سمىر عبدالقادر أكاد لا أصدق أنه سيأتي اليوم الذي أستطيع فيه السير في شوارع القاهرة فوق أرصفة ممهدة خالية من الحفر والمطبات.. وأسير ورأسي مرفوع إلي أعلي، وليس منحنياً إلي أسفل لأتحسس خطاي خوفاً من السقوط وكسر ساقي أو عنقي.. وأستطيع أن أذهب إلي نادي الجزيرة الذي يبعد عن منزلي عشر دقائق سيراً علي الأقدام، لأمارس رياضتي المحببة إلي نفسي وهي المشي، دون أن أستخدم سيارتي! أكاد لا أصدق أن عاصمتنا الحبيبة يمكن أن يكون فيها أرصفة حضارية يسير فوقها الناس في أمان وسلام، مثل العواصم الكبري في العالم المتقدم! لقد افتقدنا الأرصفة الممهدة النظيفة الخالية من الاشغالات، حتي اننا نسينا شكلها من كثرة ما عانينا من الأرصفة الخربة، واعتدنا علي السير فوقها، ورضينا بالأمر الواقع ونحن مغلوبون علي أمرنا، فلا خيار لنا، فإما أن نسير فوق الرصيف ونحن مهددون بالسقوط والإصابة بالكسور، وإما أن نسير تحت الرصيف ونتعرض للموت تحت عجلات السيارات. لقد لفت نظري خلال الأيام الأخيرة تجديد الأرصفة علي كوبري السادس من أكتوبر، فهل جاء هذا بحثاً عن سبوبة لنهب المال العام أم عن اقتناع بأن حالة هذه الأرصفة أصبحت يرثي لها، وأن عمرها الافتراضي قد انتهي منذ زمن، وأن من حق المشاة أن يجدوا مكاناً يسيرون فيه بعيداً عن خطر السيارات والموت دهساً!.. نتمني ذلك. ولا يمكن أن يكتمل أي عمل لتجديد أرصفة الشوارع إلا إذا واكب هذا العمل إخلاؤها من الاشغالات العشوائية التي تعوق سير المشاة مثل الأكشاك والمقاهي والباعة الجائلين القادمين من الريف الذين يحتلون مساحات كبيرة منها بوضع اليد ودون تراخيص. وظاهرة انتشار الباعة الجائلين واحتلالهم للأرصفة يمكن علاجها عن طريق التوسع في إنشاء الأسواق في كل حي، وتجميع هؤلاء الباعة فيها في نظام وترتيب، علي أن تكون الإيجارات بأسعار رمزية لتشجيعهم علي الانضمام إليها، أما الإجراءات البوليسية ومطاردتهم واعتقالهم فهي مسكنات وحلول مؤقتة وغير عملية.. ويجب أيضاً فرض عقوبات مشددة علي كل مواطن يحاول العبث بالأرصفة حتي ولو كان ذلك بغرض التجميل مثل وضع أحواض الزهور والنباتات أو إقامة أعمدة للإضاءة! بقي أن أنبه إلي أن أي تلاعب في المواصفات القياسية من جانب المقاولين في عملية تجديد الأرصفة سواء فيما يتعلق بنوع البلاط ومواد البناء ونسبة الأسمنت، سيؤدي إلي انهيارها خلال شهور قليلة، مما يجعلنا نطالب الإدارات الهندسية في الأحياء المختلفة أن يراعوا الله في ضمائرهم، ويكلفوا ذوي السمعة الطيبة من الشرفاء للقيام بمهمة الرقابة.