جميع أشكال الحياة علي الأرض لها الحق في العيش جنباً إلي جنب، وأن تدمير البشر للطبيعة يؤدي إلي حرمان هذه الأشكال من حقها في الحياة والعيش كما تعد الأخلاق حجر الزاوية في الحضارة والموكل إليها تنظيم علاقة الإنسان بالبيئة وكذلك الأخلاقيات البيئية، حيث يقال في اللغة فلان حسن البيئة أي حسن الحالة، وفي الحديث النبوي: الناس شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار، ويقول حافظ إبراهيم شاعر النيل: وارفعوا دولتي علي العلم والأخلاق فالعلم وحده ليس يجدي.. نحن نجتاز موقفاً تعثر الآراء فيه وعثرة الرأي تردي، وما أبلغ كلمات أمير الشعراء أحمد شوقي: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا. واستشهد خبير فرنسي في القانون البيئي في محاضرةبكلية الحقوق جامعة عين شمس، منذ نحو ثلاثين عاماً مضت بأن مهندس التنفيذ بمشروع إنشائي عملا قرر تغيير برنامج صب الخرسانة لمجرد وجود طائر يبني عشهحتي يؤمن له بيئة طبيعية بديلة، وهذا سلوك بيئيقد سبقه فيه الرسول الكريم (عليه الصلاة والسلام) بتغييره مسار طريق جيش بأكمله في إحدي غزواته حتي ترضع كلبة جراءها في سكينة وهدوء، والعبرة هي تغليب الرحمة العامة وإفشاء أخلاقيات البيئة. تهتم الفلسفة بالسلوك الاجتماعي والأخلاق وكذلك البيئة من ناحية: تحديد الطبيعة والبيئة، كيفية تقييم البيئة،الحالة المعنوية للحيوانات والنباتات، الأنواع المهددة بالانقراض، حماية البيئة والإيكولوجيا العميقة، القيم الجمالية للطبيعة واستعادة الطبيعة، والنظر في مستقبل الأجيال اللاحقة، ولما كانت الأخلاقيات البيئية تعتني بتوسيع الحدود التقليدية لأخلاق البشر تجاه الحفاظ علي العالم وحماية البيئة من التلوث، فهي ذات علاقة وثيقة بالكثير من العلوم والمعارف كالقانون والفلسفة وعلم الاجتماع والسياسة واللاهوت والاقتصاد والجغرافيا البيئية. وكانت «راحيل كارسون» من علماء البيئة التي قادت إلي النظر في الجانب الفلسفي للمشاكل البيئية، ومن ثم تطوير الأخلاقيات البيئية، وكان احتفال منظمة الأممالمتحدة بيوم الأرض (عام 1970) أحد العوامل التي رسخت ذلك المجال كحقل مستقل من الدراسة والذي نوقش لأول مرة في المجلات الأكاديمية في أمريكا الشمالية وكندا ومعها أستراليا والنرويج. تدرس الأخلاقيات البيئية العلاقة الأخلاقية بين البشر والبيئة، وتؤكد علي البعد الأكثر أهمية في الحفاظ علي الموارد الطبيعية، وأن جميع أشكال الحياة علي الأرض لها الحق في العيش جنباً إلي جنب، وأن تدمير البشر للطبيعة يؤدي إلي حرمان هذه الأشكال من حقها في الحياة والعيش، ويؤكد اضطراب التوازن في الطبيعة مناهضة سلوك البشر للقيم الأخلاقية والمعنوية الحقيقية، حيث تعاني النباتات وأشكال الحياة الحيوانية في المجتمع من سلوكيات غير أخلاقية، لعدم مراعاة البشر واجبات الشراكة مع مختلف الكائنات، وعلي شاكلة ذلك توجد هناك من الواجبات تجاه البيئة. وتهتم السياسة البيئية بجميع أشكالها بتوجيه التفكير الأخلاقي في عدة اتجاهات مختلفة، وذلك لأن الأنظمة الأخلاقية الحداثية تكرس الفردية مركزية الإنسان بشكل واضح، فالمذهب النفعي «الخير» و»الشر» يقوم علي أساس ما يمر به الإنسان من آلام ومتع، وللأفراد أن يتصرفوا بأي طريقة تجلب لهم أكبر قدر من السعادة وأقل قدر من التعاسة، وذلك بموجب أنهم نفعيون من الدرجة الأولي. هكذا يظهر واقع مجتمع العصر الحالي مدي التدهور الأخلاقي وتعطيل القيم التي كانت تميزه، ولعل الحديث عن مظاهر التلوث البيئي، يرجع السبب المباشر في حدوثها إلي الإنسان، ولو أحسن تربيته تربية أخلاقية بمفهومها الشامل لما أقدم علي فعل ذلك، وعليه فالأولي التركيز علي دراسة السبب الأساسي وراء تلوث البيئة قبل دراسة مظاهر التلوث، والسبب المباشر يتمثل في عدم وجود تربية أخلاقية، وبالتالي وجود تلوث خلقي، وبذلك فقد آن الوقت لمشروع قومي يهتم بإحياء حزمة الأخلاق التي تنظم علاقة الإنسان المصري بالبيئة المحيطة علي اختلاف مستوياتها. [email protected]