أرجو ألا نتمادي في إعطاء أهمية لما يسمي بالثورة المضادة وهو الأمر الذي قد يبرر استمرار عمليات الانفلات الأمني وتفشي الفوضي في مرافق ومنشآت الدولة. قد يكون هناك دور سلبي للقوي التي أُضِيرت من ثورة 52 يناير ووضع نهاية للنظام الذي كان يحكم.. هذا الدور قد يتمثل في إثارة وتضخم بعض المظاهر التي تتسم بعدم الايجابية وتؤثر علي مسيرة الحياة.. ولكن من ناحية أخري فإنه لا يجب بأي حال الاستناد المطلق إلي هذه الدعاوي إلي الدرجة التي تجعلنا نتغاضي عن رؤية أخطائنا وسوء أعمالنا. ان الاستسلام لما يُشاع يؤدي إلي الهائنا عن متطلبات العمل اللازم للخروج من عنق الزجاجة التي أصبحنا نعاني من تداعياتها. علينا أن نعترف أن الوقت قد حان لأخذ الأمور بالجدية اللازمة التي تتطلب الحسم والحزم في التصدي لممارسات التسيب وغياب المسئولية وعدم المبالاه في مواجهة الأخطار الاقتصادية والأمنية والاجتماعية التي تؤثر علي استقرار الحياة وقيام الدولة المصرية بواجباتها ومسئولياتها. لابد أن ندرك ونعمق الأحساس بأن الحرية والديمقراطية التي اشتقنا إليهما ونتطلع لإرسائهما لا تعني الفوضي والسماح بالعنف المُجرم قانونا أو القبول بالسلوكيات التي تتعارض وتتناقض مع وحدتنا الوطنية وأمننا الاجتماعي. إن أي تهاون في حماية هذه المبادئ الأساسية يعني تدمير كيان الدولة المصرية وتقديمها لقمة سائغة للأعداء المتربصين. إن قوة هذه الدولة وصمودها وتقدمها ظل وعلي مدي تاريخها الطويل مرتبطا بهذه الوحدة الوطنية. لم يعد مقبولا بأي حال من الغالبية العظمي من الشعب المصري أن تُصدم من وقت لآخر بممارسات تستهدف النيل من هذه الوحدة الوطنية تحت أي دعاوي ليس من هدف من ورائها سوي إثارة النفوس وشغل المجتمع والدولة عن توجيه جهودها إلي حل الكثير من المشاكل العويصة التي يعيشها المجتمع. إن ما حدث بالأمس في منطقة إمبابة من صدامات أمام إحدي الكنائس ما هو إلا صورة مأساوية لهذا المناخ غير الصحي الذي يريد البعض لنا أن نعيش فيه. لا يمكن يا أبناء مصر يا من كنتم وراء ثورة 52 يناير التي قامت مبادئها علي التغيير إلي الأحسن والأفضل في كل المجالات أن نسمح بضرب وحدتنا الوطنية. لقد كانت إحدي المظاهر المبهرة لهذه الثورة البيضاء ما اتسم به أداؤها من وحدة وطنية رائعة وحضارية جمعت أبناء الهلال والصليب وجعلتنا مثار إعجاب العالم. كيف يمكن أن ينقلب الحال لهذه الصورة المفزعة ليصل الأمر إلي حد التقاتل وسفك الدماء وإرباك الحياة. إنها ليست أبداً ثورة مضادة ولكنها فتنة يسعي إلي إشعالها نفر ممن فقدوا الإحساس الوطني وأداروا ظهورهم لسماحة وتعاليم الأديان ومبادئها. يا شعب مصر.. يا عقلاء هذه الأمة.. يا أولي الأمر في هذا البلد، إن القضية وعلي ضوء التطورات فان الامور اصبحت تتصاعد وبصورة مفجعة وفق مخطط مرسوم لا يريد الخير لهذا البلد. لم يعد خافيا دور الأصابع الخفية التي استفادت من الثورة وخرجت من الجحور لترد الجميل بالتآمر علي هذه الثورة. أليس شيئا غريبا ومثيرا أنه وفي الوقت الذي تتعالي فيه الأصوات مطالبة بالتصدي للفوضي والانفلات الأمني اللذين يعطلان مسيرة الحياة وقوع أحداث هذه الفتنة المريبة. كل الملابسات التي تحيط بهذه الكارثة تؤكد أنها بفعل فاعل وهو ما يتطلب اليقظة التامة وتضافر كل الجهود من أجل وأدها وإجهاض ما تستهدفه.