انخفاض سعر الذهب اليوم في مصر ببداية تعاملات الاثنين    أسعار الخضراوات والفواكه اليوم الاثنين 5 مايو 2025    انخفاض أسعار البيض اليوم الاثنين بالأسواق (موقع رسمي)    جامعة قناة السويس تنظم ورشة عمل لتفعيل بروتوكول التعاون مع جهاز تنمية المشروعات    "أفعاله لا تعكس أقواله".. نتنياهو محبط من سياسات ترامب في الشرق الأوسط    مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي يقرر توسيع العمليات العسكرية في غزة    الدفاع المدني ينتشل عشرات الشهداء والمصابين في شمال قطاع غزة    وزير الخارجية الإيراني يصل باكستان للتوسط لوقف التصعيد مع الهند    «المركزي»: صافي الأصول الأجنبية بالقطاع المصرفي تتتخطى ال15 مليار دولار    تعرف على ضوابط عمالة الأطفال وفقا للقانون بعد واقعة طفلة القاهرة    الجيزة تحدد موعد امتحانات الفصل الدراسى الثانى لطلبة الصف الثالث الإعدادى .. اعرف التفاصيل    بعد تأجيل امتحانات أبريل 2025 لصفوف النقل بدمياط بسبب الطقس السيئ.. ما هو الموعد الجديد؟    ممثل الحكومة عن تعديلات قانون الإيجار القديم: لدينا 26 حكمًا بعدم الدستورية    ترامب يدرس تعيين ستيفن ميلر مستشارا للأمن القومي الأمريكي    أحمد علي: المنافسة على لقب الدوري اشتعلت بعد خسارة بيراميدز وفوز الأهلي    تفاصيل التعدي على نجل لاعب الأهلي السابق    الأرصاد تحذر: ارتفاع تدريجي في الحرارة يبدأ غدًا وذروة الموجة الحارة السبت المقبل    وفاة طالبة جامعة الزقازيق بعد سقوطها من الطابق الرابع| بيان هام من الجامعة    محافظ الغربية يشيد بالاستجابة السريعة لفرق الطوارئ في مواجهة الأمطار    انتشال جثة ثلاثيني مجهول الهوية بالمنوفية    جامعة القاهرة تشهد حفل ختام مهرجان "إبداع 13" تحت رعاية رئيس الجمهورية    نيكول سابا تكشف عن تغيرات عاطفية طرأت عليها    موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 .. تعرف عليه    مواعيد مباريات اليوم الإثنين: الزمالك والبنك الأهلي.. ميلان الإيطالي    تشكيل الزمالك المتوقع ضد البنك الأهلي اليوم في الدوري    سوسن بدر ضيف شرف فيلم «السلم والثعبان 2»    إصابة سائق بطلق ناري في مشاجرة بسبب خلافات مالية بسوهاج    انفجار الوضع في السويداء مجددا.. اشتباكات وقصف بالهاون    هل يشارك زيزو مع الزمالك في مواجهة البنك الأهلي الليلة؟    لاعب الأهلى حسام عاشور يتهم مدرسا بضرب ابنه فى الهرم    قصور الثقافة تواصل عروض المهرجان الختامي لنوادي المسرح 32    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ المشروع السكني "ديارنا" المطروح للحجز حاليا بمدينة بني سويف الجديدة    «المصرى اليوم» تحاور المكرمين باحتفالية «عيد العمال»: نصيحتنا للشباب «السعى يجلب النجاح»    الأمم المتحدة ترفض خطة إسرائيلية بشأن المساعدات إلى غزة    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الاثنين 5 مايو    زوج شام الذهبي يتحدث عن علاقته بأصالة: «هي أمي التانية.. وبحبها من وأنا طفل»    عمرو دياب يُحيى حفلا ضخما فى دبى وسط الآلاف من الجمهور    أشرف نصار ل ستاد المحور: توقيع محمد فتحي للزمالك؟ إذا أراد الرحيل سنوافق    زي الجاهز للتوفير في الميزانية، طريقة عمل صوص الشوكولاتة    تفاصيل اتفاق ممثل زيزو مع حسين لبيب بشأن العودة إلى الزمالك    تكرار الحج والعمرة أم التصدق على الفقراء والمحتاجين أولى.. دار الإفتاء توضح    ادعى الشك في سلوكها.. حبس المتهم بقتل شقيقته في أوسيم    وكيل صحة شمال سيناء يستقبل وفد الهيئة العامة للاعتماد تمهيدًا للتأمين الصحي الشامل    استشهاد 15 فلسطينيا إثر قصف إسرائيلي على مدينة غزة    محظورات على النساء تجنبها أثناء الحج.. تعرف عليها    لهذا السبب..