الإضراب والمظاهرات غير المنظمة أدت الى تعطل العمل وتكدس الحركة المرروية وإغلاق المصالح عقوبة المخالف تبدأ بوقف الحافز وحتي الفصل رجال القانون: تعطيل المرافق العامة جناية ويجب مقاضاة المتسبب في الخسائر أعلنت وزارة الداخلية في بيان لها أن عدد الوقفات الاحتجاجية والإضرابات خلال 84 يوماً بلغت 8941 وقفة مما أدي إلي تعطل المصالح العامة وازدحام المرور والطرق فضلاً عن الخسائر المادية التي ألحقتها بجهات العمل بسبب تعطيل دولاب العمل وإعاقة عجلة الإنتاج وكان من أبرزها إضراب العاملين بالنقل العام والمعلمين وموظفي الجامعات والمضيفات في شركة الطيران الوطنية. وخرجت مؤخراً رئيسة هيئة النقل العام بتصريح يؤكد خصم أيام الإضراب من السائقين المضربين ومن قبلها فصل أحد البنوك 55 سائقاً لإضرابهم عن العمل طلباً لزيادة الراتب رغم أن راتب بعضهم يصل إلي 5 آلاف جنيه. إن تطبيق القانون علي المضربين المخالفين ليس بدعة ولا يجور علي حقهم في المطالبة بحقوقهم لأن الإضرابات حق كفله القانون وفقاً لحدود وتنظيمات تحافظ علي المصلحة الخاصة للعمال والعامة للدولة. المستشار محمود القاضي »أخبار اليوم« تفتح الملف مع خبراء القانون لتقف علي ماهية الإضراب الشرعي ووضع المضربين في القانون. يقول المستشار أسامة محرم رئيس مجلس الدولة إن الإضرابات حق كفله القانون للعاملين بأي منشأة بشرط أن يكون في حدود هذا القانون الذي ينص في المادة 291 من قانون العمل علي أن لهم الحق في الإضراب السلمي وأن يكون إعلانه وتنظيمه من خلال منظماتهم النقابية دفاعاً عن مصالحهم المادية والمهنية في حدود القانون.. ولذلك ينبغي علي العمال الذين يرغبون في عمل إضراب أن ينظموا ذلك مع اللجنة النقابية في المنشأة والتي تقوم بدورها بعد موافقة مجلس إدارة النقابة بإخطار مدير جهة العمل والجهة الإدارية المختصة قبل الموعد المحدد للإضراب ببضعة أيام علي الأقل وأن تحدد أسبابه والمدة المزمع الاستمرار بها وذلك لتتمكن الجهة المضرب عمالها من تنظيم شئونها وتحاول تلافي إعاقة سير العمل إلا أن ما يحدث الآن لا يمت لما سبق بصلة بل هي الفوضي بعينها حيث يكون القرار غالباً وليد لحظته ودون الرجوع لأي جهة أو إخطار المسئولين عنها ويزيد علي ذلك التجمهر أمام المنشآت وإعاقة الحركة المرورية فضلاً عن تعطيل مصالح الأفراد في المصلحة والتسبب في خسائر مادية لها. إضرابات ويستعرض المستشار محرم بعض أمثلة الإضرابات في الفترة الأخيرة وما ترتب عليها مثل إضراب عمال النقل العام وما سببه من تكدس وزحام مروري وتعطيل المواطنين عن أداء أعمالهم لأن الإضراب كان يعتبر جماعياً فترتب عليه تعطيل المرفق بالكامل وهذا يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون جنائياً بالحبس، كذلك إضراب طاقم الضيافة علي خطوط الطيران المصرية والذي أدي إلي خسائر تفوق الخمسين مليون جنيه وهو قانوناً من المفترض مقاضاة المتسببين في هذه الخسائر، فضلاً عن الشكل غير الحضاري الذي سببه إلغاء الرحلات أو تأجيلها بالعشر ساعات وأحياناً بالأيام.. كذلك إضراب المعلمين الذين تحايلوا علي القانون بالتوقيع في دفاتر الحضور والانصراف دون التدريس