مني اليمن علي مدي العقود الثلاثة الماضية، بقيادات قبلية وطائفية متآمرة هدفها المصالح الانانية، وبدلا من تحقيق مقولة اليمن السعيد كان هدفهم انسانا يمنيا تعيسا، مخدرا بالقات مليئا بالخلافات. أذكي علي عبد الله صالح - منذ هبوطه علي مقاليد الحكم حتي خلعه - نعرات الانقسام بين القبائل وبين القوي السياسية، بل وبين دول عربية، سيطر علي الجيش اليمني باسناد المناصب القيادية لابنائه وأبناء قبيلته، وأحكم السيطرة علي المدن اليمنية ليصبح ولاؤها له، لعب لعبة الافاعي مع جيرانه الخليجيين رغم وقوفهم معه ومساندتهم له، وعض الايادي التي امتدت له، وظلت أحلامه التآمرية وأطماعه في التوسع والغدر بلا حدود. ففي الوقت الذي وقفت فيه السعودية بجانبه مدعمة للخطط التنموية باليمن بالمليارات، واستضافت الملايين من اليمنيين علي أراضيها تجارا وعمالا وعاملتهم معاملة ابنائها، تآمر مع الأحمق صدام حسين بتأسيس مجلس التعاون العربي الذي ضم الاردن ومصر، بهدف تحقيق مآربه باقتطاع أجزاء من الاراضي السعودية المتاخمة لليمن وضمها إلي مملكته التي يطمح لتأسيسها، وعندما احترق بنيران المتظاهرين اليمنيين المطالبين بخلعه لم يجد سوي الشقيق السعودي طلبا للاستشفاء في مشافيه المتقدمة وتم له ما أراد. وفي الوقت الذي وقفت فيه الكويت بجانبه ببناء جامعة الكويت علي الارض اليمنية وعشرات المستشفيات والمدارس، انحاز لغزو الكويت ووقف مؤيدا للفعلة الشنعاء لصدام في احتلالها، ورغم ذلك تناست دول الخليج العربية مواقفه التآمرية واستجابت لطلبه بالانضمام لعضوية مجلس التعاون لدول الخليج العربية بصفة مراقب ومنحت اليمن فترة عشر سنوات لتوفيق أوضاعه لحصوله علي العضوية. وعندما هب الشعب اليمني بالملايين مطالبا بخلعه، طرحت دول الخليج مبادرة لخروجه بكرامة سليما معافي، مع بقائه في اليمن، لكنه لم ينس أطماعه وأحلامه في السلطة، ونكاية في دول الخليج ووفاء لموقفها معه تحالف مع الحوثيين المدعومين من ايران لاحداث فوضي عارمة في اليمن وتفكيك مفاصله والانقلاب علي الرئيس الشرعي منصور هادي، وليمنح ايران الفرصة الذهبية لاستكمال تطويق دول الخليج بعد احتلالها لسوريا والعراق ونفوذها القوي في لبنان، ولتطل علي البحر الاحمر متحكمة في مضيق باب المندب وتهديد الملاحة الدولية فيه والتأثير علي قناة السويس. لم يكن بمقدور الحوثيين وحدهم اجتياح اليمن بهذا الشكل لولا عون القوات الموالية لهم، وبات الوضع يمثل تهديدا خطيرا للمنطقة في ظل عتاد ايراني مكثف، ووسط هذا التوتر رفض الحوثيون وصالح فكرة الحوار بالرياض، فما كان من عاصفة الحزم العربية والدولية الا أن تهب علي الافاعي لتعيد الاوضاع إلي وضعها الطبيعي.