لن يعوض دماء شهداء ثورة 52 يناير اي شيء.. الا ان تكتمل مسيرة الثورة لتعبر بالبلاد الي عالم الحرية والديمقراطية الحقيقية. واذا كان المثل يقول داري علي شمعتك تقيد، فالان يمكن ان نقول داري علي ثورتك تقيد. هذا هو المنطق الذي ينبغي ان يحكم في المرحلة القادمة. ما جاء علي لسان قادة الدول الكبري من اشادة بالثورة، يلقي بمسئولية كبري علي كل مواطن، ان يفعل ما يمليه عليه ضميره الحي. الذي يقود مصر الي الامن والاستقرار. صعوبة المرحلة تتطلب ان يقوي نسيج المجتمع. وان يزداد قوة. وان يتم استثمار روح ثورة الشباب للتخلص من سلبيات طالما اثرت في هذا النسيج وآن الأوان ان يتحد الكل ويتماسك، لان ما سيأتي من تحديات اصعب واعنف. لقد حدث التحول.. وظهرت ملامح المستقبل الذي سيكون اكثر اشراقا بمزيد من الهدوء، وعدم الانفعال، والعودة الي الحوار العقلاني الذي يمكن من خلاله تجاوز متاعب وعراقيل لا حصر لها. والمؤكد ان الاستمرار لاكمال التحول يحتاج الي اشياء كثيرة، اولها، واهمها ان تتولي الوزارات والهيئات والمؤسسات والنقابات دراسة متطلبات العاملين بها، واعداد ملفات تصحيح الاوضاع، وعرضها علي اصحاب القرار.. بحيث يمضي هذا العمل متوازيا مع محاربة الفساد بالطرق القانونية.. حينئذ سيكون بمقدور المجلس الاعلي العسكري تنفيذ اجراءات نقل السلطة في اسرع وقت ممكن. داري علي ثورتك تقيد. العالم يحسد مصر بثورة شبابها. وينادي الكثيرون في امريكا واوروبا ومختلف الدول بدراستها بعد ان اصبحت نموذجا مثاليا للثورات النظيفة.. الامر الذي يدعو للتروي وعدم النظر تحت القدمين، وحتي يتم تخطي مرحلة عصيبة ستتحول سلبياتها حتما الي ايجابيات عظيمة بعد فترة يتمني الجميع الا تطول. »شوية« صبر .. ونهدأ. ولعل ما تشهده البلاد من تغير جذري في السلوك، يمثل احدي القواعد التي يمكن الانطلاق من خلالها لارساء قيم لم تكن موجودة من قبل.. فالشباب الذي قاد الثورة، هو الذي بادر بازالة كل مخلفات المسيرات في مختلف انحاء الجمهورية. فجذبوا اليهم اعدادا كبيرة لاداء نفس الدور، لاظهار الصورة الحضارية التي كان من بينها هؤلاء الشباب الذين حموا البلاد بلجانهم الشعبية وقت الفراغ الامني الي جوار القوات المسلحة بعظمة عطائها غير المحدود. الصور المضيئة كثيرة.. وملحمة الحب والترابط بين افراد الشعب كثيرة.. ولعل الخطاب الذي تلقيته من المهندس رأفت بيومي يعكس مدي الوفاء لشهداء الثورة. يقترح المهندس رأفت في خطابه اقامة نصب تذكاري يوضع عليه اسماء الشهداء وصورهم ردا لجميلهم.. والاجمل ان يتم ترجمة الاقوال الي افعال ولو بواحد علي المليون من جميل هؤلاء الشباب برعاية اهاليهم بتوفير فرص عمل او مسكن لائق.. ثم بانشاء صندوق يطلق عليه شهداء 52 يناير. وقال رأفت انه اول المتبرعين لهذا الصندوق بمبلغ الف جنيه طبقا لامكانياته. اذن.. هذا الصندوق يمكن ان يرعاه المجلس القومي للرياضة. ليشارك فيه النجوم الذين حملتهم الجماهير علي الاعناق، ورجال الاعمال الذين كانوا يدفعون لاجل »التلميع« ليس الا.. وكل من يقدر. المسيرة ستمضي، ولكن بالتأكيد تحتاج الي وقفة وتأمل مع النفس، واذا كانت بداية الاصلاح ومحاربة الفساد قد فتحت علي مصراعيها، فانه ينبغي لكل فرد وهو ينظر الي نفسه، ان يمعن النظر، بان الخير لن يعم الا بالعمل ودفع عجلة الانتاج والمحافظة علي الامن والاستقرار.. حينئذ تتحقق المصلحة العامة التي ينشدها الجميع.