وذلك حتي لا يمكن معاقبتهم قانوناً ولكن المحك الحقيقي هنا هو من الذي سمح لهم بالتوقيع طالما لم يقوموا بالتدريس فالمسئول في المدرسة لم يطبق القانون ولعل ذلك يرجع إلي إحساسه بأن أحداً لن يحميه في ظل ما يحدث الآن من أحداث البلطجة واستخدام القوة. تغليظ العقوبة ويوضح المستشار محرم أن مواجهة هذه الظاهرة لا يتم إلا بتطبيق القانون ولعل السؤال الحقيقي: لماذا لم يتم تفعيل مواد القانون العقابية ضد المخالفين في هذا الشأن؟ فالسبب الأقوي وراء زيادة هذه الظاهرة التراخي في تفعيل القانون وهذا التراخي من الدولة عموماً يعود إلي أن الإدارة السياسية بها تتجه نحو عدم تفعيل القانون بهدف الابتعاد عن المشكلات وعدم إثارة القلاقل في ظل الظروف التي تمر بها الدولة والتي أصبحت تصبغ المعتدي بصبغة المطالب بحقه وتلبس المخالف ثوب الضحية وتطلق علي تطبيق القانون مصطلح قمع الحريات. ويري المستشار محرم ضرورة تطبيق القانون بكل حزم حتي لا يشعر هؤلاء أنه لن يحاسبهم أحد، وثانياً لابد من تغليظ العقوبة التي حددها القانون لأنها لا تكفي بعد زيادة الظاهرة بهذه الصورة المخيفة. عقوبات تأديبية ويتحدث المستشار محمد راتب نائب رئيس مجلس الدولة عن الإجراءات التأديبية التي يحق لجهة العمل استخدامها لمعاقبة المخالفين في هذا الشأن فيقول: إن من حق الجهة أن توقفه عن العمل احتياطياً لحين انتهاء التحقيقات وتقرير العقوبة، فالمادة 08 من قانون العمل يتيح لها 11 جزاء للموظفين بدءاً من الدرجة الأولي فأقل و4 جزاءات أخري للدرجات الأعلي ومن هذه العقوبات وقف الحوافز، الحرمان من الراتب، الفصل، الغرامة، الحرمان من المعاش، المطالبة بدفع قيمة من حققه من أضرار مالية.. الخ. وهذا في حالة إخلاله بقواعد الإضراب الذي ثبت معه تعوق العمل وترتب عليه خسائر مالية. ويستكمل المستشار راتب: إن السلطة المختصة يحق لها كذلك اتخاذ الإجراءات اللازمة وعرض المخالفين علي النيابة الإدارية لإحالتهم لمحاكمة تأديبية تقضي بعقوبات مما سبق أو تحول الأمر إلي المحاكم الجنائية في حالة اقتران المخالفة بأعمال تخريب أو إرهاب وتهديد للمسئولين عن جهة العمل أو إحداث التلفيات أو الحرق أو الضرب ليتم التعامل مع المتهم وفقاً لقانون العقوبات حيث تبدأ العقوبة من السجن 3 سنوات فأعلي حسب الضرر والتلف والجريمة. حق ومسئولية ويوضح المستشار راتب أن القانون رغم منحه في المادة 291 من قانون العمل حق الإضراب السلمي إلا أن هناك قواعد لابد من الالتزام بها كالإضراب بشكل حضاري أمام الهيئة دون إعاقة المرور، أو أن يكون الإضراب في غير ساعات العمل أو بالتناوب بين العمال فجزء يقوم بتأدية العمل والآخر يعبر عن اعتراضه أمام المؤسسة لحين تحقيق المطالب حتي لا يتعطل سير العمل، أما ما يحدث الآن فهو فوضي وأساليب ضغط غير قانونية تحقق أبلغ الضرر وليس هناك مثال أبرز من إضراب المعلمين والضرر الذي لحق بالطلاب وإضراب بعض الأطباء وما قد يترتب عليه من الاستهتار بأرواح المرضي. طرق شرعية ويؤكد المستشار راتب في حالة عدم تحقيق مطالب العمال بالإضراب السلمي القانوني فأمام العامل قنوات شرعية يمكنه اللجوء إليها للمطالبة بحقوقه أيضاً