تابعت باهتمام بالغ قضية محافظ الإسكندرية (هاني المسيري) الذي حل محل اللواء/ طارق المهدي والذي تولي في ظروف حركة المحافظين الأخيرة والتي أخذت شهورا في الإعداد تعكس البطء في اتخاذ القرار. فهذه القضية التي تفجرت تعكس محدودية كفاءة المحافظ وسيطرة الثقافة الأمريكية عليه لدرجة أنه أراد لفت الأنظار إليه باتاحة الفرصة لزوجته بمشاركته في أعماله التنفيذية، وتدخلها في شئون المحافظة، وحضورها اجتماعات رسمية . ويبدو أن ضعف الاختيار لبعض المحافظين، أوقع الحكومة في محافظ يحمل جنسية إضافية علي جنسيته المصرية، وهي الجنسية الأمريكية، دون إدراك لمخالفة ذلك للدستور باعتباره صاحب قرار موقع تنفيذي وممثلاً لرئيس الدولة في محافظته. وقد كان ممكنا أن يتم غض البصر عن جنسيته الأمريكية التي لم تكن معروفة إلا أن سلوك زوجته التطفلي علي السلطة التنفيذية والشعبية للمحافظ، وصل إلي حد مشاركته الفعلية في القرار والسلطة في داخل محافظة الإسكندرية، الأمر الذي فجر معرفة تاريخ هذا الرجل واكتشف انه حامل للجنسية الأمريكية، فاضطر أن يقول أنه أبلغ الحكومة بذلك قبل توليه ليضع الحكومة في مأزق حقيقي، أي انها اختارته عن عمد وتتحمل هي التبعات الأمر الذي يثير شكوكا في اختيارات الأجهزة، والحكومة. من جانب آخر تفجرت قضية تضارب المصالح وتعارضها في هذا الموضوع، حيث أعلنت السيدة/ نعمة عبدالعاطي (رئيس جهاز أملاك الدولة بالإسكندرية)، عن إقالة محافظ الإسكندرية الأمريكاني لها، علي خلفية رفضها التفريط في قطعة أرض ترغب القنصلية الأمريكية في ضمها إليها، حيث أن المحافظ أمرها بانهاء الموضوع لصالح الأمريكان، فرفضت، فأقالها، علي الرغم من نفي المحافظة بضم هذه الأرض للقنصلية بحجة أن عليها نزاعا دون تفاصيل تؤكد أسباب إقالة هذه السيدة، وانحياز المحافظ للقنصلية الأمريكية التي تتبع بلاده الثانية وهي الولاياتالمتحدةالأمريكية!! وهذه قصة عملية مهداة للمشايعين بأحقية مزدوجي الجنسيتين من الترشح ومن تولي المناصب التنفيذية، فعند الحسم ينحازون إلي جنسيتهم الحقيقية وهي الجنسية الأجنبية عادة، فمحافظ الإسكندرية الأمريكاني انحاز للمصلحة الأمريكية علي حساب مصلحة شعبه وبلده الأصلي مصر، ففيما أذن أساس شرعيته، وأساس وجوده السياسي؟! وقد تصرفت الحكومة بنعومة في هذا الموضوع، حيث كلف رئيس الحكومة وزير التنمية المحلية بالتأكد والمتابعة لمدي وجود زوجة المحافظ في الاجتماعات وفي الأعمال التنفيذية وغيرها!! وكأن كل ما ينشر ويذاع يعد أمرا ثانويا ولا يمثل أولوية لدي الحكومة! لقد بادرت بعض القوي النشيطة سياسيا برفع دعوي قضائية تطالب بعزل محافظ الإسكندرية الذي يمارس دور العمدة الأمريكاني، والتعالي علي الشعب المصري!! باعتبار ان الحكومة تتصرف في الموضوع ببرود شديد دون غيرة سياسية علي الوطن ومصالح المواطنين. لقد انتهي عهد «البرود السياسي» من جانب الحكومة والرئيس الذي كان سائدا في عهد مبارك 30 سنة، والذي كان يعتبر البلد عزبته يتصرف فيها كما يشاء.. الأمر الذي أدي بتزايد تراكمات الغضب السياسي الشعبي إلي الثورة عليه وخلعه!! لقد انتهي عهد «الصمت والتآمر» علي مصلحة الشعب المصري، حيث لا يجوز أن تتاح الفرصة لأحد الأشخاص مهما كانت كفاءته ويحمل جنسية بلد أن يتولي منصبا تنفيذيا في الحكومة المصرية (وزيرا أو محافظا أو رئيسا لأي مصلحة أو مؤسسة كبري) فهذه جريمة سياسية وقع فيها من فعلها بحسن نية أو بغير ذلك فقد كانت حكومات مبارك تتآمر علي الشعب بالصمت والتدليس، حيث سمحت لوزراء يحملون جنسيات أخري (ايطالية، وألمانية، وفرنسية، وكندية، وأمريكية) للدخول للحكومة وهم من رجال الأعمال، وسمحت لهم بدخول البرلمان وتسترت عليهم رغم حظر ذلك بحكم المحكمة الإدارية العليا، علي خلفية أن «الدفاتر دفاترنا والأختام معانا»!! وبالمناسبة كنت دائم الكشف عن ذلك واستفسرت كثيرا من حكومة نظيف المتآمرة والفاسدة، وهي حكومة رجال الأعمال والأغنياء!! في ضوء ما سبق، أطالب رئيس الدولة بإقالة محافظ الإسكندرية فورا، علي خلفية أنه يحمل الجنسية الأمريكية، وقبوله تدخل زوجته في الأعمال التنفيذية بالمخالفة للدستور والقانون والأعراف والتقاليد المصرية، وباعتبار أنه تصرف كأنه عمدة لإحدي الولاياتالأمريكية وليس محافظا للإسكندرية العريقة، فغلب التطبع، علي الطبع فاستحق العزل، مع محاسبة من رشحوه وأتوا به وأوقعوا الحكم في مأزق.