يتزامن شهر رمضان المبارك هذا العام مع انتشار الذعر الناتج عن ظهور فيروس أنفلونزا الخنازير، والأصوات المتعالية من وزارة الصحة التي تطالب بالابتعاد عن الأماكن المزدحمة والتواجد في المناطق المغلقة مما نتج عنه بعض التخوفات من التواجد في المساجد لأداء صلاة التراويح وسط التجمعات الغفيرة في المساجد الكبيرة. فيما كانت النسبة الأكبر من المسلمين تفضل الذهاب للصلاة في المسجد دون ابداء اهتمام مبالغ في هذه التخوفات مع توافر الحذر والحفاظ علي وسائل السلامة مثل ارتداء الكمامات أثناء الصلاة والتي اجازها علماء الدين كسبيل للحفاظ علي السلامة العامة. يؤكد حسن محمد أن صلاة التراويح من أهم العبادات التي يتقرب بها الإنسان إلي الله عز وجل وهي فرصة لا تتكرر سوي في شهر رمضان فقط فكيف له أن يضيعها بينما ينتظرها كل عام، وأنه لن يتواني عن الذهاب للمسجد لأداء الصلاة خوفا من انتقال عدوي الأنفلونزا بين المصلين كما يقول البعض. ويتفق معه أحمد علي فيري أنه لا داعي للمبالغة في القلق والخوف من مرض أنفلونزا الطيور أو الخنازير مما يدعو للانقطاع عن أداة صلاة التراويح فهي سنة علي كل مسلم ألا يتكاسل عنها بأي شكل من الأشكال مع الحفاظ علي اتباع تعليمات الوقاية التي تبلغ السلامة. وتشير علية محمود إلي أن رمضان هو شهر العبادات وفرصة ليتقرب العباد إلي الله سبحانه وتعالي، فعلي المسلم إلا يفوت صلاة التراويح في المسجد حتي لا يحرم مما تبعثه هذه الصلاة من روحانيات تسمو بنفسه وهذا لا يعني توخي الحذر في عدم الإكثار في المصافحات والتقبيل بشكل مبالغ فيه مع الحفاظ علي النظافة الشخصية. ويقول حسين محمود إن الذهاب للمساجد لأداء صلاة التروايح لا ضرر فيه مادام الإنسان يحافظ علي نظافته ويصطحب أدواته الشخصية كسجادة الصلاة والمصحف وزجاجة مياه خاصة به مع عدم إطالة الجلوس في المسجد بعد الصلاة إذا كان مزدحماً. وتري سعاد عبدالله أنه لا داعي للخوف من الصلاة في ظل انتشار فيروس الأنفلونزا لأن كل الأمور بيد الله فليتوكل المسلم علي الله وليحافظ علي أجر وثواب هذه الصلاة. وحول استعداد المساجد لمواجهة خطر مرض أنفلونزا الخنازير خلال صلاة التروايح يؤكد محمود أبوالخير إمام مسجد المغفرة أن هناك اتجاهاً مضاعفاً للحفاظ علي نظافة المسجد مع الحرص علي مداومة تهوية المسجد إلي جانب توعية المصلين وارشادهم لطرق الوقاية والنظافة الشخصية، والحث علي عدم الحضور للمسجد في حالة الاشتباه بأعراض الأنفلونزا لحين التأكد من سلامتهم وعدم الاكثار من المصافحات والتقبيل في الأماكن المزدحمة. ويشير عبدالله عبدالحميد إمام مسجد الفتح إلي أن الأمور ليست مخيفة كما يتصورها البعض حيث لم يتوان المصلون عن ارتياد المسجد لأداء صلاة الجمعة والصلوات الخمس خاصة أن الفتح من أكبر مساجد القاهرة باعتباره المسجد الأقرب لمحطة مصر مما يجعله مزدحماً باستمرار بوجود المسافرين لمختلف محافظات مصر ذهابا وإيابا. ويوضح أن الأمر مطمئن في