في كل عام من شهر رمضان نجد المساجد مكتظة بالمصلين رجالا ونساء لكن لوحظ في رمضان هذا العام تزاحم نسائي كبير بالمساجد لأداء صلاة التراويح، مما ادي إلي ضيق المكان ، وفرش أماكن خارجية للسيدات بجوار الرجال ، وهو ما أوجد نوعاً من التزاحم النسائي للرجال في صلاة التراويح.. هذه الظاهرة تتطلب منا توضيح الرؤية الإسلامية الصحيحة في حكم أداء المرأة لصلاة التراويح في المساجد، وحكم مزاحمتها الرجال. وموقف بعض أئمة المساجد لمعالجة هذا الزحام بداية توضح الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر أن المرأة التي هي تؤم صلاتها في بيتها أفضل خاصة أنها ستمنع امرين الأول التزاحم والثاني منع أذي الااطفال وتشويشهم علي المصلين، وتشير إلي أن هناك صنفاً آخر من السيدات يذهبن للتراويح لكون لديهن صديقة فتذهب للمسجد لذلك، وهو امر مرفوض أيضا. وتوجه الدكتورة آمنة نصيحة للسيدات قائلة:" إن بيت الله للصلاة وليس لفضفضة تضيقين بها او للبحث عن صديقة او معرفة ، فالمسجد ليس للفضفضة" مشيرة إلي أن من تذهب للصلاة والقربة من الله والانتفاع بخطبة او بصلاة جماعة او لدعاء فهؤلاء لهن ثواب من هذه الليالي الجميلة مع مراعاة الابتعاد عن الزينة المفتعلة او الروائح الشديدة النفاذة لنفوس الرجال، فمن تذهب للمسجد تذهب ورعة تقية وليس للتبرج والزينة والبرفانات، او للفضفضة. ومع ذلك فإن الدكتورة آمنة تري أن المرأة إذا كانت تعلم أنه لا يوجد مكان يكفي جميع النساء بالمسجد ، وان تواجدها يسبب تزاحماً ، وتكون مصدرا للإزعاج فنقول لكل مسلمة " بيتك يسعك فأرض الله طاهرة دائما" ، مشيرة إلي أن بعض الآراء الفقهية يقول صلاة المرأة في بيتها أفضل من المسجد، ومع ذلك لا نريد غلق باب المسجد علي المراة علي إطلاقه إن وجد المكان بلا تزاحم مع الرجال . صون كرامة النساء من جانبه يوضح د. رشاد خليل عميد كلية الشريعة والقانون سابقا أن الله أباح للمرأة الذهاب للمسجد وأداء الشعائر والفروض والمشاركة في الأحداث والوقائع وحضور مجالس العلم كالندوات والمؤتمرات ففي عهد الرسول - صلي الله عليه وسلم - كانت النساء يحرصن علي حضور اللقاءات ومجالس العلم ونقلت العديد من النساء مشاهد ومواقف وأحاديث عن الرسول -صلي الله عليه وسلم - فإذا ما حضرت المرأة للمسجد لا يحق لمخلوق أن يمنعها عن أداء الصلاة فيه.، لاسيما في الشهر المبارك الذي قال عنه الرسول "صلي الله عليه وسلم " من أدي فيه فريضة كان كمن أدي سبعين فريضة فيما سواه". ومع هذا فإن الدكتور رشاد يؤكد أن الإسلام نظم صلاة المرأة في المسجد بما يحفظ لها كرامتها ويصون حياءها، فصلاتها تكون في نهاية صفوف الرجال وإمامتها تكون في منتصف الصف الأول فلا تزاحم ولا تخدش حياءها ولا تعرض نفسها لموقف يؤثر علي كرامتها وعفتها وينقص الثواب، موضحا أن الصيام يقضي بالامتناع والإمساك عن المعاصي، فإذا ما وقع ما يحدث اليوم من مشاهد غير مقبولة من تزاحم بالمساجد وخروج عن آداب الصلاة بالمسجد فيفضل للمراة أيا ما كانت النية ان تصلي في منزلها خير لها من الذنوب. ويري د. حامد أبو طالب عميد كلية الشريعة والقانون السابق وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة وعضو المجلس الأعلي للشئون الإسلامية أن الأصل صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد، ومع هذا فيجوز للمرأة أن تصلي الفروض والنوافل في المسجد في الأيام العادية وكأي مسلم علي وجه البسيطة لها الحق أيضا في أن تسارع لأدائها في جماعة لاسيما في شهر رمضان ، ولكن إذا ترتب علي هذا مفسدة كاختلاط النساء بالرجال والتزاحم والفتنة في هذه الحالة ،فإن دفع المفسدة يكون أولي من جلب المصلحة. ويوضح د.حامد أن وجود الممارسات الغريبة من أحاديث النساء بين الركعات ومزاحمتهن الرجال يعد مفسدة.. إذا ما وقعت يجب أن تمنع وصلاة المرأة هنا في المنزل تكون أفضل لها. حق للمرأة أما د. مصطفي عمارة أستاذ الحديث بكلية أصول الدين جامعة الأزهر فيقول إننا قد أفسحن للنساء المجال لمزاحمة الرجال في الأسواق والعمل فإن ما حضرت للمسجد للصلاة منعناها، ويشدد لا يحق لأحد أن يمنعها أداء الفريضة في المسجد فقد قال رسول الله" ص" «لا تمنعوا النساء المساجد إذا استأذنَّكم إليها»، و«لا تمنعوا إماء الله مساجد الله».. فأحيانا كثيرة يكون لصلاتها في المسجد حكمة فقد لا تخشع إذا ما أدت الصلاة في بيتها ولكن وراء الإمام تخشع وتتعلم تلاوة القرآن وربما حفظته عنه وكما نعلم لم يعد الزوج ورب الأسرة اليوم بقادر علي تعليم أهل بيته لظروف الحياة أحيانا وربما كان بحاجة لمن يعلمه . ويضيف د. مصطفي أنه وإن كانت صلاة المرأة في منزلها أفضل إلا أننا لا نستطيع حرمانها حقها في مضاعفة الثواب والجزاء بصلاتها في المسجد لهذا في عهد عمر بن الخطاب قام بتخصيص إماما مستقلا للنساء وهو أبي بن كعب ليأمهن ويتعلمن عنه القراءة السليمة ،أما في حالة إذا ما كان هناك خطر عليها يجعلها عرضة لما يسيء إليها في هذه الحالة يستوجب عليها الصلاة في بيتها. ويري الشيخ أحمد ترك إمام مسجد النور أنه قد تكون هناك بعض الممارسات التي تقوم بها النساء تتنافي مع حرمة المسجد ولكنها لا تنفي عنها حقها في أن تؤدي الصلاة في المسجد مع الجماعة وتشهد قراءة الإمام وتنال قدرا من الشحنة الروحية في شهر رمضان المبارك وفي ذهابها للمسجد إذا ما التزمت مظهراً حضارياً جيداً للإسلام والمسلمين نحن بحاجة إليه.