يا عالم.. يا هوه.. مصر دولة كبيرة وتملك كل مقومات النهوض والتقدم والقدرة علي مواجهة التآمر والتربص. إذن ما هي الحكاية وما هي تفاصيل الرواية التي جعلت من هذا الكيان في هذه الصورة الضعيفة المتهالكة التي تنتظر العطف والمساعدة وحلولا لمشاكلها من الخارج؟! المشكلة يا سادة ليست عويصة التوضيح إلي هذه الدرجة التي تجعلنا ندفن رؤوسنا في الرمال. ان جوهرها وبدون أي مواربة وفقا لما جري ويجري من احداث وتطورات يتركز من وجهة نظري المتواضعة والتي يعرفها ويدركها الكثيرون في النقاط التالية: تراكمات الماضي التي جعلت تسيير أمور هذه الدولة نهبا ومغنما لأهل الثقة معدومي الكفاءة والخبرة وكذلك للانتهازيين الذين يمارسون نشاطهم بمبدأ اخطف واجر.. وبعضهم يحمل لقب رجل أعمال. يضاف الي هذه العناصر مجموعات متتالية من العاملين المنافقين في حاشية صاحب السلطان المتخصصين في العمل علي ضمان واستمرارية وجودهم في دائرة السلطة تأمينا وحفاظا علي مصالحهم المتشعبة. هذه الاجواء تنعكس علي الأوضاع العامة في الدولة وهو ما جعل الفساد محورا للأداء وهو ما أدي إلي معاناة المواطنين والمستثمرين. كان من نتيجة ذلك تحول مصر الي دولة طاردة للاستثمار المحلي والخارجي. الذي يستهدف الربح الحلال والمساهمة في جهود التنمية. وقوع الدولة فريسة لغابة من القوانين المعطلة للتقدم رغم توافر الفرص الواعدة غير المحدودة استنادا إلي هبة الله المتمثلة في الموقع المتميز الوسط بين القارات والطقس المعتدل طوال العام والمكانة السياسية المستمدة من العراقة والتاريخ والتراث التي تعد من الصفات الفريدة في العالم. هذه القوانين قد تكون قد صدرت عن نيات صادقة ولكن من المؤكد انها لم تستند إلي العلم والخبرة التي تجعل منها عوامل فاعلة لتحقيق التقدم المأمول سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. قيمة وحجم مصر ونفوذها في منطقة الشرق الأوسط الحساسة جعلها هدفا للتآمر لصالح اسرائيل والعملاء والساعين إلي جني الغنائم من وراء تخلف المنطقة ومواصلة استحلال ثرواتها ضمانا لاستمرار رخاء هذه الدول المتآمرة. إننا وللأسف واستسلاما لكل هذه العوامل عملنا عن سوء ادراك وجهل وسوء فهم.. للوقوع في كمين الفُرقة والصراعات كي نكون ضحية لكل هذه العوامل. ساهم في تفاقم احوالنا تواكلنا وعداؤنا للتجديد والعمل والإنتاج وبذل الجهد والعرق الذي يحتاجه هذا الوطن لعبور كل هذه العوائق والأزمات التي تعترض طريق تقدمه ونهوضه. اغفلنا وتغافلنا عن كل الأسس الواضحة تماما فيما يخص تجارب الدول التي كانت قبلنا بكثير واستطاعت ان تسبقنا لتلحق بركب الرخاء والازدهار بالعمل والابتكار واحترام العقول والفكر الخلاق. هذا الذي ذكرته يدخل في اطار الاجتهادات بحثا عن الأسباب التي ادت وتؤدي بنا إلي ألا تتواكب ولا تتوافق تحركاتنا علي مستوي الدولة والشعب مع الآمال والتطلعات في حياة كريمة. ليس من آمل للخروج من هذا المأزق سوي تغيير المفاهيم والسلوكيات وأن يكون هناك توحد وحسم وانضباط ومتابعة. لابدان نؤمن بأهمية توافر الرقابة الرشيدة المجردة من أي هوي لأداء الواجبات والمسئوليات وان يتم اصدار القوانين والتشريعات التي تخدم تحقيق كل هذه الاهداف.