مع تزامن شهر رمضان مع موجات الصيف الحارة التي تؤدي لبذل مزيد من الجهد للصوم واداء الشعائر والتي منها أداء الصلوات في المسجد، لاسيما صلاة التراويح والتهجد بدأ الكثير من القائمين علي المساجد هذا العام بالتوجه إلي استخدام وسائل الراحة لمساعدة المسلمين علي اداء الصلاة بالمسجد دون مزيد من عناء الحر مع طول فترة الصوم. وشهد رمضان هذا العام صورة جديدة للمساجد لم نكن نعتاد عليها حيث ابتكرت بعض المساجد فكرة تكييف الهواء للمصلين وإن كانت الإمكانيات الرسمية لا توفر ذلك، بينما قامت مساجد اخري باستحداث وسائل بديلة لذلك، فيما كانت هناك مطالبات من الدعاة بتدخل رجال الأعمال لتقديم وسائل الراحة بالمساجد لاسيما في شهر رمضان. في البداية كان هناك توجه جماهيري باللجوء إلي المساجد المكيفة لأداء صلاة التراويح فيقول محمد مصطفي بمنطقة الوايلي إنه يوجد مسجدان قريبان بهما تكييف هواء تم تركيبهما خصيصا قبل رمضان وأنه يحرص أن يؤدي الصلاة فيهما لأنه يشع بالتركيز بعيدا عن حرارة الجو. فؤاد علي من مصر الجديدة يؤكد أنه غالبا في صلاة التراويح يحرص علي أن يتوجه إلي أحد المساجد المكيفة نظرا لحرارة رمضان هذا العام، حيث إنه لا يستطيع المكوث في الصلاة فترات طويلة في ظل حرارة الطقس هذا العام في رمضان. بينما يؤكد علي محمود أنه يضر في كثير من الأحوال إلي الخروج من بيته قبل صلاة العشاء للتوجه لمسجد مكيف لكنه عندما يضطر للصلاة من مسجد قريب منه فإنه لا يكمل صلاة التراويح . وبالتوجه إلي المساجد والتي توفر وسائل راحة متعددة كالتكييف والماء المثلج وجدنا أن أغلبها يتبع جمعيات خاصة وأهلية تم تشييدها من أموال المتصدقين والقليل يتبع لوزارة الاوقاف، حيث يوضح فؤاد عبد العظيم وكيل وزارة الاوقاف لشئون المساجد أن عدد المساجد التي تحتوي علي وسائل راحة من مكيفات وغيرها فقد وصل عددها الي 50 مسجداً علي مستوي الجمهورية وتحتوي القاهرة علي 12 مسجداً مكيفاً أكبرها عمر الشربيني _ قائد التتار _ الخلفاء الراشدين _ ابو بكر الصديق وبعضها من ميزانية وزارة الأوقاف والبعض الاخر بالجهود الذاتية وتبرعات رجال الاعمال ومحبي عمل الخير . نموذج مبتكر ولقد كانت هناك نماذج مبتكرة بعيدا عن الرسميات لتركيب أجهزة التكييف ففي مسجد تابع للجمعية الشرعية وهو مسجد أبو بكر الصديق بحي الوايلي تم تركيب عدد من المكيفات من خلال تبرعات المصلين مع حلول شهر رمضان ، ويقول احد القائمين علي المسجد إن فكرة التكييف أصبحت ملحة لا سيما وأن شهر رمضان أصبح يأتي في فصل الصيف وهو ما جعلنا نفكر في أن نعين المصلين علي اداء صلاة التراويح التي تستمر مدة طويلة، وأوضح أن المسجد قام بشراء التكييفات بالتقسيط من خلال تصدق المصلين بنصف جنيه يوميان وأنه تم دفع أقساط مبدئية قيمتها عشرة آلاف جنيه في الشهر لهذه التكييفات التي بلغت أكثر من عشرة أجهزة بالمسجد. وفي منطقة المهندسين أدي وجود مساجد مكيفة بها إلي حدوث غزو يومي من قبل فقراء القاهرة الذين لا يستطيعون الحصول علي التكييف سبيلا وفي أحد تلك المساجد في شارع شهاب وجد المشرفون أنفسهم أمام مشكلة حقيقية بسبب ازدحامه بالعديد من الفقراء ويقدر عددهم بالمئات الذين جاءوا من حي بولاق الفقير والقريب من المكان طلباً لنسمة هواء باردة حتي مجيء موعد الإفطار وفي التراويح لا يسع المسجد