بعد 18 شهرا تقريبا سوف «يحط» الرجل العنكبوت «سبايدر مان» علي الأرض واضعا نهاية للتحليق في الفضاء.. خالعا الأقنعة وبدلة الطيران.. وخالعا ايضا القدرات الاستثنائية في العمل السري النافذ الي مصادر صنع القرار.. سوف يجلس المهندس هاني أبوريدة علي عرش الجبلاية وجها لوجه مع الواقع بعد أن كان كل تأثيره الطاغي خياليا.. حتي وصل الأمر إلي قوله هو نفسه: لقد جعلوني مسئولا عن «داعش».. وهي مبالغة منه بطريقة الكاريكاتير لكن المعني يظل واحدا وهو أنه كان «سبايدر مان» حقيقيا في أجواء الكرة المصرية يفعل ما يشاء دون أن يراه أحد.. بل ويفعل الأعاجيب بالدرجة التي مكنته من أن يأتي برئيس لاتحاد الكرة كمحلل طويل المفعول لم يكن يعرفه أو يسمع عنه.. قدم أوراقه للرئاسة ونجح باكتساح لكون أبو ريدة هو الذي أمر به دون أن يعرف حتي شكله.. ليس هذا مهما لكوننا تعودنا علي «ألاعيب» الجبلاية منذ أن تأسست في بيئة مراكز القوي في الأندية الكبيرة تقفز فوق اللوائح والقوانين.. والأهم أن أبوريدة (السبايدر مان) سوف يظهر بشحمه ولحمه داخل هذه البيئة وعليه أن يواجهها ويتعامل معها ويتحمل مسئولية أفعالها وأفعاله وهو لا يحب «المبارزة» في الميادين العامة ويفضل شخصية جيمس بوند.. وربما ذلك كان دافعه الأول لرفض مناصب تلامس السياسة. وهنا مكمن الخطر.. لأنه اعتاد دخول المعارك بالوكلاء.. ولديه وكلاء قدامي نفذوا المهام بنجاح.. وسوف يكون له وكلاء جدد سيحاولون تنفيذ المهام.. إلا أن الفارق الأساسي حالة الإجبار والاضطرار أن يكون في صدارة المشهد.. وأن يقول للأهلي لا عندما يضع الأهلي العقدة في المنشار في قضية خلافية.. وأن يقول لرئيس الزمالك لا وهي «لا» شديدة التكلفة.. هناك مغامرة ومقامرة.. أن يكون أو لا يكون.. أن يظل هو النار ولا يضطر أن يكون مجرد دخانها الذي يتصاعد. وأبوريدة كما يقول دائما لا يحب «وجع الدماغ» كان يختار متي وأين يلتقي مع وجع الدماغ.. وبعد قليل سوف يأتي له وجع الدماغ قسرا وغصبا.. صحيح هو اختار قائمة مثل «حبات السبحة» التي يحملها ويلعب بخرزها إلا أن الهروب من المسئولية أصبح مستحيلاً حتي لو اختار أحمد شوبير الرجل القوي في الإعلام لأن شوبير لن يسمح لنفسه أن يكون وكيلاً تقليدياً.. وقد لا توفر الأسماء الأخري حماية حقيقية لأبو ريدة متمثلة في أحمد مجاهد وسيف زاهر وحازم الهواري وكرم كردي وسحر الهواري.. فهي اسماء استنفدت كل التجارب علي مدار سنوات طويلة وما تستطيع أن تقدمه من جديد هو الولاء الكامل لرئيسها وهو ولاء قديم لن يستفيد منه أبو ريدة وهو في صدارة المشهد رغم استفادته الكاملة منه وهو خلف المشهد.. هناك فارق. وحملت إلي هاني أبوريدة مخاوفي من أن تسقط الجبلاية الرجل القوي أو يسقط الرجل القوي الجبلاية لأسباب تخص «جينات» ممارسة قوة الشخصية