محمد انور السادات مصر تحت حكم قوتين.. المجلس العسكري والرئيس.. هكذا يبدو المشهد السياسي عقب اعلان فوز د. مرسي بانتخابات الرئاسة وفي ظل الاعلان الدستوري المكمل. الكل يتحدث عن التوافق والمصالحة الوطنية ولكن كيف ستأتي تلك المصالحة في ظل صراع متوقع علي السلطة بين قوتين لا تحمل كل منهما للاخري قدرا من الثقة يسمح باستقرار الاوضاع في الشارع السياسي. مستقبل مصر في ظل حكم المجلس العسكري والرئيس "المحسوب سياسيا" علي جماعة الاخوان قابل للعديد من السيناريوهات.. هل ستقتبس ام الدنيا النموذج التركي ككتالوج جاهز ومعد مسبقا لطريقة الحكم المزدوج؟ ام سيقع الصدام العنيف بين الرئيس القادم بشرعية صندوق الانتخابات والمجلس العسكري القائم بشرعية دعم الثورة والحفاظ علي الامن القومي؟ يري النائب السابق محمد انور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية انه بمجرد قيام الرئيس المنتخب بحلف اليمين يصبح له كل صلاحيات رئيس الجمهورية في القيام بمهامه ويصبح هو القائد الأعلي للقوات المسلحة. وما احتفظ به المجلس العسكري من سلطات فهو احتفاظ مؤقت لحين إعداد الدستور والتوافق الشعبي عليه. ويعتقد السادات ان الرئيس المنتخب الذي لديه كل الصلاحيات سيقوم بالتفاهم والتشاور مع المجلس العسكري في هذا الشأن وسوف تنتهي هذه المسألة الخلافية بالشكل الذي يريح الرئيس ويشعر انه رئيس منتخب ذو صلاحيات كاملة. وبشأن علاقة الرئيس المنتخب بالمجلس العسكري يري السادات إنها ستكون علاقة احترام وعلاقة رئيس بمرءوسيه . ويستنكر السادات وجود صدامات أو خلافات فيما بين الرئيس المنتخب والمجلس العسكري لان مصر لا تحتمل اي نوع من انواع التصادمات او الخلافات ويري ان الجميع يقدر ويستوعب الظروف التي تمر بالبلاد الآن. الصدام لصالح مبارك بينما يري محمد عبد العزيز منسق شباب حركة كفاية، أنه بعد مرور أكثر من عام علي الثورة مازلنا في مرحلة انتقالية تشبه عملية «بناء بيوت من الرمل علي شاطئ البحر"، فما وصلنا إليه الآن نتيجة الاختيار الخاطئ علي الاستفتاء الخاص بالتعديلات الدستورية من البداية مما أدي لترتب عليه هدم كل ما أردنا تحقيقه ولم يعد لدينا دستور او برلمان ونحن الآن امام رئيس بلا صلاحيات ومنحت صلاحياته للمجلس العسكري وهذه النتيجة الطبيعية للمسار الخاطئ الذي سرنا فيه من البداية. ويضيف عبدالعزيز: الآن دخلنا مرحلة انتقالية معقدة جدا لم يتحدد فيها الي الآن المستقبل السياسي في مصر بعد الثورة ولا الخريطة العامة التي من المفروض السير علي نهجها وحدوث صدامات بين المجلس العسكري والرئيس المنتخب سيناريو متوقع طوال الوقت، متمنيا ان تحل الأمور فيما بين السلطتين بشكل ودي وتوافقي لإرضاء جميع أطراف الشعب المصري وحتي لا نكلف البلاد اي خسائر أخري، علي المجلس العسكري ترك السلطة كاملة للرئيس المنتخب وألا يحاول المجلس الإبقاء علي نظام مبارك الذي يسعي بعض المنتمين اليه جاهدين الي اعادة انتاجه من جديد وستستمر هذه المحاولات لفترات طويلة ولن تتوقف بخسارة شفيق للانتخابات الرئاسية. يقول أحمد الفضالي رئيس حزب السلام : إننا أمام واقع جديد ورئيس منتخب للجمهورية وبرلمان منحل مما استلزم نقل السلطة التشريعية إلي من يدير شئون البلاد وهو المجلس الأعلي للقوات المسلحة وذلك مرهون بفترة الإعداد النهائي للدستور كاملا والاتفاق عليه. وبعد ذلك ستنقل السلطة للرئيس المنتخب كاملة بدءا من اختياره للحكومة ووزرائها ورؤساء الهيئات والمؤسسات المختلفة بالدولة وذلك في ضوء الاختصاصات الممنوحة له حتي يتم الانتهاء من وضع الدستور في شكله النهائي ليحدد اختصاصات واضحة لرئيس الجمهورية. الإرادة