لأعداد المتوافدين عليه. ومن جامع عمرو أوضح عبد الله المصري أحد المشرفين علي المسجد أنه في شهر رمضان يستعد كل مسجد لتوفير الراحة علي الجمهور المتردد عليه خاصة أن صلاة التراويح تمتد لفترات طويلة مع تزامن فصل الصيف مع شهر رمضان الكريم في السنوات الاخيرة، ومن بين سبل الراحة التي يوفرها مسجد عمرو بن العاص يقول المصري إن ادارة مسجد عمرو حددت صلاة التراويح هذا العام في صحن المسجد وقد تم تزويده بالمراوح الجديدة والرزاز المائي الذي يعطي تأثيراً شبيهاً بتأثير المكيفات الهوائية و هذا الامر موجود بمساجد الازهر و عمرو بن العاص والسلطان حسن و تعتبر تلك المساجد مكيفة طبيعياً لأنها مساجد مفتوحة وليست مغلقة. الرفاهية ويضيف: الجمهور ينقسم الي قسمين، فمنهم من يبحث عن الرفاهية الحسية والتي تعتمد علي الامور المادية الدنيوية كالمكيفات وغيره من أمور الراحة وأغلبهم يكون من علية القوم ممن في الاصل يمتلكون مكيفات في منازلهم ومنهم من يهتم بالرفاهية الروحانية والتي تتميز بها المساجد بصفة عامة حيث تحتوي علي توفير الراحة النفسية لأنها أماكن التقرب الي الله عز وجل. آراء الأئمة وعن آراء أئمة المساجد في مدي أهمية توفير وسائل الترفيه والراحة للمصلين يقول الشيخ أحمد البرعي إمام مسجد الحسين ان توفير وسائل الراحة للمصلين شيء جميل خاصة في فصل الصيف فإذا توافرت الامكانات لإيجاد مكيفات هواء و مثلجات مياه في المساجد كان ذلك شيئاً طيباً ولكن لضيق الامكانات المتوافرة واعتماد المساجد المكيفة علي تبرعات أهل الخير نجد قليلاً من المساجد متوافر به تلك الامكانيات مشيرا إلي أن أغلب المساجد المكيفة تتركز في أحياء المهندسين والزمالك ومدينة نصر ومصر الجديدة ويوجد عدد محدود منها في بعض الأحياء الشعبية. ويضيف البرعي ان من قبيل المظاهر التي لم تكن مألوفة من قبل قيام بعض المواطنين باصطحاب أسرهم للتمتع بالمكيف، حيث تجلس النسوة في الأماكن المخصصة للنساء بينما يصطحب الآباء أبناءهم معهم. كما يقول أحمد ترك إمام مسجد النور انه تحت لهيب درجة حرارة تقترب من 40 درجة مئوية يستقبل المصريون هذا العام موسم رمضان في ظروف صعبة، حيث تتجاوز ساعات الصوم ثماني عشرة ساعة يوميا لذلك لابد من العمل قدر الإمكان علي توفير الامكانات التي تجعل المواطن وخاصة الصائم حتي يشعر بالراحة وهو يؤدي المناسك خاصة في صلوات النهار. ويضيف ان هذا الجو جعل الناس يلجئون حتي في ساعات النهار إلي المساجد المكيفة خاصة الفقراء منهم وجدوا في تلك المساجد الملاذ الآمن طيلة ساعات النهار وحتي انطلاق مدفع الإفطار والذي كان موعده في السادسة والنصف مساء بعدما قامت الحكومة بتأخير الساعة في محاولة مجانية لا تكلف خزانة الدولة شيئاً من أجل دعم الصائمين، مطالبا بتكاتف الحكومة مع رجال الاعمال ومشاركة الجمعيات الاهلية لتوفير إمكانيات الراحة بأكبر عدد من المساجد ومنها المساجد الصغيرة وعدم الاكتفاء بترفيه المساجد في المناطق الراقية التي يكون زائروها في الاصل من الطبقة العليا التي تمتلك كافة وسائل الراحة والرفاهية في منازلها لذلك يجب ان تعمم تجربة المساجد المكيفة في جميع مساجد الجمهورية والاعتناء بالمحافظات المتطرفة مثل الوادي الجديد ومحافظات سيناء والنوبة وتوفير سبل الراحة لهم ليشعروا انهم جزء من أبناء هذا الوطن .