عم توادرس : المهنة اوشكت على الانقراض مهنة قد يظن البعض انها اندثرت,بعد ان حلت الماكينة محل الإنسان في كل شئ , فلا يتوقع احد ان هناك من يستطيع ان يصنع الحذاء الذي تريده تفصيلا , بل ويكون لك مطلق الحرية في اختيار الموديل الذي يناسبك والمقاس الذي تريده بل ونوع الجلد. عم توادروس منصور صاحب محل لتفصيل كافة انواع الأحذية رجل يتعامل مع مهنته كفنان., فهو يتمتع بدراية كاملة بكل تفاصيل تفصيل الحذاء ومايحتاجه ليكون اكثر راحة لصاحبه. حين تدخل عليه تجده يفترش عدته حوله وتراه وهو يمارس عمله دقيقا شديد التركيز حتي يخرج الحذاء من بين يديه تحفة فنية تبهر صاحبه. الحذاء بالنسبة له صديق قديم ومصدر رزق دائم منذ أن ألتحق بالمهنة طفلا مع والده وحتي اصبح في الستين يكسو الشيب رأسه : استطاع بمهنته البسيطة ان ينبت اربعة ابناء صالحين جميعهم مؤهلات عليا باستثناء ابن واحد , مثلما ورث مهنته عن والده وجده ورثها ايضا لابنه الأكبر الذي دائما مايسانده في عمله. عم توادرس يعمل بتفصيل الأحذية منذ اكثر من 53 عاما تحدث عن مهنته قائلا « احببتها كثيرا بعد ان سجلت عيني تفاصيلها إثر الجلوس بجانب والدي منذ ان كنت طفلا ، وقد كان المجال مفتوحا امامي لان اعمل بأي مهنة اخري.لكني رفضت التخلي عن هذه المهنة التي لم يعد حريصا علي اقتناء احذيته منها سوي اصحاب الذوق الرفيع الذين دائما مايسعون لأن تكون مقتنياتهم لا تشبه الجميع ، او اصحاب المقاسات الكبيرة الذين يلجأون لنا اضطرارا حيث لا بديل لهم في في المحلات المختلفة , مضيفا: تمر صناعة الحذاء اليدوي بثلاث مراحل تبدأ بأخذ المقاس ثم تجهيز مكونات الحذاء يدويا وهي « الباطس ، والنعل , والجلد » حسب المقاس ثم تأتي مراحل التوضيب ثم التثبيت بالماكينة وهي اخر مرحلة ،موضحا « أنه فضل العمل بتفصيل الأحذية الرجالي اكثر من الحريمي فقد كان والدي يعمل بالنوعين ولكني اكتفيت بتفصيل الحذاء الرجالي حيث انني اجيد تفصيله اكثر راحة من الحذاء الحريمي » . ووسط صوته المتلهف لسرد رحلة عمره مع تفصيل الحذاء, صمت بضع ثوان ثم استطرد بنبرة اكثر هدوئا وأقل حماسا : اكثر مايحزنني هو ان هذه المهنة اوشكت علي الإنقراض فالاجيال الجديدة تهرب منها , وبالرغم من جودة الحذاء المصنوع يدويا وحسن مظهره وسعره المناسب مقارنة بالجاهز إلا ان من يقبل عليه الآن قليل. فالزبون فيما يبدو حاليا يستسهل ولم يعد يهتم بالتميز والجودة والذوق العالي !