الحيرة والقلق والتوتر والخوف وأشياء أخري كثيرة توصف حال الشارع المصري الآن.. والسؤال الحائر والمسيطر علي وجدان المصريين، كبيرهم وصغيرهم، غنيهم وفقيرهم، مثقفيهم وعامتهم، وغالبيتهم من البسطاء: "وماذا بعد؟!"، تساؤل يحمل الكثير، وجدت أنه من الأمانة أن أحمله إلي الرئيس محمد مرسي، عله يأتي بإجابة شافية تطمئن المصريين جميعا، وتزرع داخلهم الطمأنينة وتعيد الأمن والأمان إلي نفوسهم، وتخرجهم من النفق المظلم الذي جثم علي حياتهم، وبدد الأمل في المستقبل، الذي ظنوا أنه آت بالخير كله، وانتظروا تحقيق أهداف ثورتهم من عيش وحرية وكرامة وعدالة اجتماعية. وها نحن اليوم نبدأ عهدا جديدا مع دستور ثورة يناير، فإن الشعب ينتظر من الرئيس محمد مرسي إعلاء ثورة تصحيح، يتدارك بها أخطاء المرحلة الماضية من حكمه، ويصوب بها مسارات العمل الوطني، وهو ما يلزم من الرئيس استدعاء ذاكرته كأستاذ باحث ليصدر قرارا فوريا بإنشاء مجلس استشاري يحمل إسم "عقل مصر"، علي أن يختار أعضاءه من علماء مصر وأساتذتها الأجلاء في الجامعات المصرية وما أكثرهم ليكونوا هيئة استشارية تؤازره في تدارس أحوال البلاد، ويكون لها التباين والتنوع في كافة المجالات، ويصنفوا كمجموعات عمل، ما بين اقتصادية، وسياسية، وقانونية، وتنموية تختص بتنمية الموارد وكذلك التنمية البشرية، ومجموعة تهتم بشئون الصناعة، وأخري تتدارس أحوال الزراعة، وغيرها مما يقترحون.. علي أن تستعين تلك المجموعات بالخبراء المصريين وغيرهم علي اختلافهم، دون إقصاء لفصيل، أو قصر اختيارهم علي فصيل معين، وإنما يكون معيار الاختيار مركزا علي الكفاءة والقدرة، ويكون المنهج العلمي أساس العمل لها، حتي يعينها علي وضع الخطط الواضحة والعاجلة المحددة بجداول زمنية، تمكنها من طرح الحلول والبدائل للخروج بمصرنا من المأزق.. ويكون هذا المجلس قادرا علي صياغة نظام متطور مستقبلي لإدارة شئون البلاد في مختلف مناحي الحياة، ويمكنه تحديد أولويات المشروعات القومية، ووضع الأساليب المثلي لتنفيذها، المرتبطة برؤية ومعايير علمية للتقييم متبع فيها أحدث ما توصل إليه العلم. الشعب يريد من الرئيس.. إعادة تقييم الموقف برمته، وهو ما يحتم عليه الإسراع في اتخاذ الإجراءات العاجلة لإعادة تقييم ما كان من اختيارات لمعاونية في المرحلة الماضية من الحكم، وهذا التقييم يجب أن يشمل جميع المسئولين في مؤسسات الدولة جميعا، لتصحيح مردود المرحلة المنقضية وما شابها من اختيارات أتت بمسئولين لا ترتقي قدراتهم لأن نتجاوز ما نواجهه من أزمات، ولنصبو فوق خطأ الاختيار الذي انحصر وتركز في أهل الثقة، وكان نتاجه إخفاقا قد يزداد، إضافة إلي أن خطيئة سوء إدارة أمثال هؤلاء لمؤسساتهم التي يديرونها علي مختلف مستوياتها- عادت بسلبيات، حمل الشارع المصري أوزارها للرئيس مرسي، واعتبره المسئول الأول عن ذلك، والمطالب بثورة تصحيح للمسار.. فالنوايا الحسنة والاجتهاد الدءوب وحدهما لا يكفيان، بل ان الشعب ينتظر رفع المعاناة عن كاهله، ولا يريد إضافة أعباء تزيده هما. الشعب يريد من الرئيس.. تحقيق التنمية حتي تتحقق العدالة الاجتماعية، فالبسطاء من أبناء هذا الوطن، صارت حياتهم أكثر صعوبة، وأصبحوا لا يجدون سوي ضجيج أوجدته الصراعات السياسية التي أصابتهم بالضجر، تؤكده تصريحات مختلف القوي، الذين حرصوا علي التنابذ بالأقوال، وسادت الساحة المجتمعية سوء أخلاق، وتطاول لبعضهم علي بعض، غيبت معه قيم الأخلاق المصرية الأصيلة، ليسود الشارع المصري حالة من الفوضي، حتي باتت شكلا يريده من يريد السوء بمصر. الشعب يريد من الرئيس.. تحقيق أهداف الثورة، بعيدا عن تزايد التصريحات.. وتحيا مصر