يتواكب حدوث السيول في مصر مع حلول فصلي الربيع والخريف من كل عام ويتوافق ذلك مع الظروف المناخية والجغرافية لمصر وفي الفترة الاخيرة تلاحظ حدوث سيول مدمرة علي اجزاء من شبة جزيرة سيناء في شمالها وجنوبها كما حدثت سيول مدمرة في اسوان، ويرجع الكثيرون كثرة حدوث السيول إلي التغيرات المناخية التي طرأت علي العالم مؤخرا- والسيول ظاهرة طبيعية تحمل في طياتها فوائد عديدة للبشر حيث انها مصدر المياه العذبة في حالة السيطرة عليها وترويضها كما انها تحمل ايضا تهديدا مدمرا لأرواح البشر والمنشآت والمزروعات كأحدي الكوارث الطبيعية اذا لم يحسن التعامل معها والتخفيف من آثار السيول والاستفادة منها له منهج علمي وفني يعتمد علي قياسات ودراسات جيولوجية ومناخية وهندسية يخرج بها عن التعامل العشوائي أو التعامل الموسمي. لقد بدأ التعامل مع ظاهرة السيول في مصر علي هذا النحو من العشوائية والارتجال ولم يرتق حتي الآن لمنهج علمي مدروس وكانت النتيجة تعرض مناطق متعددة لأخطار متكررة من جراء السيول حدث ذلك في اسوان وفي الغردقة وفي القصير وفي أسيوط وفي غيرها من المناطق المصرية. ونظرا لان السيول تحدث عندما تزداد شدة الامطار الساقطة علي احواض الصرف الجافة »الوديان الجافة« علي سفوح جبال البحر الاحمر أو هضبة الساحل الشمالي الغربي عن طاقة استيعاب احواض الصرف الجافة والتي لها مساحات وابعاد وكثافات ومعدلات انحدار عندئذ تنساب المياه في شكل سريان سطحي تزداد سرعته مع شدة الانحدار وشدة الامطار. فإذا كانت السيول سريعة وقوية جرفت في طريقها الاحجار المتوسطة والرمال والتي تعطيها قوة تدمير إضافية إلي قوة تدمير المياه فتقتلع المزروعات والمنشآت والبشر وعندها تتحول السيول إلي نقمة بدلا من كونها مصدر المياه العذبة. وتتطلب الحماية من اخطار السيول والاستفادة من مياها اجراء دراسات متعددة منها الدراسات المناخية والتنبؤ بحدوث العواصف المطيرة »زمانها- مكانها- شدتها- مدتها- وكميات المياه التي يمكن ان تأتي بها كل عاصفة« وهذا امر ممكن حاليا وهو احد انشطة هيئة الارصاد الجوية ويرتبط ذلك مباشرة بالدراسات الجيوموفولوجية والجيولوجية ودراسات التربة حيث تحدد احواض الصرف وجهاته في المناطق المعروف عنها حدوث سيول حيث يتم حصر مساحات واطوال وكثافات وخصائص احواض الصرف وسعتها وقدرتها علي استقبال امطار السيول وتحديد اماكن التفرع والتلاقي والمخارج والمداخل وتقوم بذلك هيئات مثل هيئة الثروة المعدنية والجامعات ومراكز البحوث. ويتم مطابقة إمكانات احواض الصرف الجافة مع كميات المياه المتوقع سقوطها وعندها يبدأ التنبؤ المبكر بحدوث احتمالات لسيول وتحديد مساراتها وكمياتها وفي ضوء ذلك يتم تحديد اماكن انشاء سدود لاعاقة حركة المياه وسدود للتخزين وأساليب الحماية من اخطارها اما بتحويل مسارها عن المنشآت والمزروعات او بانشاء سحارات تحت الطرق الرئيسية أو خطوط السكك الحديدية وغيرها من المنشآت وتقوم بذلك وزارة الموارد المائية والري والمحليات وغيرها وكذلك دراسة إمكانات تخزين المياه في المستودعات الجوفية أو استخدامها في مياه الشرب وفي زراعات محدودة وفي ضوء هذه الدراسات ويتم تقسيم الاماكن إلي مناطق خطيرة ومناطق اقل خطورة ومناطق آمنة ويعلن ذلك علي خرائط الاستثمار لكل المناطق. يقتضي ذلك دراسة منهجية لعمل اطلس للسيول موحد المنهج والمصطحات والاخراج يتناول كل واد او حوض صرف جاف بخصائصه المورفولوجية والمائية واقتراح طرق الحماية من خلال التنبؤ بكميات مفترضة من مياه الامطار مستقبلا وبذلك يكون الاستعداد لمواجهة اخطار السيول أو الاستفادة من مياهها مبنيا علي اساس علمي. لقد تم اقتراح استكمال اطلس السيول علي اكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا منذ عام ولم ترد علي الاقتراح المقدم حتي الآن-كما تم التقدم لوزير الموارد المائية والري بنفس الاقتراح ولم يرد حتي الآن- بل تم الاعلان عن وضع اطلس للسيول تم اعداده في ظرف شهرين فقط في حين يقدر وضع اطلس تفصيلي موحد الإخراج والمنهج اكثر من ثلاث سنوات اذا تعاونت الهيئات السابق ذكرها في دراسة تفصيلية من خلال صور الاستشعار عن بعد والصور الجوية والخرائط المساحية ودراسات التربة. وعندها لن تتعرض مصر لاخطار غير محسوبة من جراء السيول واذا لم يحدث واكتفينا بالاعلان السنوي المتكرر عن ان محافظات الصعيد والبحر الاحمر قد قامت بتطهير مخرات السيول بعد استعدادات شكلية وإعلانات سنوية متكررة ثم نفاجأ بان كل ذلك ذهب مع ادراج أول قطرات مياه تتحول فجأة إلي سيل عارم يقتلع الاخضر واليابس.