المصريون بارعون جداً في تشويه أي شئ جميل.. هذه الحقيقة تأكدت منها عندما ساقتني الأقدار أو حظي العاثر لاستخدام مترو الأنفاق الخط الأول يوم الاثنين الماضي، ورغم سوء حالة الخط وعربات المترو التي تحتاج لصفحات للحديث عنها إلا أنني كنت سعيداً لأنني قررت ذلك اليوم أن أتجول في أعظم ميدان بالعالم حيث إنني لم أزره منذ شهرين تقريباً، وهو بالطبع ميدان التحرير الذي احتضن ثورة يناير المجيدة وأسيلت علي أرضه دماء طاهرة ستظل تروي عروقنا إلي الأبد. هبطت من المترو في محطة الشهداء السادات سابقاً وفوجئت بالعديد من المخارج بالمحطة والتي تساعد الركاب علي الصعود لمختلف اتجاهات الميدان مغلقة تماماً، وخاصة في اتجاه مجمع التحرير، وباقي المخارج ممتلئة بالباعة الجائلين وشعرت وقتها بأنني لست في محطة متر الأنفاق الشهيرة ولكنني في سوق العتبة أو الأزهر المهم أنني أكملت مسيرتي للخروج من المحطة في اتجاه الجامعة الأمريكية، وبمجرد صعودي سلالم الخروج صدمتني الروائح الكريهة المنبعثة من جنبات السلالم وأبواب المترو، فقررت الخروج من اتجاه آخر فصدمتني نفس الروائح، ولم أجد مفراً من الخروج لسطح الميدان فصدمتني مرة أخري أكوام القمامة المحيطة بمداخل ومخارج المحطة، ولا تكفي كلمة »قذارة« للتعبير عما هو موجود بجزء كبير جداً من الميدان حالياً.. ولا نبتعد عن الحقيقة كثيراً إذا أطلقنا عليه »مراحيض التحرير« كيف نقبل كمصريين أن نصل بهذا الميدان الذي يمثل لنا رمز الثورة والحرية إلي هذا المستوي المتدني من النظافة؟ وكيف يقبل الثوار أن يكون هذا هو حال الميدان الذي تحقق فيه حلمهم، وماذا سنفعل إذا زار مسئول دولي الميدان؟ وشاهد هذا »القبح« الذي يسيطر عليه، وغالباً ستزيد هذه الزيارات مستقبلاً مع استقرار الأوضاع في مصر وزيادة الزيارات الرسمية من جانب رؤساء ووفود الدول لتدعيم العلاقات مع الجمهورية الثانية أعتقد أن د. محمد مرسي رئيس الجمهورية لايرضيه ذلك وأنا علي يقين من أنه سيزور ميدان التحرير قريباً جداً جداً.. وأثق بأنه سيطالب بإعادة ميدان التحرير لسابق عهده، ويكلف محافظة القاهرة بشكل رسمي بتنظيف الميدان وتجميله وإعادة تخطيطه واعداده ليصبح رمزاً للحضارة التي يزيد عمرها عن 7 آلاف عام ورمزاً للثورة المصرية التي أبهرت العالم.