تحدثنا في الاسبوع الماضي عن استقلال الجامعات واثره علي التقدم العلمي والبحثي ودفع عجلة التنمية.. ونتناول في هذا المقال المتطلبات اللازمة حتي يكون استقلال الجامعات واقعا..ونشير إلي ان استقلال الجامعات يشتمل علي جناحين اولهما الاستقلال العلمي وثانيهما الاستقلال المالي والاداري ولايكتمل استقلال الجامعات الا بجمعها في اطار قانوني يضمن ديمقراطية الادارة الجامعية وتأمين مصادر التمويل وتوزيع الادوار العلمية والفنية والمالية ويعني ذلك ان يكون الكيان الجامعي قائما علي نظام جديد يكون للاساتذة والطلاب فيه دور فاعل في اسلوب اختيار قيادتهم أومعرفتهم لاسس اختيار هذه القيادات علي الاقل وان يشارك اعضاء هيئة التدريس في وضع الآليات اللازمة للرقابة علي هذه الادارة وان يكون للطلاب حرية اكبر في ممارسة الانشطة الطلابية. وتؤكد مفاهيم الاستقلال العلمي علي حق اعضاء هيئة التدريس في متابعة ابحاثهم والتدريس والتأليف دون قيود من قبل المؤسسة الجامعية مع الالتزام الاخلاقي والقانوني لاحترام معايير وقواعد البحث العلمي دون ان تتدخل الادارة الجامعية في تحديد الاهداف التي يمكن ان ينتهي اليها الباحث، وتشمل الحرية العلمية لاعضاء هيئة التدريس مجموعة الحقوق الاساسية منها مساواة جميع افراد المجتمع الجامعي دون تميز او تدخل خارجي كذلك وضع معايير واضحة لتعيين وترقية اعضاء هيئة التدريس ومنح اعضاء هيئة التدريس الحق في اقامة علاقات للتواصل العلمي وحق وضع المعايير العلمية داخل جامعاتهم وحق الاجتماع لتبادل الاراء في الامور العامة التي تشغل المجتمع الجامعي خاصة الاراء التي تتعلق بارتقاء مهنة التدريس والبحوث والخدمات اللازمة لتأمين حياة كريمة لاعضاء هيئة التدريس ومساعديهم. ان التنفيذ الفعلي للاستقلال العلمي للجامعات يجب ان يخضع للتقدير المهني لاعضاء هيئة التدريس بوضع استراتيجية لكل جامعة تتضمن ارشادات عامة تكفل الحرية الاكاديمية بما يضمن تحقيق هذه الاستراتيجية واتباع هذه الارشادات واحترامها، ويجدر بنا عند الحديث عن الاستقلال العلمي للجامعات ان نشير إلي امكانية ان تتسبب السلطات الجامعية في اضعاف مناخ الحرية الاكاديمية من خلال سوء الاختيار او الخضوع للضغوط الخارجية او الشخصية داخل الجامعة او الانصياع الفكري لمجموعات تدار من خارج الجامعة لتحقيق اغراض سياسية أو طائفية وقد تلجأ بعض هذه السلطات الجامعية للتضييق علي الطلاب حتي في الأراء ذات الطابع العلمي- وحتي يضمن المجتمع الحرية الاكاديمية للجامعات فلابد من توفير الدعم اللازم والمساندة المجتمعية . ان جامعاتنا جزء من المجتمع العلمي العالمي الذي وضع اعلان أسس الحرية العلمية للجامعات الصادر في باريس مايو 2005 والذي يؤكد علي مفهوم الحرية العلمية والتي تعتبر احد دعائم تقييم الجامعات باعتبار ان حرية اجراء الابحاث العلمية دون ضغوط ووجود لوائح لضمان ذلك سواء علي مستوي الاساتذة او الطلاب وتمتعهم بالحقوق والالتزام بالواجبات الاكاديمية بما يؤدي إلي انطلاق الفكر والابداع وبما لايضربالمجتمع وقيمة اخلاقه، ذلك فلابد لجامعاتنا ان تؤكد في مسيرتها للجودة والاعتماد المحلي أو العالمي علي اتخاذ اجراءات وضمانات الحرية الاكاديمية كمايراها العالم حتي يمكن ادراجها ضمن قائمة الجامعات الافضل.