هاني عزيز لعلي لا أبالغ إذ إقول أن معظم مظاهر الفوضي التي نعيشها في الوقت الحالي والتي يعاني منها المجتمع المصري لها أسباب متراكمة خلاف تلك التي تبدوعلي سطح الأحداث ويتناولها الناس علي أنها السبب المباشر بينما المحرك الأساسي يختبئ تحت الرماد وينساه الجميع أويحاولون تناسيه ومنها مشاكل العشوائيات والنظافة وكذلك طائفة المهمشين من أبنائنا المشردين الذين يطلق عليهم ظلما مسمي أطفال الشوارع. اتعرض لهذا الموضوع المؤلم من واقع اهتمامي بالعمل الاجتماعيوادراكي لخطورة هذه المشكلة والتي تعاظمت اثارها واستفحلت نتائجها علي مدي سنوات طوال حتي جاءت اللحظة التي انفجرت في وجوهنا جميعا كالبركان هي وغيرها من المشكلات التراكمية الأخري التي تعاني منها البلاد. والحديث عن ظاهرة أطفال الشوارع لا يبتعد كثيرا عن العشوائيات والنظافة فكلها نتاج سوء تقدير للمشكلات التي عاني منها المجتمع المصري منذ مطلع الثمانينيات فتراكمت وأصبحت كالجبل الذي يجثم علي صدر مصر لا تستطيع منه خلاصا. وكي لا نتشتت في الحديث، أعود لأتحدث اليوم عن أطفال الشوارع، معظم ما نراه اليوم من مظاهر سلبية في الشارع المصري وراءه هذه الفئة من الأطفال والشباب الذين لا مأوي لهم غير الشارع فأصبحوا أداة تهديد لأمن البلد وامانه، وجاءت حالة قلة الوجود الأمني لتزيد من وطأة هذه المشكلة وتحولها لخطر داهم يتهدد المجتمع لجميع مكوناته... من يتابع الفعاليات السياسية التي شهدتها مصر منذ قيام الثورة يدرك أن كل مظاهر السلب والنهب في فترة الانسحاب الشرطي وما تلاها من وقائع تعد علي المنشآت لم يكن وراءها الناشطون من هذا الفصيل أوذاك، بل أطفال وشباب مروا بمرحلة التشرد وعانوا من توابع التفكك الأسري الذي حولهم للعبة في أيدي العابثين المتربصين بأمن هذا الوطن والراغبين في إشاعة الفوضي فيه. من هنا، لواننا اردنا خروجا لهذا الوطن من كبوته لابد من تحرك آني وفوري عبر الكيانات الحكومية المعنية والكيانات الرئيسية التي تتصدي للعمل الاهلي بمصر وهم كثر، لتأسيس أول مدينة تأهيلية تتولي استضافة وتأهيل هذه الفئة التي عانت طويلا من التهميش والتجاهل ولتكن في إحدي ضواحي القاهرة وبرعاية كبري المؤسسات التي تعمل في مصر وعلي غرار جمعية الوفاء والأمل التي عملت في مصر في نهاية السبعينيات ومطلع الثمانينيات وعلي أن يتولي تصميمها وتخطيطها خبراء في مجال المعمار وبمشورة المتخصصين في مجالات علم النفس والمجتمع والأسرة أعزائي القراء، هناك من النماذج الناجحة الكثير في مصر في هذا المجال ونموذج الرعاية والاستضافة قائم ومطبق بالفعل علي مستوي العديد من الجمعيات الأهلية بنطاقات محدودة، لكن، آن الأوان أن يأخذ هذا الموضوع طابعا وطنيا برعاية مدروسة تستأصل هذا المظهر المشين من شارعنا المصري، ووالله إن فعلنا هذا لأمنا حاضرنا والأكثر من هذا نكون قد أنقذنا مستقبل أبنائنا من أطفال وشباب لولم يجدوا الرعاية اليوم سيتحولون غدا لمعاول هدم لهذا الوطن.