الشعبية د. أحمد مهران مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية يري ان في مصر الآن سلطتين احداهما تبحث عن الاختصاصات وهي السلطة الواقعة بصفتها هي المنتخبة من الشعب المصري وصاحبة الحق الأصيل في إدارة شئون البلاد والأخري تري أنها سلطة واقعية لديها من القوة والنفوذ ما يجعل لها الحق في المشاركة في إدارة شئون البلاد علي ان تختص ببعض الصلاحيات والاختصاصات السياسية والقانونية لاسيما التشريعية في تحقيق التوازن بين التيارات السياسية، وبناء علي ذلك فالمرحلة القادمة ستكون بها صراعات حيث ان كلا من السلطتين تسعي لاستخدام صلاحياتها واختصاصاتها في ممارسه عملها بالصورة التي قد تتعارض مع رؤية ورغبة الطرف الآخر وسيكون هناك تنازع في السلطات والاختصاصات، فكل من السلطتين سيدعي لنفسه اختصاصات أصيلة يحق للطرف الآخر ان يمارسها وسيكون لكل منهما سلطته. يرفض سيد ابو العلا منسق عام حركة ثوار مصر فكرة خضوع الدولة لحكم قوتين لتنافيه مع فكرة الاستقرار حيث يقول: حتي الامثال الشعبية تقول «المركب اللي ليها ريسين تغرق» فما بالك بوطن له كيانه ومؤسساته ويمر بمرحلة انتقالية سيوضع فيها دستور جديد وتشريعات جديدة.. ووجود طرفين في المشهد يعني ان الحال لن يستقر علي الاطلاق خاصة ان كلا الطرفين ليس لديه نية لبناء دولة ديمقراطية ولم يقدما اي دليل علي ذلك، فالاخوان والمجلس العسكري تعاملا مع المشهد بعد الثورة بمنطق السباق علي السلطة الخالية، العسكري منح نفسه الشرعية بالتعديلات الدستورية والاخوان عجلوا بالانتخابات البرلمانية والرئاسية قبل الدستور لاستغلال خلو الساحة من اية قوي منظمة اخري. ويؤكد ابوالعلا أن ازدواجية الصلاحيات بين العسكري والرئيس او الاخوان سيؤدي لحالة من الفوضي والارتباك فنحن الآن لا نعرف من منهما سيكون مسئولا عن تحقيق اهداف الثورة ومن سنحاسبه في حالة الحياد عن ذلك، كما ان كل طرف سيسعي لافشال الآخر فالرئيس مثلا اذا اراد سن قانون لابد ان يعود للمجلس العسكري الذي لا نثق في تعاونه التام والصادق مع الرئيس كما ان الرئيس سيلقي بمسئولية اي فشل علي عاتق العسكري. صراع القوة المجلس العسكري هو المستفيد من فكرة صراع القوتين.. هذا ما يؤكده احمد عبدالجواد عضو المكتب التنفيذي لائتلاف شباب الثورة حيث يقول: في حالة خوض الاخوان اي صراع منفرد امام المجلس العسكري فالنتيجة ستكون في صالح الاخير وهذا ما شعر به الاخوان خلال الجولة الاولي فتلافوه خلال جولة الاعادة حيث قدم د. مرسي نفسه كمرشح للقوي الثورية وليس مرشحا للجماعة فقط ولكن الازمة الحقيقية قد تكمن في حياد الرئيس عن تلك القناعة واعتماده علي الاخوان فقط وفي تلك الحالة سيخسر. ويتوقع د. رفعت السعيد رئيس حزب التجمع وقوع صدام بين الاخوان والعسكري بسبب انقلاب الاخوان علي اية اتفاقات وتعهدات بينهم وبين اي طرف آخر حيث يقول: الاخوان يعتمدون مبدأ نظريا عقيديا رسمه حسن البنا وهو الحفاظ علي المصالح المشتركة مع "الطاغوت" والمقصود بالطاغوت اي قوي تسيطر علي الساحة ومن خلال هذا التعاون يسعي الاخوان لتحقيق مكاسب حتي يشعروا بالقوة وبعدها يبدأون بالضغط عليه وهم يفعلون ذلك في كل مرة ويخطئون ولا يعترفون بأخطائهم بل يعتبرونها محنة واختبارا الهيا لايمانهم. ويري رفعت السعيد ان سبب الصراع المتوقع هو عدم قدرة الرئيس مرسي علي الخروج من جلباب الجماعة بدليل ازمة قسم اليمين فهو حتي الآن لم يرفض قسم اليمين امام المحكمة الدستورية وذلك بناء علي توجه الجماعة وبالتالي فالمؤشرات تؤكد ان الصدام سيكون مبكرا جدا لان الجماعة والرئيس لا ينفصلان والمجلس العسكري لن يقبل بحكم الاخوان.