بصورة قانونية وهو رفع الدعوي أمام مجلس الدولة بقسم الحقوق والحريات ففي القانون رقم 74 بالمادة 41 منه كل ما يتعلق بحقوق العمال المالية والترقيات وتعرضهم للجزاءات.. فلماذا لا يتم اللجوء للقضاء الإداري بدلاً من اتخاذ هذا الطريق المظلم والمسيء للمؤسسة ويتسبب في خسائرها في حين ان العامل ينتظر منها حوافز أو مكتسبات مالية فضلاً عن الإساءة العامة للمواطنين وعدم تأدية مصالحهم وتعطيل عجلة إنتاج الدولة. جناية وعن الشق الجنائي في الإضرابات يقول المستشار محمود القاضي رئيس محكمة جنايات قنا إن المواد 421 و473 و573 من قانون العقوبات والتي تعتبر هذه الظاهرة جناية وتدور حول عقوبات الإضراب المخالف الذي يتعدي الحدود القانونية ويتسبب في تعطيل العمل والإضرار بالمصلحة العامة وإلحاق خسائر مالية من جراء عدم تأدية العمل لفترة طويلة أو مفتوحة وقد نصت المادة علي معاقبة تهمة التحريض علي الإضراب وتحبيذه وفقاً للأضرار المترتبة عليه وتبدأ العقوبة بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر وتصل إلي السنة والغرامة. وعن مطالبة البعض بتطبيق المادة 68 و68 مكرر من قانون العقوبات علي مرتكبي الشغب في الإضرابات يقول القاضي إنها مواد تتعلق بمكافحة الإرهاب وتنص علي عقوبة كل من أخل بالنظام العام واستخدم التهديد والترويع للمواطنين.. ويري البعض أنها مادة موازية للمواد العقابية للإضراب وأنه يمكن استخدامها خاصة بعد أن وصل الأمر حالياً في الإضرابات إلي احتجاز المديرين وعمداء الجامعات بل واستخدام بعض البلطجية والزج بهم وسط الإضرابات لإحداث نوع من التهديد والترويع وإحداث التلفيات، وبذلك يخرج الأمر عن كونه إضرابا ليدخل في حيز الإرهاب والبلطجة الذي يجوز معه تطبيق هذه المادة والتي تصل عقوبتها إلي المؤبد. تفعيل القانون ويوافقه في الرأي المستشار محمد كمال عجوة نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية ويقول إن الأزمة الحقيقية الآن تكمن في عدم تطبيق القانون فكيف يكون أمامنا هذا المداد القانوني للعقوبات ولا نقوم بتنفيذه للوقوف في وجه هذا الداء الذي انتشر بلا حياء؟ ويوضح المستشار محمد كمال عجوة أن القانون قد نظم حدود الاضراب وكل ما يتعلق به بما فيها عقوبة مخالفته في المواد 421 و421»أ« والمواد من 261 وحتي 961 والمواد 473 و573 من قانون العقوبات والتي تدرجت في العقوبات حتي وصلت إلي الحبس بحد أقصي ثلاث سنوات. ويري المستشار عجوة أن هذا التقصير في تفعيل القانون يستوجب المساءلة لأنه يصبغ الدولة بصفة اللامؤسسات واللاقانون خاصة أنه ليس حق المسئول وحده ليفرط فيه وإنما هو ضرر عام للدولة ككل يجب التصدي له دون أي تراخ.. فالمدير في الجهة الإدارية إذا وجد أن الإضراب خرج عن الحدود المسموح بها عليه أن يتخذ كل الإجراءات التي كفلها له القانون دون شفقة فالبعض يخشي من حرمان الموظف من حقوقه المالية أو معاقبته بالعقوبات التأديبية بدعوي أن هذا الموظف مضرب أصلاً للحصول علي زيادة في الامتيازات المادية فكيف أخصم منه، ولكني أجيب علي ذلك بأن هناك أساليب لائقة وقانونية للمطالبة بالحقوق وعلي من يتبع غير ذلك التعرض للمساءلة بكل حزم.