يحتفل مَسيحيُّوالعالم غدًا الأحد ب»عيد القيامة». و»القيامة»، يا إخوتي، هي حقيقة حاول بعضٌ أن يُنكروا وجودها، وحاول بعضٌ آخر أن يتناساها في طريق الحياة الذي يسلكه، لكنها ظلت تلك الحقيقة التي يواجهها البشر عندما يعبرون جسر الموت إلي ضفة الحياة الأخري: حياة ما بعد الموت، أوالحياة الأبدية. إن رفض »القيامة» ليس أمرًا حديثًا بدأ مع ظهور الإلحاد في القرن الثامن عشَر ورفض بعضٍ لوجود الله تبارك اسمه، بل هي اعتقاد ظهرت ملامحه منذ القدم: فعلي سبيل المثال نجد ملامح رفض القيامة والحياة الأخري في بعض الفلسفات مثل »الفلسفة الأَبِيكُوريّة»، التي مع أن مُنشئها »أَبيكُور» لم يُنكر وجود آلهة لها دَورها في خلق العالم كانت تنادي بأن الموت هونهاية الجسد والروح؛ ولهذا ينبغي ألا يَرهبه إنسان؛ وبذلك زعم أنه لا يوجد خُلود ولا حياة أخري؛ وعلي هذا وضعوا من مبادئهم الأساسية: لا تخَف من الله، ولاتخَف من الموت.. أيضًا طائفة »الصَّدُّوقيُّون»: وهي إحدي الطوائف اليهودية التي يؤمن أتباعها بالأسفار التي كتبها »موسي النبيّ» فقط، ولا يؤمنون بقيامة الأموات، ولا بالحياة الأخري بعد الموت، مع إنكارهم وجود الملائكة والأرواح؛ وقد جادلوا السيد المسيح في أمر قيامة الأموات، محاولين أن يُثبتوا صدق اعتقادهم: »وجاء إليه قوم من الصَّدُّوقيِّين الذين يقولون ليس قيامة، وسألوه ...»؛ وقد أجابهم السيد المسيح مبرهنًا لهم أنه توجد قيامة للأموات.. في مقابل رفض القيامة، نجد محاولة لدفع الإنسان إلي أن يحيا حياته الأرضية فقط بحثًا عن سعادته حسبما يتوهمون مفهومها في محاولة لربط السعادة بالابتعاد عن الله وعن أيّ مسئولية يمكن أن تقع علي عاتق الإنسان إزاء أعماله وقراراته. ولم تكُن النتيجة إلا مزيدًا من البؤس والألم يجتاحان حياة البشر، وتزايدًا في الظلم الذي أطلق عليه أناس اسم: »الحرية»!! إن السعادة، يا صديقي، ليست في أن تحيا لذاتك، بل أن تمتلئ حياتك من ابتسامات وسعادة أولئك الذين حاولت أن تفرّح قلوبهم وتُزيل عنهم ألم العناء والشقاء؛ إنها هبة من الله لكل قلب محب متحنن رحيم.. أمّا »القيامة»، فهي حقيقة لا يمكن التنكر لها؛ فللكون إله خلقه بكل دقة ومهارة ما يزال يعجز العلم عن فهم أسرارهما، وهوإله الإنسان الذي وهبه نسمة حياة لم يتمكن أحد من فَهم سرها حتي الآن. وتظل القيامة ناقوسًا يَقرَع في طرقات الحياة، مرددًا علي كل عابر: ماذا فعلتَ من أجل حياتك الأبدية؟! نصلي إلي الله أن يهب سلامًا لأسر شهداء كنيستي مار جرجس بطنطا والمرقسية بالأسكندرية وأن يحفظ »مِصر» والمِصريِّين ومَِنطَِقة »الشرق الأوسط» والعالم بأسره في أمن وسلام.