ما بين أدوات التخفي وأدوات العلن.. وكان تعليقه الأول الأكثر تعبيراً عن الحقيقة عندما قال: «عملت ما عملتش الناس في النهاية بتشتمني».. وينظرون لي علي انني ساحر لدرجة حسسوني إنني مسئول عن داعش!!.. طول عمري ألتزم الصمت.. والأجواء متعبة وصعبة وفي كل الأمور الصعبة يرجعون لي في الجبلاية لأتدخل.. وعندما اذهب إلي أي مكان يسألونني: «هتمد إيدك إمتي؟».. وقررت أن أمد إيدي.. وعندي رغبة في التطوير.. كفاية كدة.. لازم يبقي فيه نقلة نوعية..هذا كلام جميل وهو ضمن «حزمة» تصريحات تصاحب دائما كل وافد جديد لموقع قيادي.. حزمة معتادة من الوعود «المرصوصة» في ترتيب جميل ودقيق عندما نتعامل مع الواقع تتبعثر.. لكن أبو ريدة يتعهد بألا تتبعثر.. ويتعهد ايضا بألا يحترق أو يحرق الجبلاية بتأثير النقلة الجبارة من السباحة في الفضاء كالأطباق الطائرة وبين السير علي الأرض فوق الأشواك والمطبات والألغام..وبما أن الحالة تقترن اكثر بالطبيعة الشخصية.. سألت أقرب المقربين اليه المهندس خالد عبدالعزيز وزير الشباب والرياضة.. وبقوة ملاحظته الاستثنائية المعروفة عنه ألمح إلي أخطر الملفات القادمة وهي العلاقة مع المونديال.. وقال إن أبو ريدة أمامه رهان كبير واختيار عظيم وهو التأهل لمونديال روسيا ثم ما سوف يتبع ذلك من طموحاتنا الدولية وبحكم المعرفة الشخصية به لن يكون سهلا عليه الفشل في ذلك خاصة لو كان باكورة التحديات.. أما علي مستوي التحدي الداخلي وسط بيئة شديدة الخصوصية تتراجع فيها سيادة الجهة الشرعية لكرة القدم.. يؤكد الوزير أن أبو ريدة يملك قدرة هائلة علي الإحتواء.. هو موهوب في ذلك.. سوف يحتوي الأهلي ويحتوي الزمالك.. سوف يخترق ويواجه ولن يختل توازنه من جراء التحول من الفضاء إلي الأرض.. وسيساعده علي ذلك ولاء المجموعة التي معه.. وولاؤها له كامل مكتمل. ويبقي الرجل الذي تنتظره «دراما» كبيرة في هذا العهد الجديد.. أحمد شوبير.. ما رأيه؟.. هو يؤكد أن الوضوح «عكس الغموض» فصل الخطاب.. عندما يكون المهندس هاني أبو ريدة واضحا في سياساته ونشاطه الإعلامي وتشكيل لجانه وتحديد الاختصاصات وفض الاشتباك بين الوظائف والمهام وتوفير آليات عمل لبرنامج محدد وصريح علي المستويين الداخلي والخارجي يكون قد امتلك فرصة كبيرة للنجاح.. وفي هذه الحالة لن يشعر بمشاكل أو صعوبات في انتقاله من طبيعة عمل الي طبيعة أخري أو كما يقول من الفضاء الي الأرض.. وأنا -والكلام لشوبير- كنت المنافس الأوحد له علي رئاسة الاتحاد لكنني طواعية وافقت علي أن أشاركه المسئولية كنائب بشرط أن يكون كل شيء واضحا وأن يعرف كل عضو في الاتحاد ماله وما عليه.. وهو يملك الخبرة والكفاءة لأن يصنع حالة نجاح في الجبلاية لتسيطر علي البيئة المحيطة بها لا أن تظل مسيطرا عليها من الأندية والمؤسسات الأخري.