ليست أزمة اللاجئين الذين يتدفقون علي أوروبا بطرق غير شرعية وما يحيط بها من آلام ومآس سوي محصلة للمؤامرات الاستعمارية التي تعرضت لها دول الشرق الاوسط بقيادة الولاياتالمتحدة وبمشاركة الدول الأوروبية. معظم دول الشرق الاوسط كانت هدفاً لهذه المخططات التخريبية التي استهدفت تقسيمها وتفتيتها والدفع بها فريسة للتنظيمات الارهابية التي تعاون التكتل الغربي المتآمر علي تخليقها ورعايتها ودعمها بالمال والسلاح. هذا المسلسل حدث في العراق والسودان وليبيا وسوريا وكان من المقرر أن يشمل مصر المحروسة من خلال جماعة الإرهاب الإخواني.. ولكن الله سلم واستطاع الشعب المصري أن يقضي علي بذور الفتنة العميلة. إن هذه الاحداث المأساوية التي اصبحت تعيشها المنطقة العربية تعود بدايتها المدمرة الي التحالف الغربي الدولي الذي زرع إسرائيل في المنطقة العربية وعمل جاهدا ومتآمرا علي اضفاء الشرعية علي عملية سطوها واستيلائها علي الوطن الفلسطيني وتشريد شعبه. في هذا الإطار يمكن القول إن كل مشاكل الشرق الاوسط وامتداد خطرها ليهدد أمن وسلام العالم ومن بينها الدول الغربية نفسها كانت محصلة لبذور الشر التي قامت بزراعتها اعتقاداً بأنها تخدم مصالحها وتلبي متطلبات احقادها واطماعها. تولدت عن هذه المشاكل حالة تضخم للخطر الارهابي الذي ليس له صاحب أو صديق تمثل ذلك في امتداد سرطانه إلي الدول التي كانت وراء ظهوره. إذن وبناء علي سير الاحداث وما تشهده الساحة من تطورات يمكن القول: إن التآمرلتأسيس الدولة الصهيونية والافتئات علي الحقوق العربية المشروعة كانا وراء ظهور تنظيمات الارهاب التي عمد الغرب علي استقطابه لخدمة مصالحه دون إدراك لتداعيات هذه السياسات. وتأتي النتائج التي تحققت من وراء مخططات التآمر الغربي وما تولد عنها من صراعات وحروب دموية راح ضحيتها مئات الآلاف في عدد من الدول العربية.. برزت كارثة اللاجئين الساعين إلي الهرب من هذا المصير عندما اندفعوا بمئات الآلاف طلبا للجوء الي الدول الأوروبية مما أدي الي غرق اعداد كبيرة منهم في البحر المتوسط الذي يفصل العالم العربي عن أوروبا. اقتحام هؤلاء اللاجئين لاراضي الدول الأوروبية وما يشاع عن التأثيرات السلبية لتواجدهم السلبي علي التركيبة السكانية في هذه الدول تحول إلي كارثة انسانية وسياسية بكل المقاييس. وهكذا أراد الله ان تعاني الدول الأوروبية حليفة التآمر الأمريكي من الآلام التي قاموا بارسائها في الدول العربية للقضاء علي امنها واستقرارها وسيادتها تحت مسمي ثورات الربيع العربي التي اعتمدت علي نشر الفوضي الخلاقة. هذه الثورات لم تكن سوي خراب ودمار للوجود العربي. وفي لحظة تجل وانحياز للحقيقة التي كانت مصدرا لكل المصائب جاء الاعتراف المثير لديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا الدولة التي كانت وراء وعد بلفور الذي خطط لقيام الدولة الاسرائيلية. قال هذا المسئول البريطاني في تصريحات منشورة حول ازمة اللاجئين التي تهدد أوروبا وكذلك انتشار ظاهرة الارهاب وخطورتها بأن اسباب ذلك يعود الي عدم اقرار السلام في الشرق الاوسط. هنا يأتي الرد عليكاميرون بأن درء هذه الاخطار التي تحدث عنها كانت من نتاج اخطاء دولته ومعها كل الدول الأوروبية. ان مواجهة هذه الازمة التي بررها بتصريحاته.. ليست مرهونة بإقامة أي سلام وإنما لابد ان يكون هذا السلام عادلاً ومتوافقاً مع الشرعية وكل المواثيق الدولية. من ناحية اخري أكد الرئيس الروسي بوتين ان اخطاء الغرب في الشرق الاوسط وفي شمال افريقيا تعد لب المشاكل التي تعاني منها هذه المنطقة. في هذا المجال أقول: إن ما يتعرض له الأوروبيون حالياً من تهديدات بواسطة الارهاب واعباء موجات اللاجئين إنما يدخل فينطاق جني ثمار ما زرعت أيديهم.