ايداع الطفلة "شهد " في دار رعاية بالدقهلية    مبادرة «أطفالنا خط أحمر» تناشد «القومي للطفولة والأمومة» بالتنسيق والتعاون لإنقاذ الأطفال من هتك أعراضهم    انتهاء الورشة التدريبية لمدربى كرة القدم فى الشرقية برعاية وزارة الرياضة    مجلس الشيوخ يناقش اقتراح برغبة بشأن تفعيل قانون المسنين    قداسة البابا يلتقي مفتي صربيا ويؤكد على الوحدة الوطنية وعلاقات المحبة بين الأديان    «مكافحة نواقل الأمراض»: عضة الفأر زي الكلب تحتاج إلى مصل السعار (فيديو)    قصر العيني: تنفيذ 52 ألف عملية جراحية ضمن مبادرة القضاء على قوائم الانتظار    هل يجوز التعاقد على شراء كميات محددة من الأرز والذرة قبل الحصاد؟.. الأزهر للفتوى يجيب    على ماهر يعيد محمد بسام لحراسة سيراميكا أمام بتروجت فى الدورى    «في عيدهم».. نائب رئيس سموحة يُكرّم 100 عامل: «العمود الفقري وشركاء التنمية» (صور)    برج الميزان.. حظك اليوم الإثنين 5 مايو: قراراتك هي نجاحك    ما هي محظورات الحج للنساء؟.. أمينة الفتوى تجيب    مساعد وزير الصحة ووكيل صحة سوهاج يتفقدان مستشفى ساقلته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا يعني استقلال الجامعة؟

لايكتمل مفهوم استقلال الجامعة من دون تكريس مجموعة من الحريات الاكاديمية ودعم ممارستها‏,‏ لكن هذه الحريات الاكاديمية ليست غاية بحد ذاتها ولا هي توظيف سياسي لدور الجامعة بل وسيلة للارتقاء بالتعليم الجامعي وضمانه للبحث العلمي والابداع وضرورة لاعمال الحق في التعليم والقضاء علي مظاهر التمييز والتفرقة التي تحول دون ان يكون الحق في التعليم متوافرا لجميع ابناء الوطن الواحد‏.‏
والحريات الاكاديمية كأحد مقومات استقلال الجامعة مسألة لاتحتاج إلي موارد واموال ولا تتطلب انشاء مبان أو تجهيزات بل كل ما تحتاج إليه هو مجرد الاقتناع بضرورة اطلاق الطاقات الاكاديمية الكامنة وتوسيع دائرة مشاركة الاكاديميين في عملية صنع القرار الاكاديمي ورفع الوصاية الدينية عن البحث العلمي والابداع وازالة البيروقراطية والرقابة عن الانشطة الطلابية‏,‏ ومن الصعب ان يتحقق هذا من دون كفالة الحريات الاكاديمية للطلاب والاساتذة معا‏.‏
والمتأمل للدستور والقوانين في مصر يكتشف ان لدينا نصوصا دستورية وتشريعات ولوائح تكرس من الناحية النظرية مفهومي الحريات الاكاديمية واستقلال الجامعة‏,‏ فالمادة‏18‏ من الدستور المصري تنص علي ان الدولة تكفل استقلال الجامعات‏,‏ وهي العبارة ذاتها المنصوص عليها في المادة الأولي من قانون تنظيم الجامعات رقم‏49‏ لسنة‏1972,‏ كما تنص المادة‏49‏ من الدستور المصري علي ان تكفل الدولة للمواطنين حرية البحث العلمي والابداع الادبي والفني والثقافي‏,‏ وعلي الرغم من ان هذه النصوص تبدو اقرب إلي المباديء العامة فانها تعتبر اساسا قانونيا يمكن البناء عليه من خلال آليات واطر وممارسات كفيلة بتحويل النصوص إلي واقع‏,‏ وكان لدينا في مصر تجربة مشرقة لاستقلال الجامعة وممارسة الحريات الاكاديمية في الحقبة الليبرالية السابقة علي ثورة‏1952‏ وكانت هذه الحقبة علي قطرها وقلة عدد الجامعات في مصر وقتها هي رمز الدور التنويري للجامعة المصرية‏,‏ وهو الدور الذي حمل اشعاعا مصريا اضاء المنطقة العربية المحيطة بنا‏.‏
وجزء من اشكالية الحريات الأكاديمية في الجامعات المصرية انه تم تصويرها كمطلب سياسي بحيث بدت كما لو انها اداة للتجاذب السياسي علي الرغم من انها في جوهرها وغايتها قضية تتعلق بصلب العملية التعليمية والبحث العلمي والدور التنويري للجامعة وانتماء الشباب‏,‏ فهذه هي الجوانب المهمة في خطاب الحريات الاكاديمية‏,‏ والحريات الاكاديمية كمطلب مهني وضرورة تطويره قبل ان تكون اي شيء اخر تغطي الجوانب الاربعة التالية‏:‏
