رحل احمد زويل العالم العبقري الذي رفع اسم مصر عاليا في عنان السماء..رحل زويل الذي عشق مصر مخلصا زاهدا في المناصب الكثيرة التي عرضت عليه..رحل الرجل الذي عاني وحارب من اجل اتمام مشروعه العلمي مشروع أكاديمية زويل للعلوم والتكنولوجيا لتكون بيت العلم وأهله..لم يكن مثل غيره ممن تاجروا باسم مصر لتحقيق مكاسب شخصية ثم ظهروا علي حقيقتهم وأداروا ظهورهم لها مع اول ريح عاتية مفضلين النجاة بأنفسهم وليذهب البلد إلي الجحيم.. قال صراحة عندما طالبوه بالترشح للرئاسة بعد ثورة يناير « الترشح للرئاسة مش طموحي..والسياسة مليش فيها أنا فقط أحب مصر تبقي كويسة لأنها بلدي لكن إدارتها دي حاجة تانية مش بتاعتي،.. أرغب في إنجاز علمي جديد يعود بالنفع علي البشرية، ولي حلم أن يكتمل مشروع مدينة زويل العلمية»..مات الرجل وكانت آخر وصاياه ان يدفن في تراب بلده بالمقبرة التي اشتراها منذ 6 شهور فقط.. مات زويل قبل ان يحصل لمصرعلي جائزة نوبل للمرة الثانية لابتكاره ميكرسكوبا يري الزمن. لم يحالفني الحظ بالجلوس مع العالم المصري الفذ فارس نوبل الدكتور احمد زويل كثيرا لكني التقيته لدقائق قليلة علي هامش مؤتمر «أخبار اليوم» في العام الماضي..كان دمث الخلق شديد التواضع يحنو علي الصغير وينصت للكبير ولا ينزل بأخلاقه إلي مستوي الحقير.. سألته ماذا لو استسلمت لروتين كلية علوم الاسكندرية ولم تسافر إلي امريكا ؟ قال بابتسامة صافية: لم يكن في مقدوري ذلك وكنت سأقاوم وأنا معتاد في حياتي علي مواجهة التحديات وكلي يقين ان الله لا يضيع اجر من احسن عملا. بعد ساعات نودع زويل لكن لا بد ان نستخلص من قصة حياته ومسيرة كفاحه عبرة قد نستفيد منها ليكون بيننا ألف زويل.. أتمني أن يتدارس المسئولون عن التعليم في مصر مقولة زويل «الغرب ليسوا عباقرة ونحن لسنا أغبياء؛ هم فقط يدعمون الفاشل حتي ينجح ونحن نحارب الناجح.. حتي يفشل «..اتمني ان يتم تحليل كل كلمة في هذه العبارة المعجزة وان نهيئ المناخ المناسب لتبني المواهب العلمية لتخريج العلماء ولا نسمح بتقدم انصاف المتعلمين الصفوف لمجرد انهم من اهل الحظوة والواسطة . ارجو ألا يكون من بين عمداء كلياتنا من يقف حجر عثرة امام نابغ ويقول له كما قال عميد علوم الاسكندرية لزويل عام 67 « هو يعني عشان جواب المنحة الأمريكية جاي باسمك انت اللي تاخذ المنحة..فيه 30 معيد غيرك في الكلية خذ موافقتهم كلهم بتوقيعاتهم عشان اوافق لك !». اتمني ألا يكون بيننا رئيس جامعة يغلق مكتبه في وجه طلابه كما فعل رئيس جامعة الاسكندرية لدرجة ان زويل عاني الأمرين ليحصل علي توقيعه لدرجة ان الفراش قال لزويل « هي مقابلة رئيس الجامعة سهلة كدة انت بتحلم..طب شيل البوسطة دي وتعالي ورايا وانا ادخلك « .أتمني ألا تموت ضمائر عمداء الكليات ورؤساء الأقسام ويرفعوا ترتيب طالب فاشل لمجرد انه ابن استاذ ليحل محل طالب مجتهد..اتمني ان نأخذ من مسيرة عطاء زويل العبر والحكم.