لا يجد صائم رمضان أفضل من بيت الله لقضاء أكثر وقت به،مابين صلاة مع الجماعة في فرض،أو مواصلتها في السنن،إضافة إلي الذكر والاستغفاروقراءة القرآن الكريم،وتكاد المساجد لا تغلق أبوابها طوال الشهر الفضيل،وليس خلال أيام الاعتكاف في العشرالأواخر منه،كما أن هناك آخرين يلجأون إلي بيت الله من أجل الراحة،وربما النوم في نعيم المكيفات الهوائية،خاصة في فترة الظهيرة حتي ما بعد صلاة العصر،هربا من احساسهم بالعطش والحر وقلة ساعات نومهم،وتختلف الأسباب والحكايات من شخص إلي آخر. والمشهد اليومي في مسجد الاستقامة بميدان الجيزة،أنك لن تجد مكانا لتجلس به او تؤدي الصلاة،حيث يكتظ بمئات المواطنين المستسلمين للنوم العميق والراحة،فلم يجدوا مكانا أفضل من المسجد ليناموا فيه تحت الهواء البارد المنعش للمكيفات الهوائية،والتي تشجع البعض علي الانتقال من مرحلة الاسترخاء والدخول في غيابات النوم العميق لساعات طويلة،وربما تصدر عنه خلالها أصوات هذا الاستغراق،وقد تفوته خلالها الصلاة. يفسر لنا صلاح أحمد - موظف حكومي- السبب ويوضح أنه يلجأ للمسجد لقراءة القرآن واداء صلاة السنة وذكر الله،فليس في بيته مكيفات للهواء،تخفف عنه حرارة الجو الشديدة حتي في غير رمضان،فمابالكم وأنا صائم،ويقول: «ارتفاع فاتورة الكهرباء يدفع المواطنين إلي الذهاب للمساجد للاستفادة من جو أجهزة التكييف المجانية بدلا من فاتورة الكهرباء المرتفعة في حالة تشغيلها بالمنازل». ولم يكن الوضع مختلفا في العديد من المساجد الأخري،ومن بينها مسجد خاتم المرسلين بوسط البلد في القاهرة،فقد كان مكتظاً بزواره وضيوفه،وهكذا كانت الصورة،فمنهم من كان يجلس علي كرسي لقراءة القرآن وذكر الله،ومنهم من انتهي من عمله وأتي لأداء فريضة الصلاة،ويمدد قبلها جسمه علي الأرض بعد يوم شاق مر به، في حين لجأ البعض للمسجد لاستكمال مذاكرة دروسه،فلم يجد الملاذ الهادئ سوي في ذلك المكان،وكان في المسجد عدد لا يعلمه سوي الله،قد جاء بعد أن فشل في النوم تحت سقف منزله بسبب الحر الشديد. وكما يقول لنا مصطفي أحمد من بني سويف،فهوطالب دراسات عليا بكلية التجارة جامعة القاهرة، يسكن مع خاله بالجيزة،ولم يجد سوي المسجد يستطيع أن يستكمل فيه مذاكرته لحين اقتراب موعد الافطار، في حين يلقي احمد عبدالله - 40 سنة - بالمسئولية علي وزارة الأوقاف،ويطالبها بوقف ظاهرة النوم في المساجد،حتي لا تصبح عادة بعد ذلك،ويقول: «هؤلاء النائمون مصدر ازعاج لكثير من المصلين»،ويطالب بوجود دروس دين يومية في المساجد،باعتبارها الحل الوحيد التي ستوقف النائمين عن استكمال نومهم،وفي المقابل يطالب جمعة محمد-34 سنة- الناس برحمة «الغلابة»،فهم يصومون في جو شديد الحرارة،وربما كانوا علي سفر، فلجأوا إلي بيوت الله. أما في مسجد الرحمن في بنها بمحافظة القليوبية،فسوف تجد مئات المواطنين وسائقي الميكروباص يسارعون، من أجل حجز مكان بالمسجد لاستكمال قراءة القرآن وأداء الفرائض والسنة ثم الاتكاء لأخذ قسط من الراحة،في حين يجلس بعضهم بجوار «فيشة الكهرباء» لشحن هاتفه المحمول،وتكتمل الصورة بعشرات قد ناموا ملتصقين بالمراوح،هربا من حرارة الجو،ويقول أحمد محمد سائق ميكروباص إنه يأتي للنوم بالمسجد،ويوقظه زملاؤه عندما يقترب دوره في تحميل الركاب،ليبدأ رحلة شاقة تصل لعدة ساعات حتي الوصول إلي محافظة الاسكندرية. كانت الصورة طبق الأصل في معظم المساجد،خاصة الكبري، في حين يبقي مسجد الفتح بميدان رمسيس هو الاستثناء،حيث تقوم ادارة المسجد بتطبيق قرار وزارة الأوقاف، بفتح المسجد في ميعاد الصلاة فقط ويتم غلق الأبواب بعد الانتهاء منها وكان المسجد المكان المفضل لراحة المسافرين علي خطوط السكك الحديدية ومواقف الاتوبيس والميكروباص من القاهرة وإلي البلدان المختلفة،وهو الأمر الذي اضطرهم للنوم بحديقة ميدان رمسيس. محمد متولي