الجانب الأول يخص العملية التعليمية حيث تعني الحريات الأكاديمية ضرورة الاعتراف للطلاب والاساتذة معا بحقوق وحريات لايتصور وجود تعليم متطور جيد ومتاح للجميع بدونها‏,‏ وللحق فأنني أشهد كاستاذ جامعي ان قيدا واحدا لم يحد من حريتي الاكاديمية فيما القيه من محاضرات أو اكتبه من مؤلفات‏,‏ وربما يكون هذا هو الوضع السائد ايضا لاساتذة في كليات العلوم التطبيقية‏,‏ لكن هل كل اساتذة الجامعة في التخصصات الاخري في علوم التاريخ‏,‏ أو الاجتماع او الفلسفة او السياسة أو حتي العلوم الشرعية متاح لهم عملا وواقعا حرية الاعتقاد والتفكير والاجتهاد والابداع؟ هذا عن الاساتذة اما عن الطلاب وهم اصحاب حق ايضا في ممارسة الحريات الاكاديمية فان النظام التقليدي المهيمن علي العملية التعليمية يحد كثيرا من هذه الحريات‏,‏ ففي ظل نظام تعليمي مازال يعتمد علي التلقين ويكرس التفكير التبعي السلبي ويرتكز إلي الكتاب المدرسي المحدود ولايتيح وقتا للنقاش والحوار كيف يمكن ان يمارس الطلاب حريات التفكير والنقد والاختلاف؟
الجانب الثاني هو البحث العلمي الذي تواضع اسهامه بفعل عوامل شتي من نقص الموارد والتمويل إلي التعقيدات الادارية البيروقراطية‏,‏ لكن المؤكد ان ذلك يرجع ايضا إلي ضعف ممارسة الحريات الاكاديمية‏,‏ لا اعرف مثلا اي خير يرتجي من بحث علمي في جامعات تتجاهل الحد الادني من ضوابط قبول الطلاب في مرحلة الدراسات العليا ومعايير تنظيم هذه المرحلة وهي نواة اولية للبحث العلمي‏,‏ ولايجب الاستهانة باهميتها؟ والحرية الاكاديمية تعني رفع كل اشكال القيود التي تحد من انطلاق البحث العلمي سواء كانت قيودا ترد علي حرية التفكير والاجتهاد والابداع في بعض تخصصات العلوم الانسانية ام كانت قيودا تتعلق بتمويل البحث العلمي واستحداث آليات للانفاق تتطلب الاعتراف للكليات والجامعات بقدر من الاستقلالية في تدبير هذه الموارد والمصادر بعيدا عن هذه المركزية البيروقراطية‏.‏
الجانب الثالث يتعلق باعطاء عموم اعضاء هيئة التدريس دورا فاعلا في دفع عملية تطوير الجامعة والمساهمة في صنع القرارات الاكاديمية وهو ما لايتصور ان يتم من دون ممارسة حقيقية للحريات الاكاديمية‏,‏ فقانون تنظيم الجامعات‏49‏ لسنة‏1972‏ يمنح مثلا لاعضاء مجالس الكليات والجامعات حق اعداد مشروع الموازنة واقرارات الحساب الختامي للجامعة أو الكلية‏,‏ فهل يمارس هذا الحق بالفعل بما يتطلبه من اعداد لمشروع الموازنة وليس مجرد الاطلاع عليه‏,‏ هذا مثال قد يبدو بسيطا ولكنه معبر عن ضعف المشاركة الحقيقية في عملية صنع القرار الاكاديمية‏.‏
الجانب الرابع ويتعلق بالانشطة الطلابية التي اصبحت موضوعا مثيرا للجدل‏,‏ فقد تم تجاهل الانشطة الطلابية لفترة طويلة من الزمن بسبب مخاوف امنية لاتخلو من مبالغة ولم يكن مسموحا سوي بأنشطة شكلية ورمزية بلا تنوع ولا عمق ولاقاعدة طلابية عريضة تمارسها‏,‏ وكانت النتيجة الطبيعية انه خلال هذه الفترة التي حجب فيها النشاط الطلابي بفعل لائحة طلابية مذعورة كانت التيارات الدينية في الجامعة تؤكد وجودها وتعبر عن نفسها بانشطة ذاتية ومؤثرة استقطبت الطلاب انفسهم‏,‏ هكذا ترتب علي هذه الرؤية الامنية السياسية ان اصبح التيار الديني هو الأكثر سطوة وانتشارا داخل الجامعة‏,‏ وتراجعت التيارات المدنية والوطنية والقومية والليبرالية الاخري التي كانت سمة الحياة الجامعية في مصر لعقود طويلة من الزمن‏.‏ ولاشك ان منطق الحريات الاكاديمية يوجب الاعتراف بحرية النشاط الطلابي للجميع بشرط الالتزام بالقواعد الجامعية المنظمة‏,‏ لكن يبدو ان جزءا من المشكلة اصبح يدور حول التواجد الأمني داخل اسوار الجامعة إلي درجة صدور احكام قضائية في هذا الشأن‏,‏ وارتبط ذلك بمشكلة ارتداء النقاب في الجامعات‏,‏ وطرحت اجتهادات شتي في هذا الخصوص‏,‏ المؤكد اننا اصبحنا في حاجة ملحة لرؤية جديدة وجريئة تنطلق من التوفيق بين ضرورات ممارسة الحريات الاكاديمية وبين متطلبات الا تتحول الجامعة في هذه المرحلة الملتبسة الدقيقة لاداة من ادوات التجاذب السياسي إلي ان دخلتها الجامعة فلن نعرف متي ستخرج منها‏!‏

المزيد من مقالات د‏.‏ سليمان عبد المنعم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.