نعيش الآن حالة ضبابية من الحراك السياسي.. تتوه فيها المسارات.. وينعدم معها صدق وضوح الرؤية للمستقبل.. وسط متغيرات كثيرة، نجدها وقد امتلأت بعثرات تزداد حينا بعد الآخر، وأصبح التخبط مسيطرا علي أداء القوي السياسية، ليصبح المشهد السياسي ملبدا بغيوم الحيرة والتوتر، التي تزيد الأمور ترددا.. وماذا بعد؟! وسط تلك الأمواج المتلاطمة للقوي السياسية، التي تتنازع مقدرات الشعب، في محاولة منها لخلق حالة تنافر مجتمعي، لإشعال الصراع السياسي، في سعي ممجوج لترجيح مصلحة أي فصيل علي مصلحة الفصيل الآخر، لتكون له الغلبة والمغالبة علي حساب المصلحة العليا للوطن والمواطنين.. مما باتت معه أحوال الشارع المصري أكثر سوءا من ذي قبل، وأضحت المعاناة من لهيب الأسعار المتزايدة تهدد حياة المواطنين، ليزدادوا أنينا، ويضجوا من شكواهم لضيق ذات اليد.. ورغم ذلك. فإن المصريين لم تثبط عزائمهم، حيث أدركوا أن الحل مازال بأيديهم، وأن الانتخابات البرلمانية القادمة يكمن فيها تصحيح مسار الثورة، وأن الاختيار الأفضل للنواب ممن يملكون القدرة علي تحقيق أهداف الثورة، هو استعادة لمقاليدها التي كادت أن نفقدها، ولم لا؟.. خاصة وأن المصريين علي اختلافهم يملكون الآن صدق التجربة، وصواب المعرفة، فقد تعلموا الدرس ووعوه جيدا، وأصبحت تجربتهم الثورية بعد عامين منقضيين، خير مصباح يمكنهم من إضاءة الطريق لتحقيق أهداف الثورة علي أرض الواقع، والتي غابت عنها شمس ثورة يناير العظيمة. وإذا أردنا صحيح إصلاح المسارات، وجب علينا جميعا إعمال حسن الاختيار، بعيدا عن النظرة الضيقة للأمور.. ولتكون دعوتنا في المرحلة الآنية هي تكاتف الأيادي لإعادة دوران عجلة الإنتاج، ولتنتقل مليونياتنا إلي مواقع الإنتاج والمصانع، بدلا من الميادين التي تكثر فيها منازعات الميكروفونات، والتي مع استمرارها يتقهقر الاقتصاد المصري، وتسوء أحواله، وتذهب مليارات الدولارات إلي جيوب الباكين والمتباكين والمتاجرين بآلام الوطن والمواطنين!.. مما يجعل أمثال هؤلاء يسعون لإشعال الفتنة بين طوائف وأطياف المجتمع علي اختلافهم، ليبقي تردي الحال علي ما هو عليه، مما يمكنهم من ترويج إدعاءاتهم المضللة، بعيدا عن صدق اليقين المهني. إن ما نشهده الآن، يلزمنا جميعا إعلاء نوبة صحيان، يعمل فيها العقل، لمواجهة المهاترات السياسية التي تنشغل بتنفيذ أجندات هي أبعد ما تكون عن مصلحة مصر وأبنائها.. ولننتبه إلي المؤامرات التي تحاك بنا، ولنتيقظ إلي السم الكامن في العسل الذي تدعي بعض القوي السياسية تقديمه لنا، وهو ما انكشف زيفه!.. مما يجعل أبناء المحروسة عازمين علي خوض الانتخابات البرلمانية بمزيد من الشفافية الكاشفة لاختيار نواب يصدقون ما يعاهدون الله ثم الوطن والمواطنين علي رعاية مصالحهم، وأن يحافظوا علي مصر، ويعملوا لإعلاء شأنها، بعيدا عن تحقيق أي مصالح شخصية لأنفسهم وفصيلهم.. فنحن المصريون لن نقبل بعد اليوم إهدارا لحقوقنا، أو سلبا لثروات بلادنا، أو تهاونا في الحفاظ علي كرامتنا، أو تقصيرا من ولاة أمرنا في تحسين أوضاعنا، ولن يعلو صوتا فوق صوت الشعب، الزعيم المتوج لتلك الأمة.. ولم يعد باقياً من وقت يمكن إمهاله بحثا عن الإصلاح وتحقيق التنمية، وتجاوز الأزمات.. أليست ثورة الشعب في 25 يناير، تفجرت من أجل عيش وحرية وعدالة اجتماعية؟! وأين نحن الآن، وقد تجاوزنا بدايات عامنا الثالث من ثورتنا؟!، والتي تفجرت لأجل إصلاح الأحوال، فتضحيتنا بالشهداء من شبابنا، لم تكن من أجل خلع أو استبدال نظام بآخر، دون تحقيق أهداف الثورة مكتملة.. وإنما الهدف تحقيق الخير للمصريين جميعا، والذي لن يتأتي إلا باختيار نواب شرفاء من أبناء الوطن، ممن يقنعون بأنهم خدام لهذا الشعب.. ويبقي سؤال حائر يبحث عن إجابة: ما هي الأسباب الداعية لازدياد معاناة مصر الاقتصادية، وأين الأموال التي كانت تنهب من قبل النظام المخلوع، وخاصة أن بؤر الفساد والنهب قيد السجون؟!.. وتحيا مصر.