صحوة وطن .. وتنصيب زعيم أغرورقت عينا الرئيس عبدالفتاح السيسي وهو يلقي كلمته الختامية أمس في مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري. هذه هي المرة الخامسة التي أري فيها الدموع في عيني السيسي. أول مرة كانت في صالون مكتبه بالقيادة المشتركة في الأسابيع الأولي التي أعقبت ثورة 25 يناير، وهو يطالع عبارة «أيها الشعب الأبي» في مشروع بيان مقترح صدوره عن المجلس الأعلي للقوات المسلحة. المرة الثانية كانت في صالون مكتبه كوزير للدفاع بمقر الأمانة العامة، بعد 21 يوما من قيام ثورة 30 يونيو، وهو يتحدث في لقاء خاص غير مخصص للنشر عن شعب مصر العظيم الصابر. المرة الثالثة.. كانت في نفس المكان بوزارة الدفاع في شهر أكتوبر 2013، بعد الثورة بأربعة أشهر، وكان لقاءً صحفيا مطولا، سألته فيه عن أول من التقي به بعد إلقائه بيان 3 يوليو، وأجاب إنها والدته التي لم تسعفها ظروفها الصحية في إدراك تفاصيل ما يجري، لكنها استشعرت بقلب الأم شجون ابنها الحبيب، فدعت له بالنصر والسداد.. لحظتها كادت الدموع تطفر من عيني الرئيس. في مرة تالية، قبل التصويت علي انتخاب رئيس الجمهورية.. دمعت عيناه وهو يتحدث عن أهلنا وناسنا أبناء مصر البسطاء الذين عاشوا طويلا في انتظار من يحنو عليهم، وسألته: معروف عنك أنك تملك شجاعة الإفصاح عن دموعك.. فرد قائلا: لست أعز من الرسول محمد صلي الله عليه وسلم الذي كان يبكي ولا يخفي دموعه. يوم أمس.. كانت المرة الخامسة، استهل الرئيس كلمته إلي ضيوف المؤتمر قائلا: «عايز أكلمكم عن بلادي، عن مصر، ناس افتكرت إن بلادي ماتت، مصر ربنا خلقها علشان تعيش». شاهدنا دموع التأثر في عيني الرئيس، وهب كل من في القاعة مصريين وأجانب واقفين يصفقون، امتلأت أعيننا بالدموع، ومعظمنا بكي، لكنها كانت دموع الفرح وكان بكاء الفخر والعزة. ■ ■ ■ أمس.. كان يوم تنصيب جديد. في الثامن من يونيو 2014.. ألقي السيسي خطاب تنصيبه رئيسا للجمهورية، بعد ان حمله الشعب حملا علي الترشح ثم حمله إلي مقعد الرئاسة. وفي الخامس عشر من مارس 2015.. ألقي السيسي خطاب تنصيب آخر، لزعيم، حملته الجماهير في قلوبها ووضعته في حبات عيونها. قالت لي مستثمرة إيطالية بعد الخطاب: هذا الرجل له كاريزما غير طبيعية، انه ساحر. وقال لي سفير الهند أرض الزعامات: انه رجل بالغ التأثير. خرجنا من القاعة نتبادل التهنئة صحفيين، مسئولين، فرق عمل، رجال أعمال، وشبابا.. ليس علي نجاح المؤتمر وقد كان مبهرا، لكن علي هذا الرئيس الذي انتظرناه، وكنا نظنه «جودو» الذي لا يأتي، غير انه جاء من بيننا ومن نبت هذه الارض الطيبة، أتي ليشحذ العزائم، ويستنهض الهمم، يستحث فينا الإرادة، ويلهب الحماس. روي السيسي كيف جاءت بعثة يابانية إلي مصر منذ 150 عاما لتتعلم، وبعثة كورية منذ 50 عاما لتدرس، ثم قال: «الآن مصر تستيقظ»، لتشتعل القاعة بالهتاف: «تحيا مصر»، وحين ردد البعض هتاف: «يحيا السيسي»، قاطعهم قائلا: «تحيا مصر وماحدش تاني».. واضاف: «مصر هي التي علمت الدنيا وحتعلمها مرة ثانية». ■ ■ ■ طموح، وثاب الروح، هذا الرجل. يعطينا القدوة في العمل بل الكفاح، ويطلب منا أن نزيد سرعة الإيقاع مئات بل آلاف المرات. صريح ايضا.. يقول إن ما جري إنجازه خلال الشهور القليلة الماضية كثير، ويعترف بأنه لم يظهر بعد للناس، لأن ما نحتاجه أكثر. عزيز النفس.. يقول إن المصريين عندما أرادوا أن يغيروا، قاموا بالتغيير في 25 يناير ثم في 30يونيو، ولو أرادوا مرة ثالثة سوف يغيرون. لكني لا يمكن أن أنتظر حتي يحدث هذا. ■ ■ ■ سوف يغير المصريون للمرة الثالثة لكن بك ومعك، سوف يغيرون وجه الحياة علي أرض بلادهم. لن نترك قوة الدفع الهائلة التي اكتسبناها تتبدد هباء، ولن نتركك وحيدا تصرخ في البرية. سيصبح الخامس عشر من مارس، يوم انطلاقة الثورة الثالثة، ثورة بأنفسنا، علي أنفسنا، ومن أجل أنفسنا. ثورة بناء الدولة الحديثة التي طالما حلمنا بها. فلتدمع عيناك أيها الزعيم في لحظات التأثر وأيام الفرحة، لقد سئمنا الوجوه الشمعية والقلوب المتجمدة وأنصاف الآلهة ممن هم دون البشر.