من رحم الحب تولد الأحلام ،ومن أعماق الرحمة يكون الأمل ، والحلم في باطنه أمل يظل يتراقص امام مخيلتنا الي ان يخرج الي ارض الواقع ، قد يكون حلما ثملا أو واعيا، قويا، قادرا علي فعل التحقق، فالحلم بدون فعل يظل ساكنا في الخيال قابعا في الاعماق ، صامتا كالأموات، لا يعرف طريقه للنور ، والنور قبس من الفكر المستنير حاضر كالشمس في منتصف النهار، يدفعنا الي الامام ويلوح لنا بالفرح من بعيد.. و نلهث وراءه املين في تحقيقه ، لا أدري سببا بأن العيد مرتبط دائما بالفرح، يزداد يقيني عندما تهاجمني الذكريات بحثا عن حنين غائب مع رحيل امي وأبي وبيتنا الكبير الذي كنا نزينه ليلة العيد بالضحكات والنكات علي فستان العيد وحذاء العيد، ولا اعرف لماذا كنت احتضن حذائي الجديد وفستاني المزركش هكذا في ليلة العيد؟! ولا اعرف لماذا كنت اظل مفتوحة الاعين طوال هذه الليلة في انتظار اول شعاع للنهار كي اجري وارتدي الفستان الجديد، كان الحلم اكبر من الواقع، وكنا نجري خلفه غير مبالين نتعقب اطيافه وكلما امسكنا بأحد هذه الاطياف يظهر لنا طيفا جديدا في بالونه ملونة أو لفة في أرجوحة عم إسماعيل الخشبية التي كانت تأخذنا لفوق ثم تهبط بنا لأسفل في سباق جنوني مع أنفسنا وتتعالي الضحكات عندما كانت تقلب بنا الأرجوحة لأكثر من مرة ونحن ممسكين بيد من حديد في حبالها الضعيفة ، وكانت جيوبنا الصغيرة عامرة بالقروش القليلة "عيدية "الاب والعم والخال والجد و الجدة وكل من يأتي ضيفا علينا في ذاك الصباح السعيد لأول أيام العيد، كان بيتنا في شارع واسع يمتلئ بالناس والجيران، قبل ان يصبح ضيقا مخنوقا بالبنايات الشاهقة التي حجبت نور الشمس وغروب الأحلام . يأتي العيد علينا حاملا أحزانه وأفراحه! ولا غرابة من حالات الحزن وحالات الفرح لأن حالنا من حال الطبيعة صيف وشتاء وليل ونهار!، لكن يظل هناك شيئ مقدس داخل كل منا شيء لا يكبر ولا يصغر ولا يشيخ، ولا يتبدل ولا يتحول، شئ غامض خفي ،هو ذلك الشيء الوحيد الثابت الذي لا يدركه التغيير وهي " روح الله " التي أعطتنا حق الحياة بالتساوي وعلي كل منا ان يدرك حلمه ولا يقل إن الوقت فات.. وكل عام وانتم طيبون .