ظل الحفاظ علي النظافة اليومية بعاونة وزارة الأوقاف المتعاقدة مع شركة نظافة مهمتها تنظيف وتعقيم المسجد بصفة دورية مع وجود ساحات واسعة بجانب المسجد جاهزة لاستقبال المصلين لافتا إلي أن الصلاة تكون خفيفة دون تطويل فغالبا ما يكون رواد المسجد من المسافرين حتي لا تشق عليهم الصلاة. رأي العلماء وحول رأي العلماء في إمكانية تحديد ضوابط أو تقنين التراويح بسبب أنفلونزا الخنازير أبدوا معظمهم رفضه للإلغاء إلا أنهم أجازوا استخدام وسائل وقائية ومنها الكمامة في الصلاة. فمن جانبه يؤكد الدكتور مصطفي أبوعمارة أستاذ الحديث وأصول الدين بالأزهر أنه ليس هناك ما يمنع من ارتداء الكمامات أثناء الصلاة، وعلي المسلم أن يبحث عن عما يكثر من ثوابه عند ربه فإذا كانت لديه المقدرة علي الصلاة في المانع أن يصليها، مشيرا إلي أن مثل هذه الأمراض لن تستطيع أن تلغي الجماعات في صلاة التراويح أو حتي في العمرة فإذا فكروا في إلغاء التجمعات ليقوموا بإلغاء الماتشات والسينمات. وتري الدكتورة عفاف النجار عميد كلية الشريعة الإسلامية بنات جامعة القاهرة أن ارتداء الكمامات أثناء صلاة التراويح جائزة ولا ضرر ولا ضرار منها فالوقاية خير من العلاج ولكن نطالب المسئولين عن هذه المساجد أن تكون هناك أماكن ملحقة بهذه المساجد ومجهزة وجيدة التهوية ومن المفضل ألا يكون هناك زحام بالمساجد فبيوت الله كثيرة في كل مكان وهذا بالنسبة للرجال أما المرأة فصلاتها مقبولة في بيتها حتي تحمي أطفالها من الأمراض. ومن جانبه أكد الدكتور رشاد خليل عميد الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر إن صلاة التروايح لم تفرض جماعة ولكنها كانت فرادي بينما عند ذهاب الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ليصلي في الجامع ذهب خلفه المسلمون لكي يصلوا معه، وكما أنه اجتهاد من سيدنا عمر لتوحيد الصفوف، ولذلك فإذا كان الاختلاط بسبب انتشار المرض فمن الممكن أن يصلي التروايح في البيت فهو يحمي نفسه من الأمراض فمنع الضرر عن المسلم له ثواب في حد ذاته. أما الدكتور سعد هلال عميد سابق كلية الدراسات الإسلامية بأسوان وأستاذ الشريعة والقانون فيري أنه ممكن ارتداء الكمامات حيث لا تؤثر علي صحة الصلاة سواء كانت هذه الصلاة فريضة أو سنة مؤكداً ضرورة إرشاد المسلمين إلي تعددية واختيار المساجد غير المزدحمة وخاصة المساجد التي يكثر روادها، والمحافظة علي أساليب الوقاية من تغطية الفم والأنف أثناء السعال أو العطس. وأضاف أنه لابد من تذكير المسلمين بأن صلاة التروايح في جماعة اجتهاد من سيدنا عمر وهي ليست واجبة أو فرض ولذلك فبإمكانهم أن يصلوا التراويح في بيتهم ويقرأوا من المصحف ولهم الثواب، ولكن من المفترض أن يصر أولياء الأمور المسئولين عن الجوامع مع المطالبة بعدم زيادة أعداد المصلين، وللاحتياط نفعل ما قاله الحديث "وليسعك بيتك" ففي بيوتنا سعة وعلينا أن نصليها في بيتنا وستأخذ ثوابها كاملاً للوقاية من الأمراض.