غير ضار بالبيئة. ومن المعروف أن شعوب أوروبا وأمريكا لديهم الوعي الكامل لكل الأمور التي تخص البيئة, فأي تجارة أو صناعة مضرة بالبيئة لايقومون باستخدامها اطلاقا.. فإذا كانت هذه الأجهزة ضارة بالبيئة لكان الأولي ألا يسمح بتداولها داخل هذه الدول, ولكن تجارة الكمبيوتر المستعمل تستحوذ علي نسبة كبيرة من سوق الكمبيوتر في هذه الدول, وهذا دليل واضح علي عدم صحة القول بأنها ضارة بالبيئة, بالإضافة إلي أن جميع الشركات التي نستورد منها الأجهزة والشاشات المستعملة حاصلة علي شهادات تؤكد أنها غير ضارة بالبيئة وانها ذات جودة عالية مثل الايزو9001 و14001.
ويضيف أن تجارة الكمبيوتر المستعملة في مصر ليست تجارة هامشية, ولكنها تجارة أساسية ولها كيانها في السوق المصرية, وهذه الأجهزة تباع لكثير من الشركات الكبري والصغري والأفراد محدودي الدخل, وتدل الاحصائيات علي تدفق أكثر من خمسين ألف شاشة وأكثر من عشرين ألف جهاز في الشهر للسوق المصرية. فهل يعقل أن نصدر حكم الاعدام علي هذه التجارة؟!
الأجهزة أنواع ويتفق الدكتور هشام عبدالغفار عضو مجلس إدارة الشعبة العامة للحاسبات العامة والبرمجيات مع الرأي السابق, ويضيف أن هناك ثلاثة أنواع من الأجهزة الالكترونية يتم استيرادها وهي شاشات وأجهزة كمبيوتر وطابعات. والشاشات نوعانCRT وهي ضارة جدا بالبيئة, ولايمكن اعادة تدويرها والاستفادة منها سوي في روسيا, وذلك لاحتوائها علي مواد مشعة, ولايمكن الاستفادة منها دون الاضرار بالبيئة, لذا فلابد أن نصل لاتفاق مع مستوردي أجهزة الكمبيوتر المستعمل للحد من استيرادها نهائيا, ويقتصر الاستيراد علي التكنولوجيا الجديدة من الشاشات صديقة البيئة وهي شاشاتLCD. كما أن الطابعات التي يتم استيرادها هي أيضا ضارة بالبيئة لأن بها أحبارا ومعادن مثل الرصاص وكلها تسبب التسمم. أفضل من الصيني ويؤكد يسري مصطفي الجمل مستورد أن السوق المصرية تحوي الآلاف من أجهزة الكمبيوتر المستعمل وكلها ماركات عالمية وهي أفضل من الأجهزة الصينية الجديدة الضارة بالبيئة, وانه إذا تم تنفيذ قرار الحد من استيراد الكمبيوتر المستعمل فستنهار عملية الاستيراد لأن كبري الشركات في العالم تغير الأجهزة كل ثلاث سنوات. ويؤكد خليل حسن خليل رئيس مجلس ادارة الشعبة العامة للحاسبات الآلية والبرمجيات بالاتحاد العام للغرف التجارية المصرية أن تنفيذ قرار الحد من استيراد أجهزة الكمبيوتر المستعمل سيضر بالمستهلك المصري خاصة محدود الدخل الذي لايستطيع شراء كمبيوتر جديد يتعدي سعره ثلاثة آلاف جنيه... كما أن سياسة استيراد أجهزة الكمبيوتر المستعمل يحقق انتشار الثقافة الالكترونية في كل بيت مصري. ومن جهته يوضح مصدر مسئول بوزارة البيئة أن التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم حاليا أسفر عن ظهور مشكلة بيئية خطيرة وصفت من قبل العلماء المعنيين بالقنبلة البيئية الموقوتة تمثلت في زيادة معدلات النفايات الالكترونية والكهربائية التي يدفع الانسان ثمنها من صحته ودمار البيئة المحيطة به. وتعد مخلفات الصناعات الالكترونية نفايات خطرة لأنها تحتوي علي أكثر من100 مادة مختلفة تحتوي علي عناصر ثقيلة وسامة تتمثل في الفسفور الذي يتم طلاء شاشات الحاسبات به وهي مادة شديدة السمية والباريوم المستخدم في اللوح الأمامي للشاشة للحماية من الاشعاع والرصاص المستخدم في الشاشة والذي يقدر بنحو2-4 كجم تعالجها الشاشة وكذلك الرصاص المستخدم في الدوائر المطبوعة والتي تغطي بالرصاص.
ويضيف ان حجم الالكترونيات القديمة او النفايات الالكترونية مثل الحواسب يزداد علي نحو كبير في كل عام, ففي الكثير من البلدان أصبحت معدلات النفايات الالكترونية الأسرع والأكثر نموا حيث أن الأسعار الرخيصة لتلك المنتجات جعلت المستهلكين مضطرين لاستبدال الالكترونيات لأنها أفضل اقتصاديا من تصليحها وفي المقابل فان انخفاض اسعار تلك الالكترونيات يعني بالضرورة انخفاض مستوي الجودة وبالتالي انحسار مدة صلاحيتها. ويؤكد أن حل هذه المشكلة الخطيرة يكمن في تشجيع القطاع الخاص للقيام بمشروعات للتخلص الآمن من المخلفات الالكترونية من خلال اقامة منظومة للتجميع والاستفادة منها مع تقليل كمية النفايات غير المرغوب فيها مع التوسع في إنشاء مدافن للنفايات الخطرة علي غرار مدفن الناصرية بالاسكندرية.
وقد تم التنسيق مع وزارة التجارة والصناعة بشأن استيراد أجهزة الكمبيوتر المستعملة, وتم خفض فترة ال10 سنوات التي ينص عليها البند رقم(1) من الملحق رقم2 من لائحة قانون الاستيراد والتصدير الي5 سنوات نظرا لأن هذه اللائحة كانت تسمح باستيراد الأجهزة المستعملة التي مضي علي انتاجها عشر سنوات مما يؤدي الي استيراد أجهزة الكمبيوتر منتهية الصلاحية او التي يقارب عمرها الافتراضي علي الانتهاء الأمر الذي يمثل عبئا علي البيئة في وقت قصير مع ضعف الاستفادة من هذه الأجهزة وقلة كفاءتها في العمل.